الاستراتيجية الأميركية بأفغانستان.. «معادلة أمنية» تمتد إلى الهند

التوتر الشديد بين إسلام أباد ونيودلهي لا يخدم مصالح واشنطن

TT

أعلن رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة، الجنرال مايك مولن، زيادة عدد القوات الاميركية في أفغانستان الى قرابة الضعف مطلع هذا الاسبوع، ثم اتجه شرقا لتهدئة التوتر بين باكستان والهند. السبب ان هذا كله جزء من نفس المعادلة الامنية. اذا كانت زيادة عدد القوات بارسال ما يصل الى 30 الف جندي اضافي الى افغانستان بحلول الصيف القادم هي التكتيك الذي وقع عليه الاختيار للتغلب على تمرد طالبان هناك، فان الحيلولة دون الاشتباك بين الهند وباكستان هي الاستراتيجية التي تضمن تحقيق السلام في أنحاء المنطقة بأسرها. وقال براهما تشيلاني استاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز أبحاث السياسة في نيودلهي، إن «الزيادة ليست حلا في حد ذاتها. ليس عدد القوات بل الاستراتيجية». وفي الشهر الماضي، أوقفت هجمات شنها متشددون يشتبه أنهم يتخذون من باكستان مقرا لهم في مدينة مومباي الهندية وأسفرت عن سقوط 179 قتيلا، عملية السلام المتعثرة بين نيودلهي واسلام اباد. وفي حين لم يتحرك أي من الطرفين تأهبا لحرب، فان احتمال نشوب صراع لا بد أنه مختمر في الاذهان في وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون وحلف شمال الاطلسي. أحد الاسباب أن هناك مجازفة بأن تحرك باكستان بعضا من قواتها البالغ قوامها 100 الف فرد والمنتشرة على حدودها الغربية مع أفغانستان لتعزيز أمنها على امتداد الحدود مع الهند التي خاضت ضدها ثلاث حروب منذ عام 1947. ومن شأن هذا أن يزيل الضغط عن مقاتلي طالبان المختبئين في الاراضي الحدودية ويخططون لهجمات ضد القوات الغربية في أفغانستان.

وقال حسن عسكري رضوي الاستاذ الجامعي الباكستاني والمحلل السياسي، إن التوتر الشديد بين باكستان والهند لا يخدم المصالح الاميركية. انه يقوض جدول أعمال أميركا للسيطرة على الارهاب، وهذا لن ينجح إلا اذا تم تطبيع العلاقات بين الهند وباكستان. وأضاف تحول انتباه باكستان الآن من المناطق القبلية الى الحدود الشرقية، مما يعني أن طالبان وجماعات مسلحة أخرى تتمتع الآن بمزيد من الحرية، وهذا يعني أنهم يستطيعون الانخراط في مزيد من الانشطة. وقالت فاندا فيلباب براون خبيرة الشؤون الامنية بمعهد بروكينجز، ان باكستان صعدت من مكافحتها للمتشددين لكن ليس بالدرجة الكافية. وأضافت أنها قد تفقد الرغبة في المضي قدما بسبب مومباي. وتابعت قائلة «ستكون يدنا أضعفَ الآن بسبب التوتر بين باكستان والهند. هناك احتمال كبير بأن يفقدوا الرغبة التي تولدت لديهم حتى الآن في الشهرين القادمين». وكثيرا ما يتهم مسؤولون أفغان عناصر بوكالة المخابرات الباكستانية بدعم متمردي طالبان سراً. وتنفي باكستان هذا الاتهام، لكن محللين يقولون ان الكثير من كبار مسؤولي جيشها يرتابون في الصلات بين أفغانستان والهند ويخشون من أن يحاصروا بالهند المعادية من الجانب الشرقي والقوات الافغانية المعادية المدعومة من نيودلهي من الغرب. ولن يؤدي ازدياد التوتر مع الهند الا لتقوية هؤلاء الذين يجادلون بأن مقاتلي طالبان أداة مفيدة تستخدم في السياسة الخارجية. وكتب بارنيت روبين واحمد رشيد في دورية الشؤون الخارجية يقولان: «البعض، وليس الكل، في المؤسسة يرى أن المتشددين المسلحين في باكستان يمثلون تهديداً لكنهم يعتبرونه الى حد كبير تهديدا قابلا للسيطرة نهاية المطاف، وفي كل الاحوال يعد ثانويا بالنسبة للتهديد الذي يمثله جيرانهم الذين يملكون أسلحة نووية». وطلب قائد القوات الدولية في أفغانستان قوات اضافية قبل شن هجمات مومباي، وقبل أن يعلن مولن عن ارسال قوات اضافية تتراوح بين 20 و30 الف فرد يوم السبت بفترة طويلة. لذا ربما كانت زيادة القوات ستحدث في كل الاحوال. غير أن توجه مولن الى اسلام اباد بعد يومين لإعطاء محاضرة لقادة الجيش عن أهمية التعاون مع الهند: «لمكافحة التطرف معاً» ليس صدفة. وأوضح الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما أنه سيتبنى استراتيجية مزدوجة للحفاظ على السلام بين الهند وباكستان وهزيمة طالبان الذين ما زالوا قوة هائلة بعد سبع سنوات من اطاحة القوات التي قادتها الولايات المتحدة بهم من الحكم. وقال دبلوماسي بحلف الاطلسي طلب عدم نشر اسمه: «أوباما أوضح ايضا أنه يرى الوضع في باكستان بدرجة كبيرة من خلال منظور الهند».

وأضاف: «لذا أعتقد أننا نرى الادارة الاميركية بأسرها توجه تركيزاً اقليمياً أوسعَ نطاقاً بكثير، وهذا شيء قيم جدا جدا».