أبو الغيط: حماس طلبت منا اعترافا بها.. والمعلم رفض عودة السلطة إلى معبر رفح

قال إن إيران فضت المظاهرة حول البعثة المصرية في ربع ساعة عندما أرادت لقاء رؤساء البعثات

TT

كشف وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط عن الكثير من النقاط الخلافية بين الاطراف كافة، فيما يتعلق بالأوضاع في قطاع غزة، والهجوم الإسرائيلي المستعر هناك وأسبابه، في لقاء جمعه مع المحررين الدبلوماسيين في القاهرة أمس بوزارة الخارجية المصرية.

وتطرق ابوالغيط، إلى الانتقادات التي تتعرض لها بلاده فيما يتعلق بمعبر رفح، وقال إنه شرح العديد من هذه النقاط بصراحة ووضوح لوزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الطارئ والمغلق الذي انعقد بالعاصمة المصرية أول من أمس، بما في ذلك رفض سورية لطلب مصري بأن توافق حماس على عودة السلطة الشرعية الفلسطينية إلى إدارة معبر رفح.

وقال الوزير المصري إنه شرح لوزراء الخارجية العرب المحاولات الإسرائيلية الجارية منذ عام 1981 لفصل غزة عن الضفة الغربية، مشيرا إلى أن العدوان الإسرائيلي الحالي على القطاع هو بمثابة المحاولة الثالث لتنفيذ هذا الهدف الإسرائيلي، وأن مصر لن تسمح به، كاشفا النقاب أيضا عن محاولات من حماس الحصول على الاعتراف بها من جانب مصر، لأنها تعلم أن مثل هذا الاعتراف سيجعل المجتمع الدولي يمنحها الاعتراف أيضا، وهو ما يصب في المصلحة الإسرائيلية في نهاية المطاف.

وشدد الوزير المصري على أن بلاده لديها الإمكانات والقوة التي تجعلها تعمل بمفردها في حال اضطرت لذلك، لمواجهة المشروعين الإسرائيلي والإيراني في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى تجربة المقاطعة العربية لمصر عقب إبرام القاهرة اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في سبعينيات القرن الماضي، وقال إن بلاده يقف معها أخوة عرب آخرون يدافعون عن هذا الإقليم.. «لكن حتى لو وقفت مصر بمفردها.. فهي قادرة للغاية وفاعلة للغاية وقوية للغاية».

وقال وزير الخارجية المصري إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تعتبر «المحاولة الثالثة» التي تقوم بها تل أبيب في محاولاتها فصل القطاع عن الضفة الغربية. وأضاف أن إسرائيل..«منذ سنوات ومنذ عام 1981 تسعى لفصل غزة عن الضفة الغربية.. وأنها (إسرائيل) تقول: فلتأخذ مصر غزة، وليأخذ الأردن الضفة الغربية، وبذلك تنتهي القضية الفلسطينية». وأشار إلى أن الحرب الإسرائيلية الحالية الواقعة على القطاع «هي المرة الثالثة التي تحاول فيها إسرائيل فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، موضحا أن إسرائيل تسير خطوة خطوة منذ سنوات في عملية الفصل هذه حتى تصل إلى النتيجة التي تريدها. وأوضح أبوالغيط أن «مصر رفضت هذا الكلام» عند طرحه، حيث كان يُسمى وقتها «الخيار الأردني، على أساس أن مصر كانت موجودة في غزة في الفترة من 1948 إلى عام 1967»، وأضاف أن الهدف الإسرائيلي هو أن تأخذ مصر غزة وتكون مسؤولة عن سكانها وكذلك أن يأخذ الأردن الضفة الغربية ويكون مسؤولا عن سكانها بينما يبقى اللاجئون في البلاد التي لجأوا إليها وتتم تصفية القضية.

وأضاف الوزير المصري أن طرح تل أبيب تجدد في عام 2004 من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون «حيث رفضته مصر والأردن أيضا»، في ذلك الوقت. وتابع الوزير المصري قائلاً إن العدوان الإسرائيلي الواقع على قطاع غزة يعتبر هو «المرة الثالثة» التي تحاول فيها إسرائيل فصل الضفة الغربية عن القطاع، وأن «هذا الفصل يتم خطوة خطوة حتى يصل الإسرائيليون إلى النتيجة التي يريدونها، وذلك من خلال تسهيل الصدام بين الفلسطينيين بعضهم بعضا، وهو ما حدث، وبالفعل أصبحت لدينا سلطة شرعية في الضفة الغربية وكذلك مجموعة مسلحة (حماس) مسيطرة على قطاع غزة، وهي مجموعة كانت قد انتُخبت شرعيا لكنها انقلبت على شرعيتها بعد ذلك.. وهذا هو الواقع الذي نراه».

وفيما يتعلق بمعبر رفح الذي يخضع العمل به لاتفاق موقع قبل عامين بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، أوضح الوزير المصري أن هناك من يطالب بأن نفتح معبر رفح على حدود مصر مع قطاع غزة، و..«نحن نرد عليهم ونقول إنه لفتح هذا المعبر يجب أن تكون هناك السلطة الشرعية الفلسطينية.. فإذا نجحنا أن نقنع المسيطرين على القطاع حاليا أن يتواجد ثلاثة ضباط أو ضابطان من رجال الجمارك وضابطان من الجوازات (من السلطة الفلسطينية) فإن المراقب الأوروبي سيحضر».

وأضاف أن مصر عرضت هذا الطرح منذ ستة أشهر ولكن لا أحد يرغب في أن يستمع، وتساءل أبوالغيط لماذا لا يريدون أن يستمعوا لهذا الطرح، قائلا إن السبب هو أن تفقد السلطة الوطنية الشرعية سلطتها على غزة وتكون هناك سلطة بديلة معترف بها من جانب مصر.. «لأن ذلك هو المفتاح الذي سيعطي الاعتراف لحماس وإذا منحت مصر الاعتراف لحماس فان المجتمع الدولي سيمنح حماس الاعتراف أيضا».

وقال الوزير المصري: «لذلك قررت حماس أن الاعتراف يجب أن يأتي من مصر من خلال قولهم افتحوا هذا المعبر بشكل دائم.. وهذا أمر لا نستطيع أن نفعله في مصر وإلا نكون قد قضينا على السلطة الفلسطينية الشرعية في الضفة الغربية ونكون قد نفذنا بذلك أيضا هدف إسرائيل بفصل غزة عن الضفة الغربية».

ورد أبوالغيط على منتقدي مصر بقوله: «إنهم يقولون الآن لمصر فلتفتحوا المعابر أمام غزة.. وهنا ستأتي إسرائيل لتقول ليست لي علاقة ومسؤوليات، وقد أصبح هؤلاء في غزة معتمدين على مصر في الغذاء والكهرباء والوقود وغيره ولتتحمل مصر مسؤوليتهم.. ويظل هؤلاء في غزة في صدام مع الضفة وفي وضع انقسام للدولة الفلسطينية بين الضفة الغربية وتلك الغزاوية».

وأوضح أن معبر رفح ينظمه المفهوم الآتي: أن هناك رجل أمن وجمارك فلسطينيا موجودا على الشباك في المعبر وأيضا هناك رجل (مراقب) في الخلف من الاتحاد الأوروبي لديه آلة يستطيع من خلالها أن يرى شكل جواز السفر الذي يدخل أو يخرج من وإلى الجانب الآخر (غزة).. وأن هناك كاميرا موجودة في المعبر لكي توفر إشارات الصور إلى إسرائيل.. والإسرائيليون أيضا موجودون في غرفة مغلقة على الجانب الآخر، يعرفون من يخرج ومن يدخل (من وإلى القطاع) لأن لديهم شكوكا.. وأشار إلى أن هذا الاتفاق «انتهى لأنه كان اتفاقا مع سلطة فلسطينية شرعية معترفا بها دوليا.. وقد انتهى هذا الوضع بسيطرة حماس على الأرض». وأشار أبوالغيط إلى أنه شرح في الاجتماع المغلق لوزراء الخارجية العرب أول من أمس «كل هذه القصة»، وقال: «طلبنا من الوزراء العرب تقديم طلب لحماس لأن توافق على عودة السلطة الشرعية الوطنية الفلسطينية إلى المعبر في رفح، ولكن سورية رفضت هذا الطلب. وقال وزير خارجية سورية (وليد المعلم) لا لهذا الطلب.. ورفض عودة السلطة الفلسطينية للمعبر.

وأضاف أبوالغيط أن مصر كانت ترى المؤشرات حول عزم إسرائيل على ضرب حماس في غزة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وقال: «لم يكن متبقيا أمام إسرائيل سوى أن تعلن صراحة أنها ستضرب غزة»، وأضاف أنهم (حماس) للأسف أعطوا إسرائيل الفرصة على طبق من ذهب لتضرب غزة.

وقال أبوالغيط إن الجانب المصري شرح ذلك في اجتماع وزراء الخارجية الطارئ أول من أمس، وأضاف: «لكن في وسط الحديث قال وزير خارجية سورية إن هناك ثلاثين قتيلا فلسطينيا خلال الأشهر الستة للتهدئة».

وأوضح أبوالغيط أنه رد على وليد المعلم بقوله: «قد جاء ردنا عليه (على المعلم) بأن هذا (العدد من القتلى أثناء التهدئة) قد حدث بالفعل.. وقد قمنا بإدانة ذلك.. وكان ذلك خرقا للتهدئة (من جانب إسرائيل).. ونعلم أنه كانت هناك صعوبات في تنفيذ التهدئة، وأن إسرائيل خرقتها مرات عديدة.. ولكن يا وزير خارجية سورية كم سقط من شهداء فلسطينيين في الأيام الأربعة الماضية فقط؟ إنهم أكثر من أربعمائة فلسطيني».

وأضاف أبوالغيط: «بالتالي يجب أن نتنبه للإطار العام للوضع في هذه المنطقة.. وأن نتنبه للشد والجذب الاستراتيجي الدائر في هذه المنطقة .. ومن يعمل مع من لصالح من؟ وبالتالي تأثيرات ذلك على مصر ومسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية»، وتابع قائلا إنه يجب الحفاظ على الأرض الفلسطينية وبأكبر قدر من التشدد والتمسك بالإطار القانوني حتى لو كان هناك استمرار في القصف والشد والاتهامات لمصر بأنها لم تبذل الجهد الكافي، وكل ما يقال من هذه الجوقة الدائرة للأسف داخليا.. وفي بعض الفضائيات.

وقال أبوالغيط إن هدف هؤلاء الذين يوجهون لنا هذه الاتهامات هو أن يتم تطويع مصر لخدمة أهداف ليست للصالح المصري أو العربي أو لصالح القضية الفلسطينية نفسها.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت لدى مصر إمكانيات لمواجهة المشروع الإسرائيلي والمشروع الإيراني للسيطرة على الدول العربية والشرق الأوسط، قال أبوالغيط إن مصر لا تعمل وحدها ولكن يقف معها أخوة عرب آخرون يدافعون عن هذا الإقليم، مؤكدا أن مصر حتى لو وقفت بمفردها ـ ولها تجربة في الوقوف بمفردها ـ قادرة للغاية وفاعلة للغاية وقوية للغاية.. ومن يرجع للسنوات الصعبة أعوام 1977 و1978 و1979 و1980 يكتشف كم أن مصر قادرة (على ذلك). وأضاف أن الجهد المصري نحو السلام كان جهدا لا يحمله سوى شعب صلب.. وأضاف أن الشخصية المصرية شخصية من جرانيت. وحول ما هدد به الطلاب في إيران قبل أسبوعين من استهداف مقر البعثة الدبلوماسية المصرية قال أبوالغيط «إن كل شيء يتم في حساب»، مشيرا في هذا الصدد إلى أن وزير خارجية إيران كان قد طلب من رؤساء البعثات الدبلوماسية في إيران الجلوس معه. وأضاف أبوالغيط أن السفير المصري اتصل بالخارجية الإيرانية وقال لهم «لا أستطيع الخروج لأن هناك حصارا على المقر».. وأضاف أبوالغيط: «إن المسؤولين في الخارجية الإيرانية اتصلوا به (برئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في طهران) بعد ربع ساعة وقالوا له لقد انتهى الحصار.. فنظر السفير (رئيس البعثة) من الشباك ولم يجد أي شخص في المظاهرة (التي كانت تحاصر مقر البعثة بطهران)». وقال أبوالغيط إن «هذا الشغل كله معروف لدينا»، في إشارة غير مباشرة لوقوف السلطات الإيرانية وراء محاصرة المتظاهرين لمقر البعثة الدبلوماسية في طهران.