غينيا: العسكريون الانقلابيون يشكلون مجلساً وطنياً لإدارة البلاد ويحددون نهاية 2010 لإجراء انتخابات

رئيس البرلمان يدعو المجتمع الدولي للتدخل لمنع الانقلاب.. ويقول إنه مختبئ من العسكر

TT

بعد يوم من اعلان مجموعة من العسكر في غينيا سيطرة الجيش على مقاليد الحكم في البلاد عقب وفاة الرئيس لانسانا كونتي، تعهد العسكريون الانقلابيون بتنظيم انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2010. وأعلنوا تشكيل مجلس وطني ليحل محل الحكومة، لكن لم يتضح بعد من يمتلك مقاليد السلطة في الدولة الواقعة غرب أفريقيا. وجاء في البيان: «يا شعب غينيا، إن إمساك جيشك بالسلطة هو عمل وطني يلبي رغبة الشعب بالتخلص من البؤس، نحن فخورون بانجاز هذه المهمة. ان المجلس (الانقلابي)، الفخور بإنجاز هذه المهمة، لا يطمح الى البقاء في السلطة». واضاف: «هدفنا الوحيد يكمن في المحافظة على وحدة اراضي البلاد، وعليه، يتعهد المجلس بتنظيم انتخابات حرة وذات مصداقية وشفافة أواخر ديسمبر2010». وختم البيان بتأكيد «التزام المجلس (العسكري) احترام هذا الاعلان». ويترأس المجلسَ قائدُ الانقلابِ موسى داديس كامارا الذي أعلن أول من أمس حل الحكومة وتعليق العمل بالدستور. ويضم المجلس 32 عضوا؛ أغلبهم من الجيش، إضافة إلى ستة أعضاء مدنيين. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن دبابات وقوات مؤيدة للانقلاب انتشرت في شوارع العاصمة كوناكري، الليلة الماضية، ولكن الوضع ظل هادئا.

وبينما يزعم كامارا أن منفذي الانقلاب أحكموا قبضتهم على السلطة، وأنه سيتم اختيار رئيس عسكري خلال الأيام المقبلة، تقول الإدارة المدنية إنها لا تزال تدير شؤون البلاد. وناشد رئيس الجمعية الوطنية المجتمع الدولي أمس بالتدخل للحيلولة دون نجاح محاولة انقلاب في بلاده. وقال ابو بكر سومباري لوكالة رويترز: «المجتمع الدولي يجب ان يحتشد لمنع الجيش من تعطيل العملية الديمقراطية كما صاغها الدستور». وذكر خلال اتصال هاتفي ان مخططي الانقلاب يبحثون عنه لكنه «في مكان آمن». وكان سومباري قد قال أول من أمس إن الانقلاب قام به مجموعة صغيرة من العسكريين لا يمثلون الجيش كله. يذكر أنه بموجب دستور المستعمرة الفرنسية السابقة، فإن سومباري يتعين أن يصبح رئيسا مؤقتا للبلاد لحين إجراء انتخابات لاختيار خليفة للرئيس الراحل الذي حكم البلاد لمدة طويلة. ودان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جيان بينج بشدة الانقلاب العسكري. وقال بينج في بيان صادر عن المفوضية الأفريقية في وقت متأخر من مساء الاثنين إن «الانقلاب الذي وقع يعتبر انتهاكا غير مقبول للدستور الغيني الذي ينص على تولي رئيس البرلمان للسلطة خلال الفترة الانتقالية، وخرقا لإعلان لومي الصادر في شهر يوليو (تموز) عام 2000 والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي والميثاق الأفريقي حول الديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد». وحث بينج الأطراف الغينية المختلفة التنسيق والعمل في إطار شرعية البلاد واحترام الدستور من أجل التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية العديدة التي تواجه الجمهورية الغينية في الوقت الراهن. ودعا رئيس المفوضة الأفريقية بمقتضى إعلان لومي عقد اجتماع طارئ لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول الموقف الراهن بالبلاد. وذكر بيان المفوضية ان بينج بدأ بإجراء مشاورات مع التجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا (أيكواس)، ودول أعضاء المنظمة من أجل إيجاد سبل للعمل المشترك وتنسيق كافة الجهود لمساعدة غينيا للتغلب على الازمة الناجمة عن الانقلاب.

من جهة أخرى، اعلن مصدر قريب من اسرة الرئيس المتوفى كونتي ان الجنازة الوطنية للرئيس الغيني ستنظم الجمعة. وقال هذا المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الجنازة الوطنية ستنظم الجمعة وسيدفن في قريته لانسانيا» التي تبعد 100 كيلومتر شمال كوناكري. وكونتي كان قد وصل إلى الحكم في غينيا عام 1984 في انقلاب أبيض وحكم البلاد من حديد حتى وفاته. وفاز الرئيس الراحل في ثلاثة انتخابات منذ إعادة الحكم المدني عام 1993 بعد استفتاء أجريَّ لتعديل الدستور لإزالة شرط عدم الحصول على اكثر من فترتين رئاسيتين. وشهدت غينيا على مدار الأعوام القليلة الماضية تمردا عسكريا فضلا عن أعمال شغب ضد الحكومة واضرابات، احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الغذاء والوقود. ولم يجهز كونتي خليفة له وأثارت وفاته مخاوفَ من أن يتحرك الجيش لملء الفراغ في السلطة. ومن المعروف، أن الرئيس الراحل كان يعاني من مرض السكري، وأنه مدخن، ولم يكن تاريخ ميلاده معروف على وجه الدقة بيد انه يعتقد انه بلغ الرابعة والسبعين. وغينيا لا تزال تعاني من الفقر إلى حدٍّ كبيرٍّ رغم أنها تمتلك أكبر احتياطات من البوكسيت، المادة الخام لصناعة الألومنيوم، في العالم فضلا عن وجود احتياطات كبيرة من الذهب والماس في أراضيها.