ليبيا: اضطرابات مفاجئة في يفرن حاضرة الأمازيغ.. وقوات تابعة لسيف الإسلام تحاصرها

طرابلس تهدد سويسرا مجددا بعقوبات ما لم تعتذر عن إهانة وتوقيف نجل القذافي

TT

أفاد ناشطون سياسيون وحقوقيون من أمازيغ ليبيا بأن السلطات تشن منذ أول من أمس حملة أمنية مكثفة على مدينة «يفرن» في جبل «نفوسة» حاضرة الأمازيغ (170 كلم جنوب غرب طرابلس). وقال فتحي بن خليفة، منسق مجموعة العمل الليبي وتجمع أمازيغ ليبيا، من مقره بالمغرب، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن السلطات الليبية تحاصر المدينة وتفرض تشويشا الكترونيا على الاتصالات الهاتفية بينها وبين العالم الخارجي، كما تمنع دخول الوافدين إليها من مناطق أخرى، مشيرا إلى وجود انتشار أمني مكثف بعدما تم استدعاء وحدات من قوات الدعم المركزي المخصصة لمكافحة الشغب للحيلولة بدون وقوع اضطرابات دامية أو مظاهرات في المدينة. وأوضح بن خليفة أنه تلقى معلومات عن تحليق طائرات عسكرية في المدينة التي يبلغ إجمالي عدد السكان فيها حوالي خمسين ألف نسمة.

وطبقا لما أكده بن خليفة ومواقع الكترونية أمازيغية على شبكة الانترنت فقد قامت مجموعات من «الروابط الشبابية»، التابعة لسيف الإسلام، النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، بالإضافة إلى عناصر من حركة اللجان الثورية، بالهجوم على حاضرة جبل نفوسة ومحاصرة واقتحام بيوت بعض الشخصيات الأمازيغية المعروفة في المدينة.

وقال سكان محليون إنهم لا يعرفون سببا محددا للحملة الأمنية التي تستهدف المدينة، فيما قالت مصادر إن السلطات الليبية تعاقب كل الأمازيغ بسبب مشاركة بعض قياداتهم في مؤتمر موسع عقد لتناول أوضاعهم مؤخرا في المغرب.

لكن بن خليفة اعتبر أنه «لا سبب مباشرا وفوريا لهذه الأحداث» مشيرا إلى أن «الكونغرس الأمازيغى العالمي» الذي يتبنى قضايا الأمازيغ من مقره في فرنسا حظي مؤخرا بعقد اجتماع مع معمر القذافي. وقال: «لا مؤشرات ولا عوارض وما يحدث تم بشكل مفاجئ لم تكن قبله أية مقدمات على الإطلاق سوى محاولة النظام التخلص من السكان الأصليين وافتعال بؤرة توتر جديدة».

ويقول نشطاء أمازيغ إن الحضور الاٍجتماعي والمهني والاٍقتصادي والعلمي والإداري والعسكري المؤثر والفاعل للأمازيغ الليبيين في الوسط الليبي، نظراً لسمعتهم الطيبة وتفانيهم في التحصيل العلمي والمهني بين فئات الشعب الأخرى، ربما يكون هو الأمر الذي ربما أثار مخاوف السلطات تجاههم بسبب رفضهم أي محاولة لتوريث الحكم.

وتعد مدينة «يفرن»، ذات الغالبية الأمازيغية، ثاني مدينة ليبية تشهد اضطرابات مفاجئة بعد أعمال العنف التي وقعت قبل بضعة أسابيع في مدينة الكفرة جنوب ليبيا بين السلطات الأمنية وسكان محليين كانوا يتظاهرون تعبيرا عن تردى أوضاعهم المعيشية وتجاهل السلطات المركزية في طرابلس لحقوقهم في امتلاك أوراق ثبوتية رسمية، بالإضافة إلى حرمان أبنائهم من الحصول على تعليم حكومي وغيره من الخدمات الأساسية.

إلى ذلك هددت ليبيا مجددا باتخاذ مزيد من العقوبات الأحادية الجانب ضد سويسرا ما لم تعالج السلطات السويسرية موضوع الأزمة الناشبة بين البلدين على خلفية ما تصفه ليبيا بالمعاملة المهينة التي تعرض لها هانيبعل، أحد أنجال القذافي، وزوجته وابنهما الصغير خلال إقامتهما بمدينة جنيف قبل بضعة شهور.

وجرى توقيف هانيبعل وزوجته الحامل في شهرها التاسع بفندق فخم بجنيف في 5 يوليو (تموز) الماضي على إثر اتهامهما من قبل اثنين من الخدم (تونسية ومغربي) بسوء المعاملة والضرب، علما بأنه أطلق سراح الزوجين بعد يومين من الاعتقال ودفع كفالة مالية قدرها نصف مليون فرنك سويسري. وتسبب هذا الحادث في توتر في العلاقات الليبية ـ السويسرية بسبب إصرار ليبيا على تقديم الحكومة السويسرية اعتذارا علنيا لنجل القذافي وزوجته على ما حدث. وأصدرت وزارة الخارجية الليبية أمس بياناً رداً على ما وصفته بالمغالطات التي تناولتها بعض وسائل الإعلام السويسرية بشأن المعاملة المشينة التي تعرض لها هنيبعل القذافي من قبل سلطات كانتون جنيف، أعلنت خلاله أن السلطات السويسرية عرضت تقديم اعتذار على المعاملة غير المفهومة التي تعرض لها نجل القذافي من قبل سلطات جنيف، لكن الجانب الليبي أصر قبل تنفيذ ذلك على قيام لجنة مشتركة تم تشكيلها مؤخرا بعملها بغية التوصل إلى الحقائق. كما دعا عبد العاطي العبيدي، مسؤول الشؤون الأوروبية بوزارة الخارجية الليبية، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، السلطات الفيدرالية السويسرية وخاصة وزارة الخارجية السويسرية إلى أن تطلب من سلطات جنيف وتجبرها على أن تصدر اعتذارا يفيد بأن السلطات السويسرية تعتذر عن سوء المعاملة التي تعرض لها نجل القذافى. وشدد على ضرورة أن يشمل هذا الاعتذار الدبلوماسي الليبي وعائلته والدبلوماسيين الليبيين وليبيا ودفع تعويض مالي مناسب لهذا الدبلوماسي ومحاكمة المسؤولين عن هذه الحادثة.

يشار إلى أن ليبيا أعلنت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سحب ودائعها المقدرة بـ7 مليارات دولار من المصارف السويسرية ووقف ضخ إمدادات النفط ووقف كل أوجه التعاون الاقتصادي مع سويسرا، بعدما هددت عائشة القذافى ابنة الزعيم الليبي باتخاذ جملة من الإجراءات الانتقامية ضد المصالح والرعايا السويسريين. وحسب معلومات سويسرية فان العقيد معمر القذافي يطالب سويسرا بتقديم تعويض يقدر بـ 300 ألف فرنك يُمنح لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «يونيسف»، وبضرورة معاقبة رجال الشرطة الذين قاموا بالتحقيق مع نجله واحتجازه.