الملف النووي الإيراني في 2008: مزيد من العقوبات وتراجع الحل العسكري

تملك 10 مواقع نووية معلنة.. وأطلقت صواريخ «شهاب» واختبرت سلاحاً مضاداً للسفن وطورت غواصة

الرئيس الإيراني خلال تفقده احدى المنشآت النووية الإيرانية في أبريل الماضي (رويترز)
TT

مر عام 2008 «برداً وسلاماً» على إيران في ما يتعلق بملفها النووي، ومحاولات الغرب الدؤوبة بقيادة الولايات المتحدة، منعها من امتلاك أي تكنولوجيا يمكن من خلالها صنع أسلحة نووية تمنحها تفوقا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في مواجهة إسرائيل.

فرغم أن هذا العام شهد توقيع المزيد من العقوبات الدولية ضد طهران، كان لها عميق الأثر في إعاقة أي تقدم اقتصادي لها، إلا أنه وفي نفس الوقت أصبح واضحاً يوماً بعد آخر تضاؤل فرص احتمالات شن ضربة عسكرية حاسمة ضد المنشآت النووية الإيرانية، سواء من جانب الولايات المتحدة أو عن طريق حليفتها إسرائيل.

وهذا بدوره يرجع للعديد من الأحداث والمتغيرات الدولية، التي شهدتها نهاية عام 2007 وطوال عام 2008، والتي جعلت احتمالية شن هذا الهجوم صعبة للغاية، وأهمها: تقرير صدر في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2007 لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) قال «إن طهران أوقفت مشروعها الرامي لإنتاج أسلحة نووية منذ عام 2003»، ورغم أنه ذكر «أن النظام الإيراني يجعل تصنيع القنبلة النووية خيارا مفتوحا»، إلا أنه ساعد على خفض الأصوات المنادية بالحرب، ودعم وجهة نظر الداعين للحل الدبلوماسي.

أيضاً ولأن عام 2008 هو العام الأخير للإدارة الأميركية برئاسة جورج بوش، فإنه كان من الصعب القيام بأي عملية عسكرية، خاصة في ظل موسم انتخابات قوي، بالإضافة إلى ما تعانيه القوات الأميركية في العراق وأفغانستان. كما جاء الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحرب الروسية على جورجيا ليبعد الأنظار الدولية عن إيران، وأخيراً ومنذ سبتمبر 2008 وحتى الآن، دخل العالم كله في أزمة اقتصادية طاحنة أصبحت الشغل الشاغل للإدارة الأميركية والمنظمات الدولية، ساهمت في تراجع الملف النووي الإيراني عن أجندة الاهتمامات الدولية.

استغلت إيران هذه الأحداث الدولية، التي شهدها عام 2008 وواصلت عمليات تطوير قدراتها النووية بشكل سريع، وهذا ما أكده الإيرانيون أنفسهم وصدقت عليه التقارير الدولية، التي صدرت في هذا الشأن. ففي 26 يوليو الماضي قال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد «إن بلاده لديها أكثر من 5 آلاف جهاز طرد مركزي تعمل لتخصيب اليورانيوم في منشأة ناتانز.

وخلال اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مايو 2008، أكد رئيس فرق التفتيش في الوكالة أولي هاينونن، أن الوكالة جمعت معلومات من حوالي 10 دول تشتبه في قيام إيران بإجراء أبحاث حول عسكرة برنامجها النووي، بل إن التقرير الأخير الذي أعلنه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في 15 سبتمبر، أكد أن «إيران زادت عدد آلات الطرد المركزي اللازمة لتخصب اليورانيوم من نحو 3000 إلى أكثر من 3820، وأنتجت ألف طن من اليورانيوم منخفض التخصيب».

كما أكد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في بيان أدلى به أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والستين في سبتمبر الماضي، أن إيران في طريقها لإتقان تكنولوجيا ستمكنها من صنع قنابل نووية، إذا رغبت في ذلك، فهم يمتلكون «كتاب الطهي».

هذه المعلومات أكدها أيضاً بيان صادر من الاتحاد الأوروبي في 25 سبتمبر 2008، حين ذكر «أن التحقيقات تظهر أن جانبا من البرنامج النووي الإيراني في الماضي كان نوويا عسكريا، وليس مدنيا محضا، وأن إيران قريبة من رأس نووي».

وقبلها عرضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 17 سبتمبر وثائق وصوراً تشير إلى أن إيران حاولت سراً تعديل الرأس المخروطي لصاروخ ليستوعب قنبلة نووية، رغم نفي طهران ووصفها تلك المستندات بأنها مزيفة.

وحالياً فإنه يوجد في إيران حوالي عشرة مواقع نووية معلنة، تتنوع ما بين مناجم لاستخراج اليورانيوم، أو مصانع لتنقية الخام، أو مفاعلات نووية لتحويل أو تخصيب اليورانيوم، أو لأغراض البحوث العلمية، كما اختارت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في 19 أغسطس الماضي ست شركات وطنية، من أجل تحديد مواقع محتملة لبناء مفاعلات نووية جديدة.

وتقوم روسيا ببناء مفاعل بالمياه الخفيفة تبلغ طاقته ألف ميغاوات في بوشهر جنوب إيران، سينتهي قبل نهاية العام الفارسي الحالي، أي قبل نهاية مارس (آذار) 2009. وكانت إيران قد أعلنت في أكتوبر الماضي أن 700 مهندس نووي إيراني تدربوا في روسيا طوال الأربعة أعوام الماضية، وجاهزون لتشغيل مفاعل بوشهر.

وكما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في 25 يوليو 2008 فإنه في نهاية 2009 أو مطلع 2010 على أقصى تقدير سيكون بمقدور إيران صنع قنبلة نووية، وفقا لأحدث التقارير الاستخبارية الغربية والإسرائيلية.

* مزيد من العقوبات

* في ظل هذا التقدم النووي الإيراني الواضح، وفي الوقت الذي أدرك فيه العالم أن فرص شن حرب على إيران تتضاءل، ركزت واشنطن خلال 2008 جهودها على العمل على إصدار المزيد من القرارات الدولية التي تفرض عقوبات على طهران، وتزيد من الضغط الدولي الواقع عليها للتخلي عن برنامجها النووي، الذي تصر طهران وتزعم أنه برنامج سلمي يهدف إلى توفير احتياجاتها من الطاقة.

فمنذ تفجر الأزمة النووية الإيرانية أواخر عام 2002، وحتى الآن، اعتمد مجلس الأمن 5 قرارات ملزمة ضد إيران، كان من نصيب عام 2008 بينها قراران رقمهما (1803) في 3 مارس، و(1835) في 27 سبتمبر 2008.

وفي حين اكتفى القرار الأخير من تحذير إيران من اقترابها من حيازة سلاح نووي، من دون فرض أي عقوبات إضافية. فإن قرار مارس 2008 كان قد وسع نطاق العقوبات التي فرضت بموجب القرار السابق له رقم (1747) والصادر في 24 مارس 2007، لتشمل حظرا على سفر 13 مسؤولا إيرانياً، وتجميد أرصدتهم المالية في الخارج، وفرض مزيد من العقوبات على تصدير وتوريد المواد والسلع والتكنولوجيات ذات الصلة بالأنشطة النووية، وهدد باتخاذ إجراءات وتدابير جديدة تشمل المزيد من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية، بموجب المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. لكن إيران كالعادة رفضت الإذعان للقرار، وهددت في رسالة وجهتها إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة في 27 مارس 2008 بمقاضاة الدول الغربية من أجل الحصول على تعويضات عن الخسائر التي لحقت بها بسبب هذه العقوبات، بل أكدت أنها لن تجلس بعد الآن مع الدول الكبرى لمناقشة ملفها النووي.

وتطبيقاً لهذه القرارات واصلت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة إصدار العقوبات ضد إيران، فقد قررت سويسرا في 23 أبريل توسيع لائحة الشركات والأفراد الإيرانيين الذين تفرض عليهم تجميدا لأموالهم، وقررت حظر تسليم منتجات ذات الاستخدام المزدوج. وفي 30 يوليو وافق الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات بخلاف عقوبات الأمم المتحدة، وأعطى تعليمات لمؤسساته المالية بفرض قيود على ائتمانات الصادرات والسماح للقوات البحرية للدول الأعضاء بتفتيش البضائع المتجهة إلى إيران. بدورها زادت الولايات المتحدة من ضغوطها على إيران، من خلال فرض عقوبات على شركة النقل البحري الوطنية الإيرانية، و18 من الشركات التابعة لها، كما فرضت عقوبات على 5 مؤسسات إيرانية في 12 أغسطس الماضي، قالت إنها قدمت الدعم أو مواد حساسة إلى برامج إيران النووية والصاروخية، وفي 18 سبتمبر فرضت أيضاً عقوبات على 6 شركات عسكرية إيرانية، بل ووصلت العقوبات إلى شركات روسية وصينية وفنزويلية اتهمت بنقل تكنولوجيا عسكرية إلى إيران، وذلك في 24 أكتوبر 2008.

وبالفعل وبإقرار المراقبين للداخل الإيراني فإن هذه العقوبات كان لها تأثير بدون أدنى شك على الاقتصاد الإيراني، وساعدت في منع الاستثمار الأجنبي المباشر من التدفق نحو قطاع الطاقة الإيرانية، وتقليل معدل توسيع القدرات الإنتاجية من النفط والغاز، غير أن قيادة البلاد السياسية والدينية، خاصة الرئيس الحالي أحمدي نجاد، لا تعير هذا الأمر أي اهتمام، ومقتنعة تماماً بأن لبلدهم الحق في السعي لتطوير قدرات نووية خاصة بها، ومواجهة الضغوط الغربية بكل قوة.

* فشل تفاوضي

* إزاء هذا التعنت الإيراني في مواجهة الضغوط الدولية لم تجد الدول المعنية بالملف النووي الإيراني، وهي الخمس الدائمة في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) بالإضافة إلى ألمانيا، مفراً سوى محاولة إيجاد خرق جديد في مفاوضتها مع إيران، التي لم يكتب لها النجاح حتى الآن.

فبعد أن أيقنت الدول الكبرى أن الحل العسكري أو التشدد تجاه إيران لن يجدي نفعا، ولا بد من التخلي عنه والاتجاه نحو التفاوض باتباع النموذج الكوري الشمالي. فقررت في يونيو الماضي أن تتقدم بعرض حوافز جديدة كصورة معدلة من عرض قدم في يونيو 2006 لكي تتخلى إيران عن عملية طموحاتها النووية. ويقضي العرض بامتناع القوى الست عن فرض المزيد من العقوبات إذا ما جمدت طهران أنشطة التخصيب، كما أنه يوفر الاعتراف بدور إيران المهم في المنطقة وإشراكها في إجراء ترتيبات أمنية في المنطقة، مع الاعتراف بحقها بتقنية نووية سلمية، والتعبير عن حرص الدول الست على عدم الإضرار بالشعب الإيراني. ولم ترد إيران رسمياً حتى الآن على هذه المقترحات، بل وجهت كتاباً إلى منسق الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا يتضمن أسئلة حول هذه المقترحات، سعياً منهاً لكسب المزيد من الوقت والمراوغة. وفي تغير في السياسة الأميركية شارك الدبلوماسي الأميركي وليام بيرنز مبعوث القوى الكبرى في اجتماع عقد مع وفد إيراني يوم 19 يوليو في جنيف، أعطت فيه الدول الست طهران مهلة أسبوعين للحد من برامج تخصيب اليورانيوم وإلا واجهت المزيد من العقوبات. إلا أن إيران ردت أيضاً بتقديم وثيقة جديدة للدول الغربية تتضمن برنامج محادثات مطولا بين طهران والغرب، من أجل التوصل لاتفاق شامل وليس لاتفاق نووي فقط، تحت عنوان «حيثيات إجراء مفاوضات كاملة»، وتضمن المقترح الإيراني أفكاراً عديدة لبدء مفاوضات من 3 مراحل، على سبع جولات من التفاوض. الأولى سمتها طهران «المباحثات الأولية»، والمرحلة الثانية سمتها «بدء المفاوضات»، أما المرحلة الثالثة فقد سمتها إيران «التفاوض». ومع انتهاء المهلة التي حددتها مجموعة دول (5+1) للرد على عرض الحوافز، وجهت إيران في 5 أغسطس رسالة إلى الدول الست الكبرى لم تقدم فيها رداً، بل وعدت فقط برد قريب. علما بأن طهران كانت قد قدمت رزمة من المقترحات إلى الدول الغربية عبر المنسق الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا في أبريل الماضي، تتضمن إنشاء كونسورتيوم دولي على الأراضي الإيرانية بمشاركة طهران ودول عربية وغربية.

ويكمن إرجاع الرفض الإيراني للعرض الغربي إلى عدة عوامل، أهمها: وجود نوع من عدم الثقة في وعود الدول الكبرى بشكل يجعلها تتخلى عن قدراتها النووية، والتي وصلت فيها لمراحل متقدمة. القوة التي تتمتع بها إيران نسبيا في الوقت الحالي، في مقابل أزمات كبيرة تعيش فيها الدول الكبرى حالياً، مع تراجع احتمالات شن هجوم عسكري عليها وبالتالي لا داعي للتراجع! وفي مقابل هذا الضغط الدولي، واصلت روسيا في عام 2008 دعمها القوي لإيران، فبالإضافة إلى رفضها الحرب أو التلويح بها ومعارضتها الشديدة لإصدار أي قرارات تفرض مزيدا من العقوبات، والاكتفاء بما هو موجود، فإن موسكو اتخذت عدة خطوات دعمت بها البرنامج النووي الإيراني. أهمها استمرار العمل في بناء محطة بوشهر، وأعلنت شركة «اتم استروي اكسبورت» الروسية المتعهدة ببناء المحطة أن عدد العاملين الروس في المحطة زاد من 1300 شخص إلى 2000 شخص من أجل إنجازها في موعدها، بعد أن تم تأخير بناء المحطة مراراً بسبب خلافات مالية. كما أكدت روسيا أن العقوبات الأميركية على شركات روسية تتعاون مع إيران لن ترغم روسيا على تغيير مواقفها وسياساتها. وترددت في ديسمبر 2008، أنباء عن قيام موسكو بتزويد إيران بمنظومات صواريخ «إس ـ 300»، رغم النفي الرسمي الروسي.

* استعدادات عسكرية

* ولم تكتف إيران خلال عام 2008 بدعم قدراتها النووية فقط، بل واصلت عمليات زيادة قدراتها العسكرية لحماية منشآتها النووية من أي ضربة عسكرية محتملة. ففي 9 يوليو الماضي أجرت القوات الإيرانية تجربة باستخدام صواريخ «شهاب 3» الجديدة بعيدة المدى، وصواريخ «شهاب 1» و«شهاب 2» متوسطة وقصيرة المدى في الخليج العربي ومضيق هرمز، كما أعلنت في 4 أغسطس أنها اختبرت سلاحاً مضاداً للسفن من صنع إيراني يبلغ مداه أكثر من 300 كلم، وأعلنت في 12 أغسطس تطوير غواصة جديدة.

وفي 18 أكتوبر أعلنت أيضاً عن بدء المرحلة ثانية من مناورات القوات الجوية حملت اسم «حماة الولاية»، شاركت فيها مقاتلات من طراز «إف 13» و«إف 3» و«إف 5» و«سوخوي 23». وبدأت في 31 أكتوبر بناء خط من القواعد البحرية على طول سواحلها الجنوبية وحتى مضيق هرمز عند المدخل المؤدي إلى المجرى المائي لنفط الخليج الاستراتيجي.

مع عملية اختبار لإطلاق جيل جديد من الصواريخ أرض ـ أرض يحمل اسم (سجيل) مداه يقترب من ألفي كيلومتر، أي تقريبا نفس مدى صاروخ إيراني آخر هو الصاروخ «شهاب3»، وذلك في 13 نوفمبر الماضي. وفي حين أعلنت إيران في 18 نوفمبر افتتاح قاعدة بحرية على الخليج وصولا إلى مضيق هرمز، وهي القاعدة الرابعة التي يفتتحها الحرس الثوري الإيراني منذ أن تولى مسؤولية القوات البحرية بعد قرار صدر عن المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي في سبتمبر الماضي، بنقل مسؤولية قواعد وأمن الخليج من القوات البحرية الإيرانية التابعة للجيش النظامي إلى قوات البحرية التابعة للحرس الثوري. بدأت إيران في 2 ديسمبر مناورات بحرية في الخليج ومضيق هرمز، شارك فيها أكثر من 60 وحدة بحرية تشمل مدمرات وسفنا حربية مزودة بصواريخ وغواصات وفرق عمل خاص وطائرات هليكوبتر ومقاتلات.

ورغم كل ذلك فإن كثيراً ما تقول إيران إنها حققت تقدماً في أسلحتها، غير أن المحللين يقولون إنه من الصعب تقييم هذه المزاعم، لأنه لا يكشف عادة سوى عن تفاصيل قليلة، كما أن التكنولوجيا الإيرانية لا تضاهي بعد التصاميم الأميركية والأوروبية والروسية والصينية، وأن طهران تبالغ في قدراتها. وأخيراً فإنه في ظل هذه المعطيات وهذا الوضع المعقد، ومع إقرار محمد البرادعي منذ أسابيع وتحديداً في 7 ديسمبر الماضي، أن السياسة التي اتبعت حتى الآن مع إيران فشلت في تحقيق مبتغاها، و«أنه لم نتحرك مقدار بوصة واحدة تجاه معالجة القضايا»، وأن العقوبات قد تكون أدت إلى تشدد بصورة أكبر في موقف إيران». فإنه أصبح معروفا للعالم كله عدم نية إيران التخلي عن برنامجها النووي مهما بلغت الضغوط، خاصة أنه أصبح هدفًا قومياً، وذلك على الأقل في الوقت الراهن، وفي ظل هيمنة المحافظين على مؤسسات صنع القرار في إيران، بعد سيطرتهم مؤخراً على مجلس الشورى (البرلمان) في انتخابات مارس 2008، وتزايد فرص فوز الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية، مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي المتوقع في يونيو 2009.

إلا أنه وفي المقابل بات من الصعب التنبؤ بما يعتزم الغرب اتخاذه حيال الملف النووي الإيراني خلال العام القادم (2009)، فرغم إعلان الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما مراراً سعيه لإقامة حوار مع طهران واتباع الوسائل الدبلوماسية، إلا أنه أوضح أن هذا الحوار يبقى هدفه الرئيسي تعليق إيران نشاطاتها النووية الحساسة، الأمر الذي ترفضه طهران بشكل قاطع، وبالتالي فإن عام 2009 سيحمل وبلا جدال تصعيداً كبيراً في العقوبات الاقتصادية، ومن غير المستبعد أن يرجع مرة أخرى الحديث عن حرب على إيران، خاصة في ظل إصرار إسرائيل على توجيه ضربة إلى إيران ولو منفردة.

* وحدة أبحاث الشرق الأوسط