غوانتانامو: محاكمة عمر خضر تثير مزيدا من التساؤلات الأخلاقية

اعتقل في سن الـ15 بأفغانستان وينتظر محاكمته في 26 يناير

TT

بعد يومين من اقتياده فاقد الوعي من بين حطام أحد مقار تنظيم القاعدة، الذي تعرض للقصف في جنوب أفغانستان، وجد عمر خضر نفسه مربوطًا إلى أحد الأسرة التي ينقل عليها المرضى، وقد كف بصر عينه اليمنى جراء إصابته بشظايا وأثار طلق ناري في ظهره لا يزال يدمي. وقام العملاء الأميركيون، الذين استجوبوا الصبي الكندي للمرة الأولى في قاعدة باغرام الجوية بالقرب من كابل، في التاسع والعشرين من يوليو (تموز) 2002، بمتابعة تأثيرات استجوابهم له عبر جهاز قياس ضغط الدم الموصول بجسد المتهم العاجز، ولم يكن باستطاعة الصبي الصغير سوى التأوه من الألم. كانت آخر جلسات المحاكمة، وربما الأخيرة، الخاصة بمحاكمة المعتقلين في غوانتانامو قد كشفت عن تفاصيل مثيرة للقلق عن أسلوب معاملة خضر خلال الأشهر الثلاثة التي احتجز خلالها في سجن باغرام التابع للقوات الأميركية، التي اتهمته بأنه ألقى قنبلة يدوية أسفرت عن مقتل جندي أميركي. شملت التحقيقات التي أجريت على مدار السنوات الست التالية داخل الحجز الأميركي، استخدام الكلاب لإحداث حالة من الرعب وإجبار المحتجزين على الاستمرار في أوضاع تشكل ضغطاً بالغاً على أجسادهم واستخدامهم من قبل الحراس كمكانس بشرية لتنظيف الأرضيات. يعد عمر واحد من أكثر من 12 فتى تم اقتيادهم إلى غوانتانامو في فترة إدارة الرئيس بوش في أعقاب الحرب على الإرهاب التي تم شنها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. ومن بين السجناء التسعة عشر الموجودين في معتقل غوانتانامو، المتهمين بارتكاب جرائم حرب، يعتبر خضر، ومحمد جواد، الأفغاني الذي يعتقد أنه يصغر عمر بعام، الحدثين الوحيدين وقت ارتكابهما الجرائم المتهمين باقترافها. ويعتبر المدافعون عن حقوق الإنسان محاكمة خضر وجواد وصمة عار أخرى في سجل معتقل غوانتانامو والمحكمة، حيث لم يحظ أي منهما بالضمانات التي تكفلها المعاهدات التي وقعت عليها الولايات المتحدة. وتقول دياني ماري أمان، أستاذة القانون التي تولت مراقبة جلسة الاستماع الأخيرة بقضية خضر لصالح المعهد الوطني للعدالة العسكرية، إنه، «طبقاً للقانون الدولي، تجب معاقبة البالغين الذين يجندون أطفالا للقتال لارتكابهم هذه الجريمة، بينما ينبغي توفير الحماية للأطفال الذين يتم إلقاء القبض عليهم في ميادين القتال، وليس محاكمتهم».. ومن المتوقع أن تبدأ محاكمة خضر في السادس والعشرين من يناير (كانون الثاني) بجلسات استماع تمهيدية، تبدأ عشية تنصيب الرئيس المنتخب باراك أوباما، الذي تعهد بإغلاق معتقل غوانتانامو. وكان خضر يخطو خطواته الأولى عندما بدأ والده في التنقل بعائلته بين تورنتو ومعاقل المقاتلين الإسلاميين. وقضي خضر، الذي بلغ عامه الثاني والعشرين الآن، ما يقرب من ثلث حياته في السجون الأميركية. نشأ خضر في أسرة أصولية مقاتلة، وقضى فترة صباه بين المجاهدين، وقد وصفه محاموه الآن بأنه مشوش وغر ومحطم نفسياً. وقد تمكنا من مشاهدة خضر، الذي ازداد طوله سبع بوصات عن اليوم الذي وصل فيه إلى المعسكر، في نهاية الأسبوع يمشي بمفرده في أحد الممرات خارج معسكر 4، خلف الأسوار التي تعلوها الأسلاك الشائكة والحراس المتيقظون في أبراج الحراسة ليتفحص الكتب الموجودة على عربة المكتبة ليختار منها موضوعا عن الجغرافيا الوطنية. وقد أصدر العقيد باتريك باريش حكماً يقضي بأن تتم محاكمة خضر بتهم القتل والتآمر على القتل والتجسس وتقديم الدعم المادي لإرهابيين، وكان سلفه في كرسي القضاء العقيد بيتر براونباك قد أصدر حكماً في الربيع الماضي بأن سن ونشأة المتهم خضر يمثلان عنصرين مثيرين للاهتمام، لكن لا أهمية لهما بالنسبة للمحاكمات الجارية وفق قانون اللجان العسكرية الصادر عام 2006. ويقول الرائد البحري ويليام كوبلر، كبير فريق الدفاع عن المتهم، «أتمنى أن تقول إدارة أوباما لنفسها، في أول خطوة لها «لا نود أن نكون أول إدارة في التاريخ تقوم بمحاكمة جندي طفل بجرائم حرب». وقد قدمت راديكا كوماراسوامي المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لأطفال في النزاعات المسلحة احتجاجا على محاكمة خضر، محذرة من أن ذلك قد يشكل سابقة ويقوض من الحماية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة. كانت المحاكم التي أقامتها الأمم المتحدة لمحاكمة مجرمي الحرب من يوغوسلافيا وسيراليون ورواندا قد قررت معاملة الجنود من الأطفال كضحايا. وكتب ديفيد كران، الذي عمل ممثلا للادعاء في المحكمة الخاصة بمجرمي الحرب في سيراليون، «لا يمكن لعقلية الطفل المحدودة أن ترتكب أفظع الجرائم البشرية».

* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»