اليمن في 2008: حرب خامسة في صعدة تنتهي فجأة و«القاعدة» تظهر في حضرموت

الملف السياسي.. غموض مع المعارضة واحتقان متزايد في الجنوب و2009 يشهد الاستحقاق الانتخابي

TT

شهد العام 2008 أحداثا كثيرة في الساحة اليمنية على أكثر من صعيد.. وكانت هناك ثلاثة ملفات رئيسية بارزة هي: الإرهاب، الحرب في صعدة، والملف السياسي، إضافة إلى تطورات ومستجدات أخرى بعضها حاسم والبعض الآخر مازال معلقاً.

فخلال العام 2008 شهد اليمن عدداً من العمليات الإرهابية التي بدأت مع مطلع العام (يناير) وذلك عندما استهدف مسلحون، يعتقد أنهم ينتمون لتنظيم القاعدة، عدداً من السياح البلجيكيين بمحافظة حضرموت وقتل في الحادث سائحتان وأصيب ثالث وسائقهم اليمني. بعد ذلك بشهرين بدأت سلسلة هجمات متفرقة على بعض المصالح الغربية في البلاد، فقد أطلقت العديد من القذائف باتجاه مبنى السفارة الأميركية بصنعاء لكنها أخطأت الهدف وأصابت مدرسة للبنات مجاورة للسفارة مما أدى إلى إصابة 13 طالبة وعدد من الجنود اليمنيين الذين كانوا في محيط السفارة.

وإضافة إلى هجمات متفرقة وغير مركزة اتُهم تنظيم القاعدة أيضاً بالوقوف وراءها، فقد وقعت عمليات إرهابية كبرى كان أبرزها الهجوم الانتحاري الذي استهدف السفارة الأميركية في السابع عشر من سبتمبر(ايلول) الماضي بواسطة سيارتين مفخختين ونفذه ستة انتحاريين وتمكن حراس السفارة من الأمن اليمني من إحباط محاولة اقتحام السفارة لكن الثمن كان مقتل ستة جنود وأربعة مدنيين والمهاجمين الستة الذين كانوا يلفون أجسادهم بأحزمة ناسفة، وقبل هذه العملية كان انتحاري حاول في 25 يوليو (تموز) تفجير معسكر لقوات الأمن المركزي اليمنية في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت غير أنه لم يتمكن من ذلك وانفجرت السيارة المفخخة التي كان يقودها أمام المعسكر مما أدى إلى مقتل جندي والمهاجم الانتحاري الذي أعلن فيما بعد أنه يدعى أحمد عمر المشجري. ومن خلال سيناريو الأحداث الأمنية والإرهابية فقد كانت محافظة حضرموت هي المحطة الأبرز لنشاط تنظيم القاعدة في عام 2008 بصورة لافتة للنظر.. فإضافة إلى مقتل السائحتين البلجيكيتين ومحاولة مهاجمة معسكر الأمن، فقد تبين حسبما أعلنت السلطات اليمنية، أن خلية «نائمة» لتنظيم القاعدة كانت تخطط من مقر تواجدها بمدينة تريم بحضرموت لتنفيذ أعمال إرهابية في اليمن والسعودية.. ففي شهر أغسطس ألقي القبض على عدد من أفراد تلك الخلية بعد مهاجمة منزل بالمدينة واشتباكات رجال الأمن مع المسلحين مما أدى إلى مقتل عدد من المطلوبين الخطرين ضمن قائمة الـ 23 إرهابياً الذين فروا من سجن للمخابرات قبل عامين، بينهم حمزة القعيطي. كما أنه سبق ذلك الإعلان عن اعتقال أحد المطلوبين من القاعدة وهو هيثم بن سعد واثنين من مرافقيه في عملية أمنية وصفت بـ«النوعية»، وكانت في محافظة حضرموت أيضاً .

* الحرب في صعدة

* العام 2008 شهد أيضاً اندلاع الحرب الخامسة بين القوات الحكومية والحوثيين الشيعة في محافظة صعدة وذلك بعد أن فشلت مساعي الوساطة القطرية والمحلية في التوفيق بين الطرفين.

واستمرت هذه الحرب ـ وهي الأطول بين الحروب الاربع السابقة ـ حتى منتصف يوليو (تموز) الماضي، عندما فاجأ العالم الرئيس علي عبد الله صالح بإعلان وقف الحرب دون الإفصاح عن أية تفاصيل تتعلق بالاتفاق مع الحوثيين الذين مازالوا يبسطون سيطرتهم على مناطق شاسعة من محافظة صعدة وفي الأسابيع الماضية من شهر ديسمبر احتفلوا في بعض المحافظات بمناسبة «يوم الغدير» بحرية كاملة.

ورغم أن الحرب توقفت لكن نذر تجدها في أية لحظة تظل هاجساً لدى كثير من المراقبين لعدم اجتثات أسبابها بصعدة نهائية.

* السياسة.. أزمة مستمرة

* الملف السياسي لم يكن اقل سخونة عن سابقيه في 2008 في اليمن، فهو ربما الملف الشائك والمتشابك بين بقية الملفات. فالشق الاول منه والمتعلق بالعلاقة بين حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) واحزاب اللقاء المشترك (المعارضة)، شهد شدا وجذبا وحوارا سياسيا فشل في الأخير بعد عدم التوصل لاتفاق بشأن تعديلات قانون الانتخابات والاستفتاء. ومازاد الازمة تعقيدا هو اقدام الحزب الحاكم على الغاء مشروع التعديلات على القانون واقرار العمل بالقانون الساري واصدار الرئيس علي عبد الله صالح قرارا بتشكيل لجنة الانتخابات العليا دون توافق، ورغم انها ضمت اسماء من المعارضة فقد رفض المعارضون الذين عينوا فيها أداء اليمين الدستورية حتى اللحظة.

وتصاعدت الازمة بقيام لجنة الانتخابات باجراءات قيد وتسجيل الناخبين الجدد بمعزل عن المعارضة التي كانت قبل ذلك قاطعت انتخابات المحافظين التي جرت منتصف العام وخاضها الحزب الحاكم منفردا.

الشق الثاني تمثل في ارتفاع وتيرة الاحتجاجات في جنوب البلاد واتساع رقعة واعداد المنظمين لما يسمى بـ«الحراك السلمي في الجنوب» وهو الحراك الذي رفع سقف المطالب التي طرحت منذ ما بعد حرب صيف 94 الاهلية من المطالبة بـ «اصلاح مسار الوحدة اليمنية» الى المطالبة علنا باستعادة «دولة الجنوب».

وخلال اشهر العام نظم «الحراك الجنوبي» العديد من الفعاليات والتظاهرات التي ووجهت دائما بالقمع الامني وسقط فيها قتلى وجرحى.. أعقب ذلك اعتقال عدد من قادة «الحراك» ومعظهم من قادة الحزب الاشتراكي اليمني الذي ظلوا اشهرا في سجون المخابرات وقدموا للمحاكمة امام محكمة امن الدولة والارهاب «الجزائية المتخصصة» قبل أن يفرج عنهم بقرار عفو رئاسي.

ولعل اهم حدث في هذه الازمة اليمنية هو هروب السفير اليمني لدى ليبيا الدكتور حسين علي حسن «جنوبي» الى بريطانيا وكذا استقالة وزير الادارة المحلية عبد القادر هلال «شمالي» وهو المقرب كثيرا من الرئيس صالح، وذلك على خلفية ملفات حرب صعدة وحراك الجنوب والازمة مع المعارضة.

* يمن 2009

* إذ يلج اليمن الى 2009 بملفات مثقلة لم تغلق بعد .. صعدة الشمالية لغز وقف الحرب ومخاوف من اندلاع اخرى، وجنوب على صفيح ساخن تزيده الحلول الامنية سخونة وازمة بين الحكم والمعارضة في ظل تحذيرات دولية للحكم من خوض الانتخابات النيابية المقررة في ابريل (نيسان) المقبل، منفردا، اضافة الى استمرار مشكلات اخرى لا تقل اهمية مثل القرصنة التي تجري في خليج عدن وبالقرب من سواحل اليمن وأزمات اقتصادية لم تستطع ـ حتى اللحظة ـ الوصفات الدولية او مؤتمرات واموال المانحين من التخفيف منها على الاقل.. فهل سيأتي ديسمبر من العام 2009 وقد اغلقت هذه الملفات.. أم اضيفت اليها اخرى ؟!