غوانغ زيهو.. منطقة في الصين تشهد معركة بين آكلي القطط ومحبيها

صائدو القطط عاطلون عن العمل ويتقاضون دولارا ونصف الدولار مقابل القطة الواحدة

TT

وقفت القطة الرمادية ذات العينين البنيتين والأنف الأبيض الصغير، في قفص معدني يغص بالأرانب وطيور الحمام والبط، بجانبها دلو مملوء بالسلاحف والعقارب، في متجر ضيق يبدو أشبه بحديقة حيوانات. سواء كانت تلك الهرة ذكرا أم أنثى، كبيرة أم صغيرة، فلا أحد يكترث. أكثر ما يهمهم هو وزنها الذي يبلغ ستة أرطال ونصف الرطل. وبعد عملية حسابية سريعة، عرض البائع بيع القطة بتسعة دولارات. وقال مشيرا إلى غرفة مليئة بالدماء: «سوف نقطعها لك هنا في الخلف إن أردت». هذا المشهد يعتبر مألوفًا في محلات الجزارة في غوانغ زيهو، عاصمة إقليم غوانغ دونغ، والذي كان يعرف من قبل بـ«كانتون». وعلى الرغم من شهرة الطهي الكانتوني في العالم، إلا أنه مشهور في الصين بأنه أكثر غرابة في المطبخ الصيني، حيث توجد أنواع متعددة من اللحوم في طبق العشاء. ويقول المثل الشائع إن الكانتونيين يأكلون كل ما يدب على الأرض أو يزحف أو يطير أو يثب. غير أن الصينيين الآن بدأوا في اتخاذ موقف موحد بأن أكل القطط أمر مقزز. وكانت لافتات كتب عليها «القطط أصدقاؤنا وليست طعامنا»، قد رفعت خلال المظاهرة التي حدثت في محطة قطارات غوانغ زيهو، حيث كان المتظاهرون يحاولون اعتراض شحنة من القطط. أنشد المتظاهرون في مظاهرة أخرى أقيمت في مكتب بكين للحكومة المحلية في غواندونغ: «عار على غواندونغ». وتؤكل الكلاب في أماكن عديدة في الصين، لكن غواندونغ هي الوحيدة التي لا تزال تأكل القطط، ومن العسير أن ترى في شوارعها قططا ضالة، والكثير من القطط التي تقدم هنا تأتي من الشمال.

وتشير منظمة «ذا سمول أنيمال بروتكشن أسوسيشن» إلى أن إحدى الشركات التي تتخذ من غوانغ زيهو مقرا لها، تمسك بأكثر من 10 آلاف قطة يوميًا من مناطق متفرقة في الصين، وصائدو القطط هم عاطلون عن العمل يستخدمون شباك الصيد في صيدها ويتقاضون دولارا ونصف الدولار مقابل القطة الواحدة.

ويقول زياو مينغ، الطبيب الذي يبلغ من العمر 55 عامًا، والذي كان من بين المتظاهرين في بكين: «لقد أكلوا كل القطط التي لديهم، ويسعون الآن للحصول على قططنا. لن يسمح الناس أن يتركوا قططهم تخرج إلى الشوارع».

وقد ازدهرت تجارة القطط في السوق السوداء الصينية. وتتردد الشرطة في توجيه اتهامات بالسرقة إلى صائدي القطط لأن غالبية القطط لا تعيش في المنازل ولا يقتنيها الصينيون وإنما يطعمونها ويعتنون بها. وفي غيبة تصرف الشرطة، يحاول محبو القطط تولي الأمر بأنفسهم. وعندما نما إلى مسامع الناشطين في شنغهاي، في أغسطس (آب)، أن شاحنة محملة بالقطط ستمر بالقرب منهم في طريقها إلى غواندونغ، بدأوا في نصب كمين لها، ثم اعترضوها في الساعة 11 مساءً في السوق عندما توقف السائق في السوق لكي يستريح وحاولوا شراء القطط. وعندما رفض السائق، امتدت استراحته لما بعد ظهر اليوم التالي، وخلال نقاش الناشطين مع السائق ورجال الشرطة، فتح آخرون مؤخرة الشاحنة وأطلقوا سراح 1600 قطة، ووجدت 300 أخرى ميتة. وأصبح أكل القطط غير مرغوب فيه اجتماعيًا بالنسبة للكثير من الصينيين. وكان التحقيق الذي نشرته صحيفة «سازرن متروبوليتان ديلي» التي تصدر في غوانغ زيهو عن بيع القطط، قد أدى إلى اندلاع المظاهرات الأسبوع الماضي. وقد امتلأت المواقع الإلكترونية الصينية بصرخات الاستهجان. وكتب أحد الأشخاص في واحد من تلك المواقع: «مواطنو غواندونغ أكثر الفصائل البشرية همجية، فهم على استعداد لأكل أمهات نسائهم إن لم يكن هناك قانون».

وكان النزاع على أكل القطط قد تجاوز الحدود المسموح بها في المجتمع الصيني، فبين أبناء الطبقة المتوسطة الصينية التي تنتهج الأسلوب الغربي تسود ثقافة حب القطط وليس أكلها، والقيود على حجم وعدد الكلاب التي يمكن للفرد اقتناؤها سهلت الطريق أمام القطط لتكون الحيوان الأليف الأشهر في المدينة. غوانغ زيهو مدينة ذات كثافة كبيرة حيث لا يوجد بها مكان لكي يطلق سراح القطة، وبدا وكأن ذلك الصف من الشقق التي تجاور إحدى قطع الأراضي الخالية مكانًا مناسبًا لذلك. مشت القطة بهدوء وسكينة لتجلس تحت شجيرة. قالت إحدى السيدات اللاتي تجمعن حول القطة «نحن بحاجة إلى قطة. هناك فئران في هذه الأرض الخالية». كانت لهجة السيدة تدل على أنها أتت من المناطق الشمالية، والكثيرون من القاطنين في هذا الحي من العمال المهاجرين الذين قدموا إلى غواندونغ، وهم لا يأكلون القطط. ولا يمكننا أن نأمل إلا حدوث التقدم نحو الأفضل.

* خدمة لوس انجليس تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»