طالبان تسيطر على ممر خيبر وتقطع طرق الإمداد عن الناتو

ثلاثة أرباع إمدادات قوات التحالف تأتي عبر الأراضي الباكستانية

TT

تضم هذه المدينة الحدودية قاعدة جوية كبيرة، ومواقع تابعة للجيش الباكستاني، والأفراد شبه العسكريين. ومع ذلك لم يكن حوالي 200 مسلح تابعين لطالبان في حالة هجوم عندما هاجموا بطريقة منظمة المخازن والمستودعات الخاصة بإمدادات الناتو في تلك المدينة على مدار الأسبوعين الماضيين. وحسبما أفاد أحد الحراس، ويُدعى هارون خان، الذي كان واقفا إلى جانب رتل من الشاحنات المتفحمة، بدأ المسلحون باعتراض وسد نطاق طويل من الطريق الرئيس، وهو ما أتاح لهم قدرا كبيرا من الوقت لحرق كل شيء بالداخل. وبعد أن طمأنوا الحراس المأسورين بأنه لن يتم قتلهم، إذا لم يعودوا للعمل معهم (أي الناتو) مرة أخرى، بدأ المسلحون في ترديد هتافات «الله أكبر» عبر مكبرات الصوت. بعد ذلك، حملوا غالونات وذهبوا عدة مرات على نحو متكرر إلى محطة وقود قريبة، ثم بدأوا إفراغ تلك الغالونات المملوءة بالوقود على حمولة الشاحنات، وسيارات الهمر العسكرية قبل إضرام النيران بها. ويمثل هذا الهجوم آخر الأدلة المشيرة إلى مدى السيطرة الكثيفة للمسلحين على المنطقة البالغة الحساسية شرق ممر خيبر، وهو مجاز ضيق عبر الجبال على الحدود الأفغانية الباكستانية، وطالما تم اعتباره مجازا عسكريا وتجاريا استراتيجيا منذ عهد الإسكندر الأكبر. وتشمل المنطقة ما تعرف رسميا على أنها وكالة خيبر، وهي متاخمة لبيشاور، وواحدة من المقاطعات القبلية القليلة على الحدود التي تفتقر إلى سيادة القانون. تجدر الإشارة إلى زيادة تدهور الأمن في خيبر خلال الشهور الأخيرة، التي واكبت بزوغ نجم قائد شاب متهور لطالبان أوضح في المؤتمرات الصحافية ازدراءه لقوات الناتو، بالإضافة إلى الإشارة إلى الحنق العام إزاء الهجمات الصاروخية المميتة التي شنتها الطائرة الأميركية الموجهة من مسافة بعيدة. ويعرض تدهور الأوضاع الأمنية في منطقة خيبر أغلب خط الإمداد الخاص بالناتو إلى الخطر، كما حمل المسؤولون الأميركيون على التدافع إلى المنطقة أملاً في إيجاد سبل ومجازات بديلة للوصول إلى أفغانستان عبر روسيا أو آسيا الوسطى. ومن المعروف أن ثلاثة أرباع إمدادات القوات تأتي عبر الأراضي الباكستانية، حيث يتم نقل أغلب البضائع والمؤن جوا من كراتشي إلى بيشاور، ثم تتجه بعد ذلك برا على مسافة 40 ميلا غربا عبر ممر خيبر لتصل في النهاية إلى أفغانستان. وخلال هذا الشهر فقط، أسفرت ست غارات على إمدادات الناتو هنا إلى تدمير 300 شاحنة محملة بالبضائع، وسيارات همر عسكرية. ومع ذلك، يؤكد المسؤولون الأميركيون أن عمليات الإمداد الخاصة بالقوات لم تتأثر على الإطلاق، ولكن مع توقعات بمضاعفة نشر القوات الأميركية في أفغانستان في العام المقبل لتبلغ زهاء 60000 جندي، أصبحت الضغوط الرامية إلى تأمين عمليات نقل المؤن أمرا ذا أهمية ملحة. وبالنسبة للناتو، لا تتمثل المشكلة الجسيمة في عمليات الإمداد الخاصة بها من بيشاور، بل في أمن الطريق المتجه غربا إلى ممر خيبر، البالغ طوله 3500 قدم. وجرت العادة على أن يكون هذا الطريق آمنا، فقد كانت الحكومة تدفع لأفراد قبيلة عفريدي لتأمينه، وكانوا يخضعون لعقوبات صارمة، وعقوبات قبلية جماعية نظير الجرائم التي تُرتكب حيال المسافرين. ويقول سائقو الشاحنات، وبعض المسؤولين الأمنيين، أن الطريق أصبح بمثابة شرك معد للموت، وذلك على أساس الهجمات التي باتت تحدث بشكل روتيني، مثل تلك التي أضرمت النيران في خزان للوقود يوم الأحد، والهجوم الآخر يوم الجمعة، الذي أسفر عن مقتل 3 سائقين عائدين من أفغانستان. ويقول غول نسيم، الذي يعيش في لاندي كوتول بالقرب من الحدود، «بات الطريق غير آمن على الإطلاق، حتى أن السكان المحليين أصبحوا راغبين في عدم العودة إلى قراهم مرورا عبر بيشاور». واتجهت رابطة سائقي الشاحنات الكبرى هنا إلى إعلان الإضراب احتجاجا على ضعف الأمن، موضحة أن النشاط المهني أصبح يتفادى 60% من الشاحنات التي تنقل البضائع والمؤن العسكرية بصورة طبيعية. من ناحية أخرى، أنكر مسؤول أميركي أن يكون الانخفاض وصل إلى الحد الموجع. ويقول شاكر عفريدي، زعيم جماعة سائقي الشاحنات، والمسماة رابطة خيبر للنقل، «لا يمر يوم واحد من دون حدوث شيء ما، فقد أصبحت الهجمات أمرا يومي الحدوث». ولاح في الأفق أن ثمة جهودا جديدة لردع هجمات طالبان، ومنها إطلاق مواكب حراسة تتألف من القوات شبه العسكرية الفيدرالية الباكستانية، وهي جماعة شبه عسكرية تتكون من العناصر القبلية الباكستانية، تحت إمرة ضباط الجيش. وحاليا، بدأ المسلحون في مهاجمة الشاحنات الفارغة، التي لا تحيطها الحراسة، العائدة إلى باكستان. ويقول سائقو الشاحنات إن الطريق من بيشاور إلى الحدود أصبح محفوفا بالمخاطر أكثر من الطريق الكامن على الجانب الآخر من أفغانستان. ويقول شاه محمود عفريدي، وهو سائق كان عائدا في الموكب الذي تمت مهاجمته يوم الجمعة، «إن حياتنا في خطر، ولا أحد يكترث. لقد فتحوا النيران على الشاحنات، وقتلوا 3 رجال كانوا بالداخل. فالأمن لا يتوافر عندما تكون الشاحنات خالية». وتوازى تعاظم العنف على طريق خيبر مع صعود حكيم الله محسود، وهو زعيم طالباني شاب، ومساعد بيت الله محسود، زعيم فصيل طالبان الباكستانية الرئيس. يُذكر أنه في وقت سابق من هذا العام، سيطرت قوات بيت الله مسعود على وكالة أوركضاي وفرضت الشريعة الإسلامية الصارمة. وفي مؤتمر صحافي منذ شهر مضى، أعلن حكيم الله مسعود نيته تكثيف هجماته على مواكب الإمداد الخاصة بالناتو. ويعتقد بعض المسؤولون الأمنيون بأنه وراء اغتيال حاج نمدار، زعيم المسلحين المنافس له بمنطقة خيبر في شهر أغسطس (آب).

* خدمة «نيويورك تايمز»