الصومال: الرئيس الانتقالي ورئيس حكومته الجديد سيعلنان استقالتهما رضوخا للضغوط

خاطفو سفينة الشحن الأوكرانية يهددون مجددا بإغراقها إذا فشلت مفاوضات الفدية

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الصومالي عبد الله يوسف سيعلن استقالته أمام البرلمان الصومالي في معقل سلطته الانتقالية بمدينة بيداوة الجنوبية خلال اليومين المقبلين، رضوخا لضغوط افريقية وأميركية، واضعا حدا للأزمة الدستورية والسياسية العاصفة التي اندلعت بينه وبين كل من رئيسي البرلمان عدن مادوبي والحكومة العقيد نور حسن حسين (عدي).

والتقى الرئيس الانتقالي أمس مع رئيس وزرائه الجديد محمد محمود جوليد (جعمديري) في مدينة بيداوة، حيث أبلغه رسميا بقرار الاستقالة، وأنه سيجتمع اليوم مع عدد من أعضاء البرلمان المؤقت لإبلاغهم الأمر نفسه. ومن شأن استقالة يوسف وجعمديري وضع حد للخلافات العاصفة التي سادت ترويكا السلطة الانتقالية، فيما أعربت الجامعة العربية عن أسفها لهذا القرار، وأعلنت عن أملها على لسان السفير سمير حسني مسؤول الصومال في أن تؤدي الاستقالة إلى تعزيز المصالحة والاستقرار في هذا البلد.

وفي تفسيرها لقرار استقالة يوسف قالت مصادر مقربة منه إنه بات مقتنعا بأن الوضع الإقليمي والدولي تحول ضده وأنه لن يكون بمقدوره استمراره في منصبه والتعايش مع رئيس حكومة يرفضه العالم. وكان الجنرال موسى عدي رئيس إقليم بونت لاند، الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998، ويعتبر حليفا وثيقا للرئيس الصومالي قد لمح لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي أمس إلى احتمال استقالة عبد الله يوسف. وقال الجنرال عدي: «انتظروا خبرا مهما خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة»، لكنه رفض تقديم أية إيضاحات.

وقالت مصادر صومالية رفيعة المستوى إن وزير الداخلية الصومالي الأسبق جعمديري الذي لم يتسلم مهام منصبه كرئيس للحكومة الانتقالية بسبب رفض العقيد نور عدي التخلي عن منصبه والتمسك بإعلان البرلمان منحه ثقته الأسبوع الماضي، سيعلن هو الآخر استقالته قبل إعلان الرئيس لها.

وكشفت المصادر النقاب عن أن جعمديري اقترح على يوسف التنحي طواعية عن منصبه لتفادي المزيد من الانقسام داخل ترويكا السلطة الانتقالية (البرلمان والحكومة والرئيس) وتجنيب البلاد ويلات حرب أهلية جديدة. وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن يوسف الذي عاد لتوه من زيارة خاطفة إلى العاصمة الكينية نيروبي حيث التقى هناك جينادي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، قد قرر فعليا الاستقالة من منصبه وانه أبلغ عددا محدودا من المقربين منه بفحوى هذا القرار المفاجئ. وعلمت «الشرق الأوسط» أن يوسف التقى أول من أمس جينادي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية بمطار العاصمة الكينية نيروبي بدلا من مقر السفارة الأميركية هناك، عقب لقائها مع نور عدي، قد يتجه لاحقا إلى تنزانيا التي تترأس الدورة الحالية لقمة الاتحاد الأفريقي أو أوغندا.

وتولى يوسف منصبه في أكتوبر(تشرين الأول) عام 2004 لكنه قرر عمليا التخلي عن معقله كرئيس للسلطة الانتقالية قبل نحو تسعة شهور من انتهاء ولايته الأولى لمدة خمس سنوات بحلول شهر سبتمبر(أيلول) من العام المقبل.

وبات مستقبل الرئيس يوسف على المحك بعدما ان اتخذ اجتماع طارئ عقده وزراء خارجية دول منظمة إيقاد أخيرا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قرارا أيدته لاحقا جينادي فرايزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية بشأن فرض عقوبات على يوسف وحاشيته إذا لم يتراجع عن قراريه بإقالة رئيس الحكومة السابق العقيد نور حسن حسين (عدي) من منصبه وتعيين وزير الداخلية الأسبق محمد محمود جوليد (جعمديري) مكانه.

وقالت مصادر صومالية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن يوسف الذي فوجئ بقرار منظمة إيقاد قد أعرب عن اندهاشه كون المنظمة الإقليمية قد اختارت الانحياز لغريمه عدي، وليَ الحقائق، مؤكدا أن «جلسة البرلمان المثير للجدل والتي شهدت حالة من الهرج والمرج غير دستورية وبالتالي فان ما بني على باطل فهو باطل وفقا للقاعدة الفقهية والدستورية المعروفة». وكشف محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي الذي شارك في اجتماع وزراء خارجية إيقاد لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن العقوبات المقترحة بحق الرئيس الانتقالي وحاشيته قد تشمل المنع من السفر لأية من دول المنظمة التي تضم ست دول بما فيها الصومال، وتجميد أية أرصدة مالية له أو لأحد أفراد عائلته.

وأشار إلى أنه يتعين على الرئيس الصومالي إما التعايش مع رئيس حكومته نور عدي والانصياع لإعلان البرلمان منحه الثقة لعدي في مواجهة محاولات الرئيس الإطاحة به، أو مواجهة خيار العقوبات.

وشدد وزير الخارجية الجيبوتي على أنه ليس لدى يوسف أي خيار آخر، مشيرا إلى أن مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في جيبوتي ستمضي قدما في برنامجها المعهود ولن يسمح لأي شخص أو جهة مهما كان بتعطيلها.

وشدد على ضرورة استباق عنصر الوقت لتفادي حدوث أي فراغ أمني في الصومال الذي يعاني منذ عام 1991 من حرب أهلية وفوضى سياسية طاحنة، قبل تنفيذ القوات الإثيوبية انسحابها الكامل من الأراضي الصومالية التي دخلتها نهاية عام 2006 لمساندة السلطة الصومالية بقيادة يوسف في مواجهة ميليشيات تنظيم المحاكم الإسلامية( آنذاك).

وحذر عبد الله يوسف في تصريحات له من عواقب سحب القوات الإثيوبية من بلاده، مبررا مخاوفه من الانسحاب الإثيوبي بتنامي نفوذ حركة شباب المجاهدين. واعتبر يوسف أنه إذا غادرت القوات الإثيوبية الأراضي الصومالية ولم تتوحد جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتعزيز دور قوات حفظ السلام فإن الصومال سيصبح تحت رحمة هذه الحركة. وهدد بأنه إذا تحقق لحركة الشباب ما تريده فإن ذلك سيشكل تهديدا كبيرا لاستقرار منطقة القرن الأفريقي برمتها. من جهة أخرى، كشفت مصادر قريبة من أجواء المفاوضات الراهنة، لإطلاق سراح سفينة الشحن الأوكرانية التي يحتجزها قراصنة مسلحون قبالة السواحل الصومالية منذ نحو عشرة أسابيع، ان المفاوضات قد انهارت بشكل مفاجئ بعدما هدد القراصنة بإغراق الناقلة التي تحمل على متنها 33 دبابة وعتادا عسكريا متنوعا بالإضافة إلى 25 من بحارتها معظمهم من الأوكرانيين.

وقال مصدر مقرب من قائد مجموعة القراصنة التي تحتجز السفينة لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات عبر هاتف متصل بالأقمار الصناعية، إن القراصنة وافقوا على الحصول على فدية مقدارها 3 ملايين دولار أميركي مقابل إنهاء احتجاز السفينة، لكن الشركة المالكة للسفينة مازالت تماطل في السداد. وكشف المصدر نفسه عن أن حمولة السفينة نفسها غير قانونية كونها تحمل أسلحة غير محدد وجهتها النهائية، مشيرا إلى أن أحد العاملين في طاقم السفينة التي يقال إنها مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي تربطه صلات قوية بتجارة الأسلحة المحرمة وبالمخابرات الإسرائيلية هو فتى في الرابعة عشرة من عمره.

ونقل عن قائد القراصنة قوله: «إن حمولة السفينة في خطر كبير وقد نضطر لإغراقها لضمان عدم تسرب الأسلحة إلى أي طرف خاصة في ظل المراقبة اللصيقة التي تفرضها القطع البحرية الأميركية القريبة من السفينة بالمياه الإقليمية للصومال».