بعد 6 أعوام.. العراق يتسلم القصر الجمهوري من السفارة الأميركية ببغداد

المالكي وصف الحدث بانه «عودة السيادة»..ودعا إلى إعلانه يوما وطنيا

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي محاط بحراسه لدى وصوله الى مبنى القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء ببغداد قبيل مراسم تسليم القصر الى السلطات العراقية أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأ رسميا أمس سريان مفعول الاتفاقية الامنية التي أبرمها العراق والولايات المتحدة والتي تنظم وجود القوات الاميركية في العراق. ووفقا لذلك فقد تسلمت السلطات العراقية امس أمن المنطقة الخضراء ببغداد من الجانب الاميركي كما تسلمت القصر الجمهوري، الذي كان مقرا للسفارة الاميركية. وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدى تسلم القصر الجمهوري الواقع داخل المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في وسط بغداد: ان «الحلم اصبح حقيقة» و«السيادة عادت» الى العراق.

وغداة انتهاء تفويض الامم المتحدة الذي نظم وجود القوات الاجنبية في هذا البلد، سلمت قوات التحالف القصر الجمهوري، الذي يعد ابرز رموز السيادة بعد ان كانت قد شغلته منذ الاجتياح العام 2003، اي قبل نحو ستة أعوام. واوضح المالكي بعد مراسم رفع العلم العراقي امام القصر «قبل عام من هذا التاريخ، كان حلما مجرد التفكير بسحب القوات الاجنبية من العراق». واضاف «لكن الحلم اصبح حقيقة بعد ان ألغيت العقوبات وتمت الاتفاقية، والاكثر من ذلك هو بدء تنفيذ الاتفاقية». وتابع رئيس الوزراء من مقر الرئيس السابق صدام حسين في غياب اي مسؤول اميركي:

ان «القصر عنوان للسيادة العراقية وتسلمه رسالة حقيقية بان السيادة عادت الينا». واضاف «من حقنا اعتبار هذا يوم السيادة وبداية استعادة كل ذرة من ترابه انه عيد وطني كبير تزامن مع مجموعة الاعياد»، في اشارة الى اعياد الميلاد ورأس السنة الهجرية والميلادية.

وقال المالكي «من حقنا ان نفرح ونقيم الاحتفالات»، داعيا «مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء الى اعتبار هذا اليوم يوما وطنيا يحتفل به كل عام». وجرت المراسم في احدى قاعات القصر الجمهوري باشراف وتنظيم عراقيين فقط ولم يكن هناك اي اميركي في المكان. وحضر المراسم عدد من الوزراء بينهم وزير الدفاع عبد القادر العبيدي ومسؤولون اخرون.

وكان القصر الجمهوري مقرا للسفارة الاميركية بعد سقوط بغداد في ابريل (نيسان) 2003. ويقع القصر في منطقة عرفت باسمه قرب نهر دجلة في وسط بغداد وكان مقرا للحكومة في عهد نظام صدام حسين ورمزا لسيادة البلاد حتى سقوطه في أبريل (نيسان). وقد شيد القصر آخر ملوك العراق فيصل الثاني (1935-1958) مطلع خمسينات القرن الماضي واطلق عليه اسم «قصر الرحاب»، وقام صدام حسين بتوسيعه خلال التسعينيات.

وفي حفل منفصل، جرى تسليم المنطقة الخضراء ببغداد الى الجانب العراقي، وعزفت فرقة عراقية موسيقى عسكرية في مراسم محدودة جرت في شارع محاط بالكتل الاسمنتية الضخمة والاسلاك الشائكة في المنطقة الخضراء وهي منطقة محصنة بوسط بغداد لا يسمح لغالبية العراقيين بدخولها وينظر اليها باعتبارها رمزا للاحتلال.

وقال محمد العسكري، المتحدث باسم وزارة الدفاع لـ«الشرق الاوسط» ان «المنطقة الخضراء كانت تدار وفق رؤية اميركية معينة، اما وبعد ان تسلم الجانب العراقي المنطقة فان للقوات الامنية العراقية رؤية خاصة لادارتها تختلف عن الرؤية الاميركية» واضاف ان «الاميركيين احدثوا العديد من التغييرات في المنطقة وغيروا عددا من التقاطعات والطرق فضلاً عن اقامة الحواجز الاسمنتية في كل مكان، وايضاً هناك مسألة مخارج ومنافذ المنطقة، فالاميركيون اوجدوا 8 مخارج ومنافذ للمنطقة، الامر الذي سيتم تغييره تدريجياً وفق رؤية واستراتيجية خاصة سوف يتبعها الجانب العراقي لحماية المنطقة».

وحول دور القوات الاميركية في المنطقة اكد الناطق باسم وزارة الدفاع ان «حماية المنطقة الخضراء اصبحت من ضمن مسؤولية العراقيين ويأتي الاميركيون في الخط الثاني، سيما وان هناك اجهزة تفتيش ومراقبة مازالت القوات الاميركية تمتلكها، الامر الذي يبقي الاخيرة لفترة محددة لحين الاتفاق بشأن تلك الاجهزة فضلاً عن وجود شركات امنية عديدة مازالت ملتزمة بحماية المنطقة وهي الاخرى ستبقى لحين انتهاء مدة بقائها». وشدد العسكري «هناك بعض التفاصيل الفنية مازالت تحتاج لوجود الاميركيين كجهاز اخراج الباجات والسونارات والكلاب البوليسية وهناك نقاش لشراء تلك الاجهزة من القوات الاميركية وتدريب الكوادر العراقية عليها سيما وان اجهزتهم اثبتت نجاحها خلال الفترة السابقة بالرغم من أن الجانب العراقي قام بشراء اجهزة مراقبة وتفتيش حديثة الا انه يحتاج الى الاجهزة الحالية في المنطقة».

من جهته، اكد مقداد جبريل، المستشار الإعلامي للقوات متعددة الجنسيات، ان الفرق الوحيد الذي حصل هو ان السلطة العراقية هي الان في مركز القيادة، وقال لـ«الشرق الاوسط» «اعتباراً من اليوم (امس) القوات الامنية العراقية تتولى القيادة وقوات التحالف توفر المساعدة والمساندة لهذه القوات فضلاً عن تدريب القوات التي سوف تتسلم المنطقة الخضراء امنيا والاشراف على نقاط التفتيش».

وبعد دخول القوات المتعددة الجنسيات للعراق عملت القوات الاميركية على احاطة هذه المنطقة بسور عال من الاسمنت واصبح في بداية الامر مقرا لقواتهم، وبعدها بدات بفتح مقرات لجهات عراقية واخرى مشتركة مثل مركز للتطوع ومنظمات دولية متخصصة وغيرها. ويخضع الجميع لاجراءات التفتيش مهما كانت درجة اهميته.

وكانت القوات الاميركية تشرف على المنافذ والحماية ونقاط التفتيش الداخلية وتستعين في عملها بجنود من شرق اسيا مثل النيباليين والباراغواي، واغلب الداخلين للمنطقة من العراقيين يتذمرون من التعامل مع هؤلاء كونهم  قساة في تطبيق الاجراءات.

وشكلت الحكومة العراقية لجنة عليا برئاسة القائد العام للقوات المسلحة، نوري المالكي، ولجنتين فرعيتين، الاولى برئاسته والثانية برئاسة وزير الداخلية جواد الولاني، ستتوليان مسؤولية الاشراف على ادارة المنطقة وتامينها، فيما تضم اللجنة الرئيسية اعضاء يمثلون وزارة الامن الوطني والمخابرات ومجلس محافظة بغداد، وستشرف على تأمين آليات حماية واجهزة ومعدات فنية للكشف عن المتفجرات وتنظيم عملية الدخول والخروج من والى المنطقة.

وعلى صعيد ذي صلة، اعلن المالكي ان العراق سيتسلم رسميا من القوات الاميركية مسؤولية معسكر «اشرف» حيث يقيم نحو اربعة الاف من انصار منظمة «مجاهدين خلق» الايرانية المعارضة مع عائلاتهم.

وقال المالكي ان هذه الخطوة ستتم «على قاعدة استعادة كل شيء وانسجاما مع الدستور وسياستنا التي تريد الانفتاح على دول الجوار ويعود العراق الى محيطه العربي قويا».

واضاف المالكي «في الامس عقدنا اتفاقا ثلاثيا لمواجهة حزب العمال الكردستاني الذي يلحق ضررا بعلاقاتنا مع تركيا»، مؤكدا ان «العراق لا يمكن ان يكون منطلقا لكل من يمارس الارهاب».