أسواق بغداد تزدحم بالمتسوقين مسيحيين ومسلمين استعدادا لاحتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة

مواطنون يرحبون بقرار الحكومة جعل عيد ميلاد المسيح عطلة رسمية

بابا نويل يوزع هدايا على الاطفال في مدرسة ببغداد أمس (أ.ب)
TT

في سابقة اعتبرها العديد من العراقيين «سابقة خير»، اعلن مجلس الوزراء العراقي ان اليوم سيكون عطلة رسمية، وهي المرة الاولى في تاريخ العراق، يعلن فيها عيد ميلاد المسيح عطلة رسمية اسوة بأعياد المسلمين.

وفسر عدد من العراقيين المسلمين، الذين شاركوا المسيحيين احتفالاتهم امس هذه الخطوة بأنها مثابة اعتذار رسمي عما حصل للمسيحيين في العراق من عمليات قتل وتهجير. وقال فاضل عودة، وهو صاحب محل لبيع هدايا الميلاد في منطقة حي الغدير ببغداد، ان هذا العام يختلف عن الاعوام التي سبقته، فقد كان الاقبال على شراء الهدايا منقطع النظير من قبل المسيحيين والمسلمين على حد سواء، مؤكدا لـ«الشرق الاوسط»، ان مجموع مبيعاته لهذا العام من اشجار الميلاد والهدايا توازي ما باعه خلال السنوات الخمس الماضية. واعتبر اقرار العطلة من قبل الحكومة «بادرة طيبة للوفاق بين المسيحيين والمسلمين، خصوصا بعد ان تعرض المسيحيون في مناطق الموصل الى عمليات تهجير وقتل قبل عدة اشهر».

من جانبهم عبر العديد من المسيحيين عن امتنانهم لمشاركة المسلمين لهم في العيد، عادين العطلة التي منحتها الحكومة بشكل رسمي «تهنئة جميلة». وقال باسل عبد الحي من منطقة الكرادة ان هذا العيد يختلف عن غيره من الاعياد.، لانه شعر بان كل العراقيين يحتفلون معه.

وازدانت الاسواق البغدادية ومنذ ايام باشجار الزينة الخاصة باعياد الميلاد، التي اقبل على شرائها المسيحيون والمسلمون على حد سواء، واعتبر اصحاب المحال هذا العام عاما جميلا لانه عبر عن قمة التلاحم بين كل الاديان، على الرغم من مرور تلك العلاقة بتوترات متعددة. وجاء في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية د ب أ، ان مئات الأطفال في مدرسة ببغداد أوقدوا أمس الشموع وتبادلوا الهدايا إيذانا ببدء الاحتفالات بأعياد الميلاد والعام الجديد، في تقليد سنوي اعتادت عليه هذه المدرسة منذ عام 1963. وحمل بابا نويل الهدايا وهو يتجول في الصفوف الدراسية في مدرسة «الابتكار» الأساسية في بغداد، التي تضم طلبة في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة من المسلمين والمسيحيين، في ظل أجواء من البهجة والأفراح وترديد الأناشيد والأغاني. وارتدى الجميع الملابس الزاهية وحملوا بأيديهم البالونات ودمى بابا نويل وألعابا أخرى عديدة، وتجمعوا حول شجرة عيد الميلاد وهم يرددون أغانيهم. وقالت الراهبة أسماء نائف مديرة المدرسة، «أردنا أن نحتفل، اليوم ليلة الاحتفال بمولد المسيح، ونعيد ذكرى الولادة وخلق أجواء من الفرح عند الأطفال، وكفانا معاناة ونعمل على خلق البسمة والفرحة بدل العنف والأحزان، ونرسم أمامهم مستقبلا لان الأطفال هم مستقبل العراق». وأضافت، «نشكر الله على تحسن الوضع الأمني هذا العام وإننا نعمل على أبعاد الطلبة عن أجواء الطائفية والتحزبية والسياسة، ونخلق بداخلهم الشعور الوطني والانتماء إلى الوطن».

وتأسست مدرسة الابتكار عام 1963، حيث كانت في بدايتها مدرسة مسيحية أهلية اسمها مدرسة ماريو حنا الحبيب تابعة إلى راهبات الكلدان، وأصبحت حكومية بعد تأميم المدارس في العراق وتضم حاليا 2800 طالب، بينهم 150 طالبا وطالبة مسيحية والباقي من المسلمين والطوائف الأخرى يمارسون الدراسة بشكل اعتيادي، كما يدرسون مناهجهم الدينية كلا بحسب دينه في أجواء من التعايش والحرية. وقالت أسماء نائف، «أنا شخصيا لم استعد كثيرا للاحتفال بسبب فقدان أخي وخالي في انفجار وقع في مدينة الموصل في الأول من الشهر الجاري، لكن هذا لا يمنع من إقامة الاحتفال في المدرسة كتقليد سنوي لإضفاء الفرحة والبهجة عند الطلاب». وتحدثت بحسرة وألم عن ظاهرة تهجير المسيحيين خلال الشهرين الماضيين من قبل جماعات مسلحة في مدينة الموصل، وقالت «إن تهجير المسيحيين في الموصل أثر في نفسي كثيرا، لكني اعتقد أنها سحابة عابرة وأتمنى أن نعيش مثلما كنا في السابق في تعايش اخوي بغض النظر عن الدين أو المذهب».