سليمان يواصل مساعيه الشخصية لتأمين مخرج لأزمة اختيار حصة الحكومة في المجلس الدستوري اللبناني

قوى «8 آذار» تلوح باستعمال سلاح «الثلث المعطل»

TT

تواصلت المساعي التي يقودها الرئيس اللبناني ميشال سليمان لتأمين مخرج لأزمة «المجلس الدستوري» في ضوء إصرار قوى «14 آذار» على «ممارسة الديمقراطية» في اختيار حصة الحكومة من اعضاء المجلس، وتلويح قوى «8 آذار» باستعمال سلاح «الثلث المعطل» بغية اجبار الأكثرية على التوافق معها حول الأسماء لإصلاح ما تعتبره خطأ ارتكبته الأكثرية عندما انتخبت 4 أعضاء للمجلس في البرلمان بعيداً عن التوافق معها.

وفيما تابع الوزير يوسف تقلا المقرب من رئيس الجمهورية جولته على القيادات المعنية مكلفاً من سليمان بالبحث في الملف، وكان آخرها لقاء جمعه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واصلت قوى «8 آذار» التلويح بالثلث المعطل، تأكيدا لامتلاكها ثلث أعضاء الحكومة زائداً واحداً، علماً ان القرارات الاساسية تحتاج الى أصوات الثلثين داخل مجلس الوزراء.

في غضون ذلك، اعتبر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أن اتفاق الدوحة «طوى صفحة الرهان على أميركا من قبل البعض في لبنان، وأنجز انتصارات مهمة للمعارضة منها انتخاب رئيس توافقي وقيام حكومة وحدة وطنية، وإنجاز قانون للانتخابات وبداية التنافس الانتخابي».

وأكد أن الدعوة الى التوافق هي «لحماية المؤسسات الدستورية وإبعادها عن الشبهة في أنها منحازة، خصوصا إذا كانت مؤسسات تفصل في الأمور وتحكم بين الناس كما هو حال المجلس الدستوري، والهيئة العليا للاشراف على الانتخابات أو أي موقع من المواقع يتطلب حسما وقرارا وجهة فوقية تستطيع أن تأخذ القرار وأن تحسم الجدل»، وأضاف: «أما وقد اختاروا في المجلس النيابي على طريقتهم اللعبة الديموقراطية كما يقولون، وانتخبوا بالأكثرية مقابل الأقلية في ميزان المجلس النيابي، فإذن عليهم أن يحترموا هذه اللعبة الديموقراطية في مجلس الوزراء، فيختار المعارضون الطريقة المناسبة لإنجاز المجلس الدستوري وفق ما أعطاهم إياها الدستور، أي أن يمنعوا الآخرين من اتخاذ القرارات إلا بأغلبية الثلثين. وبما أن أغلبية الثلثين ليست عندهم فهم بحاجة إلى توافق، ويتحملون مسؤولية النتيجة على قاعدة أن يكون في مجلس الوزراء ما كان في مجلس النواب من اختيار كل طرف ما يراه مناسبا وفق اللعبة الموجودة في هذه المؤسسات».

وحمّل عضو كتلة «البعث« النائب قاسم هاشم قوى الاكثرية مسؤولية حالة التوتر التي عادت للأجواء السياسية متهماً اياها بـ«الانقلاب على المناخ التوافقي مع تسييس انتخاب اعضاء المجلس الدستوري في المجلس النيابي وعودتها الى الخطاب الموتور خلال جلسات المناقشة مع كل الهدوء الذي ابدته قوى المعارضة، ما يدل على نيات هذا الفريق التي لا تخدم مسيرة الهدوء والاستقرار، بل تساهم في توتير الاجواء السياسية». وقال: «امام ما حصل في المجلس النيابي فمن حق وزراء المعارضة ان يمارسوا حقهم الدستوري لتصويب الأمور للحفاظ على مناخ تسوية الدوحة التي استندت إلى أسس الوفاق والتوافق والشراكة الوطنية».

ورأى مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي «ان الانقلاب الذي جرى على التوافق في المجلس النيابي بخصوص المجلس الدستوري هو سابقة بعد اتفاق الدوحة لن تتكرر، وستمنع المعارضة الاكثرية العددية من ان تضع يدها على المجلس الدستوري لان هذا المجلس مؤتمن على سلامة الانتخابات وعلى دستورية القوانين، وسوف تستخدم ما لديها من وجود داخل مجلس الوزراء في الثلث المعطل او غيره في سبيل ذلك»، مشددا على «ان مغامرة الهرب من التوافق بالتفرد والاستئثار قد جربت على مدى السنوات الماضية وقادت إلى الفشل لان لبنان لا يمكن ان يحكم الا بالتوافق».

أما وزير الدولة وائل ابو فاعور فقد قال انه «ليس هناك لغاية اللحظة ما يشير الى امكان اخراج المجلس الدستوري من التجاذب السياسي والوصول الى صيغة مقبولة لا سيما من قبل قوى «8 آذار» لان ابقاء الأمور في نقاش حول ما حصل في المجلس النيابي لا يبشر حتى اللحظة بالخير«. واوضح «ان هناك أفكارا أولية تم طرحها الا انها لم تنضج الى درجة الاستبشار خيرا بولادة المجلس الدستوري»، الا انه «لفت في المقابل الى ان ذلك لا يعني ان الأمر مستحيل بوجود اكثر من صيغة يمكن ان تقدم في هذا الاطار». وعن المعلومات التي تحدثت عن لقاء لانضاج التوافق، بعد الزيارة التي قام بها الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهل تصب في اطار مساعي التوافق؟ قال: «ان الزيارة للرئيس بري لاجل هذا الموضوع، ولاجل غيره من المواضيع. نعم استطيع القول إن هناك نقاشا بعيدا عن الاضواء يحصل ولكن حتى اللحظة لم تنضج اية تسوية او اي اتفاق حول اي صيغة، ولم احمل بالتالي مقترحات معينة، وكان النقاش معه في المبدأ، ولم ندخل في التفاصيل».

واتهم عضو كتلة المستقبل النائب احمد فتفت قوى «8 آذار» بأنها تريد تعطيل الانتخابات النيابية، وأعرب عن اعتقاده ان «ما يجري جعلنا نؤمن اننا لسنا امام حكومة وحدة وطنية بل امام حكومة تفرقة وطنية وحكومة ابتزاز بكل معنى الكلمة». وقال: «ما قيل عن اننا نقضنا اتفاقا هو كلام غير دقيق اذ لا يوجد هناك اي اتفاق من اجل انتخاب المجلس الدستوري بل هناك تمن من الرئيس نبيه بري ووافقت الاكثرية على احد الأسماء، أما الأسماء الأربعة الأخرى فكان خيار الأكثرية فيها مبتوتاً على الاقل منذ اليوم الذي سبق الانتخابات». واستغرب كيف «يطالبون صباحا ومساء بتفعيل المجلس الدستوري وبتفعيل المؤسسات وعندما جاء هذا التفعيل تراجعوا عنه. ويحاولون اليوم بشتى الحجج عدم تثبيت امكان وجود مجلس دستوري فاعل ومحترم ومقبول يقوّم العملية الانتخابية ويمارس مهماته بمراجعة كل ما يطلب منه من قوانين في المجلس النيابي أو من الرؤساء أو من رؤساء الطوائف عند الحاجة لان الدستور ينص على ذلك. ان المجلس الدستوري مرجعية أساسية في هذا البلد ولا يمكن لاحد ان يقبل ان يجري الطعن به بهذا الشكل».

وبدوره اتهم عضو اللقاء الديمقراطي النائب فؤاد السعد فريق «8 آذار» بالخروج على اتفاق الدوحة واعتبر أن الثقة أصبحت منعدمة بين الاطراف وأن «الجو في البلد عاطل جداً»، متوقعاً أن «يكون عام 2009 صعباً محلياً وعربياً ودولياً في كل المجالات».

الى ذلك واصل فريق «8 آذار» وتحديداً فريق رئيس مجلس النواب نبيه بري حملته على الحكومة من باب تعويضات حرب يوليو (تموز) الاخيرة والانماء. وطالب عضو كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها بري النائب علي خريس، الحكومة اللبنانية بـ «ان تنتهج سياسة الانماء المتوازن لكل المناطق اللبنانية وان تعالج المشكلات الاجتماعية والمعيشية التي تكدر عيش المواطنين موظفين وغير موظفين». وقال: «لقد حاول البعض من 14 اذار وغيرهم ان يلبسوا لبنان قناعا اميركيا للضغط على المقاومة وعلى المعارضة الوطنية اللبنانية وعلى سورية وتنفيذا لسياسة الولايات المتحدة الاميركية ومؤامراتها، لكن عنصر الممانعة وقوة المقاومة ينتصران دائما ويعيدان الى لبنان وجهه الحضاري والعربي والمسلم والمسيحي الوطني المقاوم».