هولندا: معهد دراسات الإسلام يغلق أبوابه مع مطلع العام الجديد

اهتم بقضايا السلفية والأصولية والتجديد الفكري في الإسلام

TT

مع مطلع العام الجديد ولأسباب مالية، سيتوقف نهائيا عن العمل «معهد دراسات الإسلام في العالم الحديث»، المعروف اختصاراً بـ«آي سي إي إم»، ومقره في مدينة لايدن الهولندية، ذات الجامعة العريقة، والذي يعتبر من المراكز الأكاديمية البارزة في مجاله على الصعيد العالمي. وقد وصفت بعض الأوساط الأكاديمية الهولندية قرار إغلاق المعهد بأنه «فضيحة». وخلال الشهر الماضي وحسب اذاعة هولندا العالمية، قرع السفير السابق، وعضو المجلس الاستشاري للمعهد، نك بيغمان، جرس الخطر، حول مستقبل المعهد. ففي محاضرة للمفكر الباكستاني أحمد رشيد، وكانت القاعة مكتظة بالحاضرين، قال بيغمان، إنه في الوقت الذي تهيمن فيه الأكاذيب والحقائق المنقوصة، حول الإسلام، فإن هناك حاجة ماسة لمعرفة الحقيقية حول هذا الدين، وإن مؤسسة من نوع معهد «اي سي اي ام»، جديرة بأن تلبي هذه الحاجة. واستغرب بيغمان بشدة، أن يتم إلغاء المعهد، في هذا الوقت بالذات، واصفاً الأمر بأنه فضيحة. وتأسس المعهد في عام 1998، بناء على طلب من وزارة التعليم والبحث العلمي، بجهد مشترك بين أربع جامعات هولندية هي أمستردام ولايدن واوترخت ونايميخن، وكانت مبادرة متميزة، خاصة بسبب جمعه بين أكثر من تخصص علمي. وتضيف الإذاعة الهولندية بالقول «تقليدياً، تعاني الدراسات الأكاديمية حول الإسلام من الحدود الصارمة بين التخصصات المختلفة، من جانب هناك علماء اللغات الشرقية، الذين يحللون نصوصاً من القرون الوسطي، لكنهم لا يعرفون إلا القليل حول الواقع السياسي والاجتماعي المعاصر للمجتمعات المسلمة، وفي الجانب الثاني هناك علماء الاجتماع الذين يدرسون المجتمعات المسلمة، دون معرفة كافية بالجذور الفكرية، والنصوص المهمة للمسلمين». وحاول المعهد أن يجمع بين هذين العالمين، وشجع الطلبة والدارسين على الاهتمام بكلا التخصصين. وطوال السنوات العشر من عمره، كان المعهد ينظم مؤتمراته السنوية، حيث يلتقي باحثون عالميون في الإسلاميات، ليناقشوا قضايا مثل التجديد الفكري في الإسلام، أو حول السلفية والأصولية. وفي سبتمبر من هذا العام نظم المعهد مؤتمراً حول «ما بعد الإسلاموية ـ بوست إسلاميزم»، لرصد التحول نحو تبني الديمقراطية داخل عدد من الحركات السياسية الإسلامية، وقد حصل المعهد مؤخراً على إطراء واضح من قبل هيئة تقييم عالمية، واصفة إياه بـ«الممتاز»، وقالت الهيئة، التي شكلتها وزارة التعليم الهولندية، إن المعهد ببحوثه التي تجمع ين أكثر من تخصص، يمكن أن يكون له دور ريادي على مستوى العالم. لكن هذا كله لم ينفع.

ففي الأول من يناير القادم سيغلق المعهد، بسبب عدم توفر المال الكافي. في العام الماضي كان المعهد يمول بالمناصفة بين وزارة التعليم وبين الجامعات الأربع التي يرتبط بها المعهد. ولكن ما إن حان موعد وقف الدعم الوزاري، وأصبح على الجامعات أن تتحمل التكاليف كاملة، حتى بدأت هذه الجامعات بالانسحاب الواحد تلو الأخرى. وفي البداية انسحبت جامعة نايميخن، وتبعتها أوترخت ثم أمستردام. ويرى بعض المطلعين أن هذه الجامعات تبدو أقل حماساً، لأنها لا ترى فائدة كبيرة، لسمعتها، في معهد يوجد في مدينة أخرى، هي لايدن. كما صارت المدارس الإسلامية في هولندا، مثار اهتمام معظم وسائل الإعلام الهولندية، وخاصة في أعقاب دراسة أجرتها وزارة التعليم، أظهرت أن معظم المدارس الإسلامية الهولندية حققت أدنى من المستوى المطلوب. فقد ذُكر أن 86% من أعضاء مجالس إدارات هذه المدارس متورطون في إساءة استخدام الميزانيات. ونقلت عن نائبي وزير التعليم، شارون ديكسمان وماريا بسترفيلدتى، أن نوعية التعليم في حوالي نصف المدارس الإسلامية الابتدائية الواحدة والأربعين غير كاف. واعتبرت الدراسة مستوى المدرستين الإسلاميتين للتعليم فوق الابتدائي، في كل من أمستردام وروتردام «ما بين ضعيف وضعيف جداً». وفي كثير من الأحيان يجد آباء التلاميذ أنفسهم لا حول لهم ولا قوة، نظراً إلى افتقارهم للمشاركة في قرارات مجالس الإدارة. وقال نائبا الوزير إنهما سيطلبان استعادة 4.5 مليون يورو، كانت قد قُدمت إلى هذه المدارس كدعم حكومي، بسبب إساءة استخدامها، وأوضحا أن إجراءات قانونية قد بدأ اتخاذها ضد العديد من المدارس.