مسلحو «عسكر طيبة» يعترفون بدورهم في هجمات مومباي

لم يرد في التحقيقات أي ذكر لوجود تورط حكومي في الاعتداءات

TT

صرح مسؤول باكستاني بأن سلطات بلاده حصلت على اعترافات من أفراد تابعين للجماعة الباكستانية المسلحة «عسكر طيبة» تفيد تورطهم في الهجمات الإرهابية على مومباي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، والتي حصدت أرواح أكثر من 160 شخصًا. وبالتأكيد ستضع تلك الاعترافات بضغوط شديدة على الزعماء الباكستانيين، حيث يشتكي المسؤولون الباكستانيون مرارا وتكرارا من أن الهند لم تقدم لهم أي دليل يفيد تورطا باكستانيا في تلك الهجمات.

وأوضح المسؤولون الأميركيون والبريطانيون ـ إلى جانب المحققين الهنديين ـ أن معلوماتهم الاستخباراتية كانت تشير بأصابع الاتهام بوضوح إلى تورط «عسكر طيبة» في هجمات مومباي. وكان ذلك الدليل لا يريح المسؤولين في باكستان بصورة كبيرة، حيث ساعدت وكالة الاستخبارات الباكستانية على إنشاء، وتمويل، وتدريب عناصر الجماعة الاصولية خلال فترة الثمانينات ليخوضوا حربًا بالوكالة ضد القوات الهندية في منطقة كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية. أما الآن، وبعد أسابيع من وضع العقبات، بات واضحًا أن باكستان من المحتمل أن تستغل تحقيقاتها لجعل القضية تبدو أن المهاجمين الإرهابيين على مومباي لم يكونوا جزءًا من مؤامرة نفذتها وكالة الاستخبارات، وأن المسلحين نفذوا تلك العملية من تلقاء أنفسهم بعيدا عن الحكومة. وأوضح المسؤولون الباكستانيون أن ضرار شاه كان أكثر من أدلوا باعترافات من بين الزعماء الكبار للعسكر. ويقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية إنهم على يقين أن شاه ـ مسؤول الاتصالات داخل الجماعة ـ يمثل حلقة الوصل بين العسكر والاستخبارات الباكستانية. ومن المؤكد أن تؤدي اعترافاته بالتورط في هجمات مومباي على ضوء علاقته الوطيدة مع وكالة الاستخبارات إلى إحراج الحكومة الباكستانية وجهازها الاستخباراتي. وقيل إن زكي الرحمن لخوي ـ مسؤول عمليات في عسكر طيبة ـ قد أبدى تعاونا مع المحققين، فيما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال أنباء اعترافات شاه. وأفاد المسؤول الباكستاني: «لم يبد أي نوع من الندم على الرجلين. فقد كانا يتباهيان، ولم يكونا بحاجة أبدًا إلى أن يتم إكراههما، أو التعذيب، أو الإيحاء بالغرق» للإدلاء بتلك الاعترافات. وأوضح المسؤول أنه لم يرد في التحقيقات أي ذكر لوجود تورط حكومي في الهجمات، وأضاف: «لقد تحدثوا عن أناس تصرفوا من تلقاء أنفسهم». ورغم إعلان السلطات الباكستانية اعتقال الرجلين في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر (كانون الأول)، أحجم المسؤول عن ذكر كم استغرق من الوقت للاعتراف بدورهم في هجمات مومباي، وأحجم المسؤول أيضًا عن تحديد كم الاعترافات التي حصلت السلطات عليها، وقال: «إنه ليس اعترافا واحدا». ومن ناحية أخرى، مازالت التفاصيل المتعلقة بماهية المسؤولين الأمنيين الذين أجروا التحقيقات، أو أين يتم احتجاز المشتبه بهم، أو فيما إذا كان سيتم توجيه أية اتهامات لهم أم لا أمرًا يشوبه الغموض. وعلاوة على ذلك، رفض مسؤولون آخرون مناقشة القضية أو حتى التأكيد على تصريحات المسؤول الباكستاني الذي كشف عن الأمر. وتحايل فرحات الله بابار ـ الناطق باسم آصف علي زرداري ـ على أسئلة الصحافيين المباشرة بشأن تورط باكستان في الهجمات، والاعترافات التي أدلى بها زعيما العسكر، قائلاً: «إن فكرة أن يكون شخص ما قد كشف أسرارًا في الوقت الذي لم تبادلنا فيه الهند حتى أية معلومات تبدو بعيدة الاحتمال». ومن المؤكد أن المسؤولين الهنود، والمتشككين الآخرين يشككون في مدى جدية التحقيقات التي يجريها المسؤولون الباكستانيون للتحقيق في ضلوع جهاز الاستخبارات الباكستاني أو أي دور محتمل لها في تلك الهجمات. ويقول المسؤولون الاستخباراتيون الأميركيون إنهم على قناعة بأن ثمة اتصالات باقية بين «عسكر طيبة» والاستخبارات الباكستانية، وأن جهاز الاستخبارات ساعد على دعم الجماعة المسلحة على مدار السنوات العديدة المنصرمة، من خلال تزويدهم بالمعلومات الاستخباراتية، وتوفير الحماية لهم. ويشير المسؤولون الأميركيون أيضًا إلى قناعتهم بأن الاستخبارات الباكستانية أصبحت أكثر حرصًا على إخفاء روابطها واتصالاتها مع المسلحين منذ فترة الصيف، وذلك بعدما اتهم المسؤولون الأميركيون الاستخبارات الهندية بالتورط في تفجير السفارة الهندية في أفغانستان.