مصمم هندي يستوحي تصميماته من الشوارع

من الفن الهابط إلى الذوق الرفيع

TT

بدأت تنتشر في الهند موجة من الفن الشعبي الذي يصور الآلهة الهندية على السترات المطرزة، والصور الهزلية والرسومات ذات الأفكار الغريبة على فساتين العارضات. ويقول مانيش أرورا الذي يعد أشهر المصممين الهنود إنه يستوحي إلهامه من كل الأماكن التي يوجد بها هذه الأيام، خاصة فن الجرافيك الشعبي البسيط على الشاحنات وسيارات الركشا والتي تستوحي موضوعاتها غالبًا من مشاهد أفلام بوليوود أو حتى لافتات المحلات التجارية.

التضارب الصارخ في الألوان الذي نفذ إلى قلب الشارع الهندي، لم يكن أبدًا على قائمة عالم الموضة الهندية. يقول أروارا البالغ من العمر 36 عامًا: «لا يوجد فرق بين تصميمي واللافتة التي توجد في محل العصائر على جانب الطريق»، ويضيف مشيرًا إلى أقدم صيغة من الزخارف الهندية المصنوعة من الخيوط المعدنية الثمينة: «هناك ما هو أكثر من الفنون العرقية أو التقليدية الهندية. فأكثر من 90 في المائة من الموضة الهندية تكرارية، والكل متعلق بالزرادشتية لا أكثر، لكنني أنظر إلى الهند الجديدة والمعاصرة كي استوحي منها الإلهام في الموضة».

وكانت أعمال أرورا خلال السنوات الثماني الماضية، مؤشرًا على ازدهار حركة الفن الشعبي التي رفعت من أسهم هذا الفن من الشوارع والبازارات التي كانت ما توصف بأنها نوع من الفن البسيط ضئيل المستوى. ولأن الهند دولة مزدحمة يقطنها أكثر من مليار نسمة وتندفع بشدة لأن تكون قوة اقتصادية كبيرة، فقد جلب الاستهلاك المتزايد والتمدن السريع هذا النوع من الفن من المدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة. يقوم الفنانون والمصممون المتبنون الآن لفكرة «الهند الجديدة» باختيار تلك الصور وإضفاء صيغة الفن الراقي عليها. وتقول بندانا تيواري محررة الأزياء في مجلة فوغ الهندية «ينقل أرورا الفن التصويري الشعبي الهندي من الشوارع إلى التصميمات الفخمة وقد أكدت تصميماته في مجموعاته الست الأخيرة على الفن الشعبي الهندي، وهو يحاول تجاوز تلك الهوة الفنية الحرجة، فيعكس تصميمه القصص المرئية للثقافة الشعبية التي يعايشها كل يوم».

خلال العامين الماضيين قامت عشرات المحلات ببيع الملابس والأقداح والحقائب والأغراض الأخرى التي تحمل صور الفن الشعبي. وتقول رازيكا ليلا التي تكتب عن الفن والثقافة: «يرغب الناس في أن ينعكس عالمهم على حوائطهم ووسائدهم، والعالم ليس مكانًا مستقرًا اليوم والكثير من الأمور لا تبدو معقولة بالنسبة لنا، لذا لا نرغب في أن يعمل الفن على إرباكنا أكثر من ذلك، إننا نرغب فيما هو مألوف ومريح، إننا نرغب في الهرب من عالم التعبيرية الجريئة الطفولي، وليس بمقدور شيء أن يقربنا من ذلك العالم المريح سوى الفن الشعبي».

العام الماضي، رسم أرورا صورة للسيارة الهندية العتيقة، الريكشا، التي تسير بثلاث عجلات وتمتاز باللونين الأصفر والأسود، في وسط سجادة، مجملاً إياها بزهور لوتس أسفل منها. قال بعض النقاد الذين شاهدوا اللوحة إنها مشابهة للوحة كامبل سوب، وإنها لمن الروعة بحيث أنها يمكن أن تكون من بين لوحات قسم آندي وارهول في تاريخ الثقافة الشعبية الأميركية.

والحقيقة أن أرورا قال إنه استلهم تصميمه من وارهول وروي ليتشنستاين، لكنه عمد إلى خلق مزيجه الفريد الخاص به مستخدمًا الفن الشعبي في ذلك. وقد طورت تصميماته للقمصان الخفيفة الصور المتكررة لأوجه الراقصين الهنود التقليديين أو حركات الأيدي، أما تصميمات ملابسه فتعكس على الأغلب الرسومات الموجودة على الشاحنات والكتب الهزلية وعبارة «مرحباً» الموجودة على حوائط المحلات والنساء المتجهمات والشفاه المنتفخة والأعين التي تشبه أعين السمكة، غير أن تصميماته التي يقول عنها إنها تخاطب الجميع، محيرة بحق.

وقام أرورا منذ فترة قصيرة بتصوير ست حلقات لبرنامج على قناة ديسكوفري عرض فيها حساسية التصميم والموضة. ودخل في شراكة مع شركة ماك لمستحضرات التجميل، لتجميل عبوات مستحضرات التجميل. وكانت مجموعته «فيش دراي» للملابس والأحذية الرياضية لشركة ريبوك تتضمن تشكيلة كبيرة رائعة ومواضيع بوليوود. وتحمل كذلك المحلات تصميمات لموضوعات من السينما الهندية والآلهة الهندوسية على الأسقف، ومقاطع كوميدية حول كيفية اصطياد وطهي أوروا للسمك.

استوحى أرورا فكرة مجموعته الأخيرة التي عرضت ضمن أسبوع باريس للموضة من الألوان والرسوم الموجودة في السيرك، وكانت النجمة الأميركية كاتي بيري قد ارتدت ثوبا من تصميمه، كما طلب مكتب بريتني سبيرز عددًا من فساتين مجموعة السيرك من أجل جولتها الغنائية القادمة التي تدعى «السيرك» وهو يقوم الآن بالتصميم لشركة ديزني لعمل شخصية المهراجا ميكي والمهراني ميني. تطلق وسائل الإعلام على أرورا لقب «ملك الفن الهابط» و«أمير الألوان»، لكن أوروا قال إن نجاحه يرجع إلى عامل الوقت والموهبة.

ويقول: «ينظر الجميع الآن إلى الهند المزدهرة، كما لو أن العالم قد اكتشف للتو أرضًا جديدة، وأنا جزء كبير من هذا الاكتشاف. وإذا كان الجميع في الخارج ينظرون إلينا فإن ذلك أدعى لأن ننظر إلى أنفسنا بصورة أعمق، وهذا ما أقوم به. إننا نتغير بسرعة، وأنا أستلهم لوحاتي من لحظة التحول تلك».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»