الغزيون يجدون في مواقد الكيروسين المهربة من مصر بديلا لمواقد الحطب

TT

كان لنهلة عواد سبب وجيه للشعور بالسعادة، فبعد أكثر من شهر على مكابدة الدخان المنبعث من نار الحطب التي توقدها لطهو طعام أسرتها صباحاً ومساءً، أصبح لديها بديل أكثر راحة، وهو موقد بدائي يعمل بالكيروسين (الكاز الأبيض). ولم تكن نهلة الوحيدة التي اكتشفت هذا البيدل، فمعظم اهالي قطاع غزة الذي يعاني من الحصار ونقص الوقود، الى جانب اشياء اخرى، وجدوا في هذا النوع من المواقد البدائية التي يتم تهريبها من مصر عبر الأنفاق، حلاً لمشكلة نفاد الغاز المعد للطهو، الذي تمنع إسرائيل دخوله منذ أكثر من شهرين.

وثمة إقبال شديد من قبل الناس في غزة على شراء هذا النوع من المواقد. لذلك تجد هذا النوع من المواقد في الساحات العامة التي تنتشر فيها البسطات التي تعرض البضائع المصرية. ويتوافد الرجال والنساء الى ساحة النجمي، وسط مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة للبحث عما يلزمهم من البضائع المصرية وأكثر البضائع التي تشهد اقبالاً هي مواقد الكيروسين بأنواعها المختلفة.

وتنقسم هذه المواقد الى نوعين: الموقد الأخرس وهو الأكثر بدائية ويعمل بفتائل تكون مغموسة في الكيروسين ويتم إشعال كل فتيلة على حدة ولا يصدر عنه صوت، لذا يسمونه بالأخرس، ويتوجب على ربة المنزل تغيير الفتائل كلما احترقت. والموقد الآخر يعمل بضغط الهواء، ويصدر صوتا قويا.

يباع الموقد الأخرس بأربعين شيكلا (21 دولارا)، علما بأن سعره في مصر لا يزيد عن خمسة جنيهات (دولار). أما موقد ضغط الهواء فيباع بـ 140 شيكلا (38 دولارا). ورغم أنه أكثر خطورة في الاستخدام، فإن الناس يقبلون على اقتناء الموقد الأخرس بسبب انخفاض سعره نسبياً، مقارنة بالنوع الثاني. والكثير من العائلات تقتني أكثر من موقد في البيت. ولم تعد هذه المواقد تستخدم في إنضاج وجبات الطعام والشاي في المنازل فحسب، بل إن المقاهي وبعض المطاعم أصبحت تعتمد عليها بشكل واضح بسب نفاد الغاز المعد للطهو. ففي أحد المقاهي الشعبية الذي يقع قرب ساحة النجمي ما ينفك الزبائن عن اطلاق التعليقات الساخرة على هذه المواقد. ومن هذه المواقد ما يستخدم في التدفئة، سيما في ظل انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر أدوات التدفئة الكهربائية التي لم تسمح إسرائيل بدخول أي من أصنافها منذ حوالي العام.

مصادر طبية فلسطينية أكدت أن الاعتماد على مواقد الكيروسين يمس بأوضاع الناس الصحية، مشيرة الى أنه الدخان المنبعث من هذه المواقد يؤثر سلباً بشكل خاص على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصدر.

لكن ليس كل العائلات في غزة مرغمة على استخدام هذه المواقد البدائية، فالعائلات الموسرة تشتري إسطوانات غاز يتم تهريبها من مصر، بسعر يصل الى 100 دولار للواحدة، مع العلم أن هذه الأسطوانة تكفي لمدة شهر فقط على أكثر تقدير، وواضح أنه في قطاع غزة الذي تزيد نسبة البطالة عن 70% وتصل نسبة الذين يعيشون تحت خطر الفقر الى 80% فإن نسبة العائلات التي تقتني مثل هذه الإسطوانات ضئيلة جداً.