أياد علاوي لـ «الشرق الأوسط»: أصبت بخيبة أمل من العملية السياسية.. والأميركيين

رئيس الوزراء العراقي الأسبق: 2009 سيكون عاما صعبا.. ونحاور كل القوى عدا الدعوة

اياد علاوي
TT

وصف الدكتور اياد علاوي، رئيس اول حكومة عراقية بعد تغيير نظام صدام حسين، والأمين العام لحركة الوفاق الوطني، ورئيس القائمة العراقية الوطنية، عام 2009 بعام الصعوبات، وبأنه عام معقد.

وكشف علاوي، الذي اتسمت حواراته بقراءة سياسية عميقة وصريحة، في نهاية عام وبداية عام جديد، في حوار لـ«الشرق الاوسط» في لندن، عما اسماه بـ«الاخطاء السياسية القاتلة للادارة الاميركية في العراق والمنطقة»، واصفا سياسات الرئيس الاميركي المنتهية ولايته جورج بوش بانها «منيت بالفشل الذريع»، وكاشفا عن عقد ستة اجتماعات جرت في بيته ببغداد مع الجانب الاميركي قبيل توقيع الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة.

وتحدث علاوي عن سياسة الاكراد، واصفا اياها بالناجحة، مشيدا بالقيادات الكردية الحالية، سواء في اقليم كردستان او في بغداد «بالرغم من ان هناك اختلافات في وجهات النظر مع القيادات الكردية ببعض الامور» على حد قوله. وكشف الرئيس الاسبق للحكومة العراقية عن انه موجود في بغداد وليس غائبا عن الساحة العراقية، كما يعتقد البعض. وفي ما يلي نص الحوار:

* اين هو اياد علاوي؟ العراقيون ينتظرون منكم مبادرة ما لكن ومنذ فترة انت غائب عن الساحة العراقية؟

ـ بل على العكس من ذلك، انا في العراق واكثر وجودي في بغداد، جئت لزيارة العائلة بمناسبة العيد وسأعود الى العراق حيث سأقوم بجولة في المحافظات. الاشهر الثلاثة الاخيرة أمضيتها في بغداد ونعمل على توسيع التحالفات والاتصالات، ولعبنا دورا بناء ومهما جدا في مسألة اقرار الاستفتاء على الاتفاقية الامنية واقرار وثيقة الاصلاح السياسي، هذه كلها كانت نتيجة لقاءات واجتماعات موسعة ونعتقد ان هاتين القضيتين تصبان في مصلحة الشعب العراقي.

> نعم انت موجود في بغداد، ولكن ماذا تفعل في بغداد باتجاه تفعيل حركة الوفاق الوطني، او التكريس لاسم اياد علاوي، خاصة ان الانتخابات النيابية ليست بعيدة؟

ـ انا لا انطلق من هذه المنطلقات، بقدر ما يهمني مسألة تبني المشروع الوطني العراقي ومفردات هذا المشروع والانتقال بالعراق من واقع مرير وسيئ الى واقع افضل، ولهذا اثناء وجودي ببغداد عملت على تقوية الاتصالات مع القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها واوضاعها، والجهة الوحيدة التي ليس لنا اتصال معها هي حزب الدعوة، ولنا اتصالات مهمة مع كل القوى الاخرى. لهذا كل ما انجز أخيرا، سواء حول موضوع الاتفاقية مع اميركا، او موضوع الصحوات، كان نتيجة هذه اللقاءات مع القوى السياسية الاخرى، وسوف نستمر بهذا الجهد خاصة ان سنة 2009 هي سنة مفصلية وسنة صعبة حيث انتخابات المحافظات ومن ثم الانتخابات العامة، ومناقشة قوانين مهمة مثل المادة 140 التي تتعلق بقضية كركوك وقانون النفط، وقضايا مهمة ومعقدة اخرى. وهي سنة صعبة للغاية، وجودي في العراق مهم وانا مستمر بالبقاء هناك، باستثناء زيارات مهمة لبعض الدول العربية.

> باعتقادكم ما هو الطريق الامثل لحل قضية كركوك؟

ـ موضوع كركوك وغير كركوك لا يحل عبر التصريحات المتشنجة، بل يحل وفق أسس مبدئية ثابتة قائمة على الارادة السياسية وعلى اتفاق القوى السياسية الموجودة في كركوك في معالجة مسألة التغيرات التي حصلت فيها، سواء المتغيرات الجغرافية او البشرية، ومن ثم قرار الاستفتاء هو المهم، حتى الآن ليس هناك استقرار على كيفية الوجود السكاني لأهالي كركوك، واية احصائية تعتمد، وما هي الحدود الادارية للمدينة، هذه تبحث بأسلوب هادئ.

> كيف تنظرون الى تجربة اقليم كردستان العراق؟ والى أداء القيادة الكردية؟

ـ اولا يجب ان اقول ان الاخ نيجيرفان بارزاني ابدى مسؤولية عالية في ادارة الاقليم، في طريقة ادائه وتوازنه، وما حدث في الاقليم يلفت النظر، وفي المقابل هناك اخوان أعزاء في القيادة الكردية، وعلى رأسهم الاخ مسعود بارزاني، والاخ كوسرت رسول (نائب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني ونائب رئيس اقليم كردستان العراق) استطاعوا ان يخلقوا حالة من التوازن المعقد في اقليم كردستان، ولا شك ان هناك الاخ جلال طالباني يلعب دورا مهما في حقن الامور بحقن من التوازن السياسي، بالتأكيد مهمته صعبة ومعقدة وغير سهلة وكان الله في عونه، فهو اخ عزيز وكبير وكلنا جاهزون لمساعدته. انا بصراحة انطلق من حسن النية والانفتاح مع الاكراد وغيرهم، فنحن بالتالي شعب واحد، لكن لا بد ان نقول ان الوضع الكردي مر بظروف صعبة جدا. اعتقد ان على الاخوة الاكراد ان يبذلوا جهودا اكبر باتجاه تحسين الاستقرار في الاقليم وبالانفتاح لضم كل القوى السياسية والاجتماعية للعملية السياسية في كردستان العراق، وهذا مهم وسيكون صمام الامان بالنسبة لبعض التوترات القائمة في كردستان. انا علاقتي متميزة مع الاخوة القادة الاكراد، وخاصة الاخ مسعود بارزاني وجلال طالباني وبرهم صالح وكوسرت رسول، واتحدث معهم بصراحة، وقد نختلف او نتفق، وغالبا ما نتفق، وهم لعبوا بلا شك دورا وطنيا كبيرا، والشعب الكردي استضاف القوى السياسية العراقية منذ بداية التسعينات وحتى 2003 وقد حموا هذه القوى.. المجتمع الكردي قدم لنا الحماية وهذا لن ننساه على الاطلاق، وجزء من تميز علاقتي مع الاخ مسعود بارزاني هو اننا نختلف ضمن قواعد المحبة والثقة، ما اعتقده خطأ اشير اليه وما هو صح نتحدث عنه وهو يتقبل ذلك ضمن اطار العلاقة والحرص والمحبة المشتركة، ونتفق ايضا في حدود هذه العلاقة. انا لن انسى عندما قيل للأخ جلال طالباني وفي مؤتمر صحافي معلن ان هناك خطا أحمر على اياد علاوي، فرد طالباني قائلا، من يضع خطا احمر على علاوي نحن نضع خطا احمر عليه، ويعني على من يضع علي خطا احمر.

في النتيجة نحن شعب واحد وان هناك حقيقة تاريخية هي ان حقوق الاكراد هضمت، ونحن القوميين العرب ساهمنا بهضم هذه الحقوق وعلينا ان نعيد التوازن ونضمن وحدة العراق، وعلى الاكراد ان يتفهموا ذلك وان يتركوا مواقع التوتر ويدخلوا في حوار جدي، وانا لعبت دورا جادا في تهدئة الاجواء مع تركيا قبل اشهر قليلة حيث زرت الرئيس التركي واجتمعت معه طويلا، بعدها بدأت العلاقات التركية الكردية تتحسن، بل والعلاقات التركية العراقية، عملت ذلك وانا خارج المسؤولية الحكومية في سبيل استقرار الوضع في العراق.

> هل أصبت بخيبة أمل من العملية السياسية في العراق؟ او من العراقيين؟ او من الاميركيين ؟ او من القائمة العراقية التي تترأسها؟

ـ أصبت بخيبة امل من العملية السياسية، ما كنت اتوقع ان تكون بهذا الشكل غير المتوازن، وما كنت اتصور او اتخيل ان العملية السياسية ستأكل نفسها من الداخل، وما كنت اتصور أن العملية السياسية سوف تبتعد عن سيادة القانون وتؤسس للطائفية السياسية في العراق، للأسف هذه خيبة أمل كبيرة في العملية السياسية، لهذا نسعى الى تعديل مسار العملية السياسية بحيث تكون متوازنة وتضم شرائح مختلفة من المجتمع العراقي، باستثناء المتورطين بقضايا الارهاب او الذين عليهم قضايا ضد العراقيين. اما بالنسبة لاميركا، فبالتأكيد منيت الولايات المتحدة بخسائر استراتيجية كبيرة في العراق كما منيت بهزائم استراتيجية كبيرة في لبنان والصومال وافغانستان وباكستان وفي فلسطين، وهذه الهزائم انتقلت لتشمل الاوضاع الاقتصادية في العالم، وهذا بسبب قيادة اميركا لقضايا العالم، ووصلنا الى مرحلة سوداوية، وحل استعداء من شعوب المنطقة لاميركا، حتى وان كان غير مقصود، بدليل ما يحصل الان في افغانستان من تصعيد لعمل طالبان والقاعدة، وبحسب اعترافات البريطانيين والصحف الانجليزية التي تؤكد ان طالبان والقاعدة مسيطرون على 70% من اراضي افغانستان، هذه خسائر استراتيجية. في العراق، بالتاكيد هناك خسائر استراتيجية كبيرة ايضا، حيث تم تفكيك الدولة العراقية، وما استطاعت الادارة الاميركية من مساعدة العراقيين ببناء دولتهم الوطنية، وأسست لأوضاع سياسية طائفية في العراق، وحصلت فرقة في الشارع السياسي العراقي نتيجة التوجه السياسي الاميركي، فرقة بين سني وشيعي، بين كردي وعربي، بعثي وغير بعثي، وهذا من التيار الصدري، وذاك من الجيش الاسلامي، حدثت فرقة خطيرة، صحيح ان العراقيين لعبوا دورهم في هذا الموضوع، لكن تفكيك الدولة العراقية وسياسات الاجتثاث السيئة الصيت وتسييسها بشكل غير مقبول، مثلما قامت به الادارة الاميركية، وبناء الدولة على اسس طائفية دللت الان، وبعد 6 سنوات على سقوط النظام السابق، ان الولايات المتحدة الاميركية منيت بخسائر استراتيجية خطيرة في العراق، ناهيك من منطقة الشرق الاوسط. > هل هناك خيبة أمل من القائمة العراقية التي تترأسها؟

ـ ضمن الظروف الحالية ليست هناك خيبة امل من القائمة العراقية، وهذه القائمة اثبتت وجودها بقوة في قضيتين، الاولى بتبني المشروع الوطني العراقي الذي الان كل السياسيين يتحدثون به، بينما كان سابقا من المحرمات، ثانيا، على صغر القائمة استطاعت ان تقيم علاقات مهمة في مجلس النواب العراقي، وقد شكلنا لجنة تنسيق مع قوى مهمة في البرلمان العراقي ومحور هذه اللجنة هي القائمة العراقية. ومن نجاحات القائمة ما تحقق من تعديلات في الاتفاقية العراقية الاميركية، وقبيل التوقيع عليها حدثت في بيتي ببغداد ستة اجتماعات مع الاطراف الاميركية وحضرها السفير الاميركي كروكر، واحتدت النقاشات في هذه الاجتماعات التي جعلت الجانب الاميركي ينتقل من التطرف الى اللين والقبول ببعض التعديلات، هذا ونحن لسنا مع الحكومة، والحكومة لم تحاورنا بل الجانب الاميركي هو الذي تحاور معنا. هناك قسم من الاخوة تركوا القائمة، وهذا يحدث في كل الاحزاب والحركات وللأسف ان بعض من خرج عبّر باسلوب غير واقعي عبر اعلانهم، وفي اعتقادي هم نادمون على ذلك.

> كيف تنظرون الى اهمية الاتفاقية العراقية الاميركية؟

ـ الاتفاقية هي مجرد تنظيم لخروج القوات الاميركية من العراق، هناك اتفاقية استراتيجية مع الادارة الاميركية تتعلق بالجوانب التقنية والثقافية، والاقتصادية، وهذه جيدة جدا وانا اشجع الحكومة العراقية على ان توقع مثل هذه الاتفاقية مع دول اخرى وبدون استثناء، اما الاتفاقية الامنية فليس فيها ما هو لصالح العراق او اميركا سوى انها تريد الخروج من العراق بكرامتها ومرفوعة الرأس. هذا هو جوهر الاتفاقية، وباعتقادي ان (باراك) اوباما (الرئيس الاميركي المنتخب) سوف يسرع بسحب قوات بلاده وسيختصر الزمن من 3 سنوات الى سنة ونصف السنة. هنا يجب ان اذكر مسألة مهمة وهي ان على العراقيين ألا يعتمدوا على الاخرين في إعداد القوات العراقية واستخباراتهم، على العراقيين الاعتماد على انفسهم لقيام مؤسسات وطنية عراقية من دون الاعتماد على الغير، لا على اميركا ولا على غيرها، اقول ذلك لانه بعد مرور ست سنوات على سقوط النظام السابق وضعت الولايات المتحدة جهودها لبناء العراق وقواته المسلحة لكن هذه المحاولات لم تثمر عن اي جهد او نتيجة .

> ألا تعتقد ان جهود الادارة الاميركية حقيقية في موضوع بناء القوات العراقية؟

ـ لا ليست حقيقية، وحسب اعترافات كولن باول، وزير الدفاع الاميركي الاسبق، يقول انه يبدو ان الادارة الاميركية كانت تعطينا معلومات خاطئة عن عدد الجنود والشرطة العراقيين الذين تم تدريبهم، ارقام كاذبة، وهذا التصريح نشر قبل ايام قليلة في الصحافة البريطانية، وهذا كان رأيي، انا احترم هذا الرجل احتراما كبيرا، لانه صريح ولي لقاءات كثيرة معه، وقد تناقشنا مرة حول هذا الموضوع، حول اعداد العراقيين المدربين في الجيش والشرطة، وقد اخبرت الرئيس بوش نفسه وقلت له ان الارقام التي تعطى لكم حول عدد افراد الجيش والشرطة غير صحيحة وغير دقيقة.

> ما هو تأثير مسألة الاستفتاء على الاتفاقية العراقية الاميركية، فاذا حسبناها زمنيا ستكون النتائج خروج القوات الاميركية في وقت مقارب لما هو مقرر في الاتفاقية؟

ـ لا، هناك فروق جوهرية، اولا في حالة عدم موافقة العراقيين عليها سيكون هناك فرق قدره سنة ونصف، ثم ان الاستفتاء يؤكد ان العراقيين هم اصحاب القرار وليس اعضاء مجلس النواب الذين لا يمثلون كل شرائح المجتمع العراقي، انا اعتقد ان هذا الموضوع فيه دلالة مهمة وسوف يسرع بعملية خروج القوات الاميركية.

> هذا في حالة ان الشعب العراقي استفتى بـ«لا» للاتفاقية؟

ـ بالتأكيد، اما اذا كان الشعب العراقي يريد بقاء القوات الاميركية فهذا موضوع آخر، وهذا متروك للاستفتاء. على العموم القوات الاميركية تحتاج الى سنة لتخرج من العراق بصورة لا تبدو وكأنها هزيمة سياسية وهذا سوف ينسجم مع تطلعات القيادة الاميركية الجديدة.

> كيف تقيم مرحلة رئاسة بوش وهو يغادر البيت الابيض؟

ـ فشل ذريع، وفشل السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الاميركية، وهذا يشمل ما يتعلق بمقاومة الارهاب والسياسة الاقتصادية، نعم سياسات بوش فشلت فشلا ذريعا وكانت هناك عناصر يمكن الاعتماد عليها، لكنني لا اعتقد ان قصده كان سيئا، لكن اداءه كان في مسائل كثيرة غير صحيح، واصراره على مسميات منها الديمقراطية والانتخابات المفتوحة من غير الاهتمام بمسألة الاستقرار السياسي، كان خطأ كبيرا وألقى بظلاله السلبية في العراق وايران وافغانستان ومصر وفلسطين، لهذا انا اعتقد انه اذا ذكرت تاريخيا سياسة الرئيس بوش، فانها سوف تذكر باعتبارها ادت الى فشل وادت الى فوضى اقتصادية في العالم.

> لكن سياسة الرئيس بوش هي التي خلصت العراق من نظام صدام حسين؟

ـ نعم هذا صحيح، لكنها ادت في الوقت ذاته الى اخطاء مميتة والى تفكيك المجتمع العراقي وانقسام المنطقة، وبغض النظر عن صدام حسين، وانا المعروف عني كنت من معارضيه، ولكن العراق كان مركز ثقل اساسي في المنطقة، الان ما عاد العراق يشكل اي مركز ثقل ولا اهمية في منطقته، في بعض الحكومات المتعاقبة على حكم البلد، ومنها نظام صدام تمارس الطائفية السياسية، لكن الطائفية السياسية لم تنتشر في العراق مثلما يحدث اليوم، ولم تكن الامور تؤسس على اعتبار هذا سني وهذا شيعي وذاك كردي وهذا عربي، الان للاسف صارت هذه الممارسات هي المبادئ الرئيسية السائدة، هذه الاخطاء القاتلة لو ان اميركا بعد الخلاص من نظام صدام ما حلت الجيش ولا فككت مؤسسات الدولة، ولو اعتمدت مسألة البعث قضية قضائية يحاسب بموجبها المذنب في ضوء الاستحقاقات القانونية، ولو لم تدفع العراق باتجاه المحاصصة الطائفية وشكلت حكومة وطنية مباشرة بعد الحرب لكان الان الوضع في العراق مختلفا اختلافا جذريا، لكن الحرب بحد ذاتها بنيت على اساس سياسي، اذ كان الهدف الاول بسبب وجود اسلحة الدمار الشامل، وظهر ان هذه المسألة كذب اذ لم يتم الكشف عن وجود اية اسلحة دمار شامل، والمسألة الثانية التي بنيت على اساسها القوة للحرب في العراق هي ان للنظام السابق علاقة مع تنظيم القاعدة، وهذه ايضا اظهرت النتائج كذبها. ان اسباب الحرب ليست الاسباب التي بنيت تاريخيا لقيامها، ولو قالوا اننا نريد مساعدة العراقيين على الخلاص من نظام صدام حسين ودعموا قوى الشعب العراقي في هذا الاتجاه، ومنهم قوات الجيش العراقي وحتى البعثيون لكانت النتائج افضل بكثير مما يحدث الان. الحرب بحد ذاتها صدعت التوازن في المنطقة وبدت تنتقل مسألة الطائفية السياسية من العراق الى الجوار وبشكل واضح، صحيح انهم خلصوا العراق من صدام حسين ولكن لاسباب لم تكن واضحة ولم يعلن عنها.

> هل انت متفائل بوصول الرئيس باراك اوباما الى البيت الابيض؟

ـ امام الرئيس الاميركي المنتخب المشاكل التالية، انه يستلم ركام الانهيار الاقتصادي، ومشاكل داخلية وخارجية، ومشاكل معقدة و(عويصة) مع كل دول العالم، خاصة مع العالم الاسلامي والشرق الاوسط ومع روسيا والصين. العالم كان ثنائي القطب، الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، اليوم هناك عدة اقطاب، منها اوروبا والصين وروسيا هذه كلها تضع صعوبات امام مهمة اوباما، ثم ان الرئيس المنتخب اضطر للاستعانة بوزراء اقوياء جدا ويتمتعون بوضوح قوي وفرض آرائهم ولن يتساهلوا، بدءا بوزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، او وزير الاقتصاد والدفاع وحتى نائب رئيس الجمهورية وانا اعرفه هو شخص معتد برأيه وقوي . > هل كان السياسيون العراقيون، ومنهم اياد علاوي، مؤيدين لفكرة الحرب؟

ـ لا..ابدا، انا شخصيا، وكذلك حركة الوفاق الوطني كنا نعمل على فكرة تغيير النظام من الداخل.

> لكنكم قمتم بمثل هذه المحاولات ولم تنجح وأعدم من أعدم من المشاركين فيها؟

ـ نعم قمنا بهذه المحاولات وللاسف استشهد بعض الاخوة، ذلك لاننا لم نكن نحظى بالدعم المطلوب، لهذا انا اعتقد ان الخلاص من نظام صدام كان مسألة اساسية، لكن استبدال نظام صدام بفوضى عارمة ما كان صحيحا بل كان يجب معالجة الامور باسلوب آخر غير الذي حصل ويحصل اليوم. واتمنى ان يكون هناك تفهم جديد في المنطقة ولدى القيادة الاميركية الجديدة للاوضاع في العراق، وان تبنى المؤسسات العراقية على اساس وطني وليس على اساس المحاصصة الطائفية.

> لكنك تعتبر من اكثر السياسيين العراقيين قربا للاميركيين، هل كانت تدور بينك وبين الادارة الاميركية نقاشات او حوارات تتعلق حول فشل سياستهم في العراق؟

ـ انا ما يهمني هو ان افعِّل هذه العلاقات من اجل استقرار العراق وسلامة المنطقة ككل، اما ان تتحول الصداقة الى اذعان سياسي فهذا مرفوض طبعا. لهذا صداقتي وعلاقاتي مع المسؤولين الاميركان تصب في مصالح العراق والشعب العراقي، وكمثل واضح على ذلك هي الاتفاقية بين العراق واميركا التي لم اقبلها بشكلها الذي طرحت فيه الا بعد ان فرضنا موضوع الاستفتاء ووثيقة الاصلاح السياسي. نعم هناك خيبة امل كبيرة من سياسات الادارة الاميركية في العراق وخارجه. في كلمتي التي القيتها امام الكونغرس الاميركي قبل ثلاثة اشهر قلت لهم لا تتعاملوا مع العراق كونه دولة محتلة وانتم باعتباركم دولة قوية وكبيرة وتذكروا ما حدث في ثورة العشرين عندما كانت بريطانيا تحتل العراق، أسسوا علاقاتكم مع العراقيين على اساس الصداقة والشراكة المتساوية الحقيقية بين شعبين وبين حكومتين. للاسف هذا لم يحدث، وتعرفون ان الادارة الاميركية تكاد ان تكون مهزومة، وهم يبحثون عن مخرج وبلغ الامر ان الادارة الاميركية عجزت عن السيطرة على قراصنة في الصومال.

> تحدثتم عن المصالحة الوطنية، بعد تلك السنوات ماذا حدث لهذه المصالحة؟

ـ صارت هناك فرقة اكثر، شيعة وسنة، صدريون وفضيلة، آشوريون وتركمان، عرب واكراد. المصالحة هي ليست بين شرائح المجتمع العراقي الدينية او العرقية، فالاكراد مثلا ليسوا ضد العرب وليس العرب ضد الاكراد في العراق، ولا الاشوريين او التركمان، او الشرائح الدينية والمذهبية ضد بعضها البعض، هذه السياسات فرضتها للاسف السياسة الاميركية. ما اقصده بموضوع المصالحة الوطنية هي المصالحة على اسس سياسية، اولا، مسألة مراجعة الدستور مراجعة فعالة واعادة صياغة اجزاء منه، وانا طرحت ذلك منذ الاعلان عن الدستور العراقي، ثانيا، معالجة موضوع الجيش والشرطة السابقين بشكل وبآخر واعادة كرامة القوات المسلحة، ثالثا، معالجة موضوع الملايين من العراقيين اللاجئين في الخارج وان يعودوا مرفوعي الرأس الى بلدهم ويستلموا وضائفهم ويعملوا بشكل يؤدي الى ان يساهموا ببناء العراق بشكل كبير، رابعا، الابتعاد عن المحاصصة الطائفية السياسية وعدم اعتمادها كنهج عمل، خامسا، بناء الاجهزة الحكومية بمهنية، منها المؤسسات الخدمية والمؤسسات الامنية والجيش، الان من الامور المخزية التي تحدث في العراق هي وجود احصائيات تشير الى عدد الموظفين من الحزب الشيوعي ومن حزب الدعوة ومن المجلس الاعلى ومن السنة ومن التركمان، وكذلك السفراء والمديرون العامون، هذه تسمى للاسف قوائم التوازن، هذا العراق منذ تشكيله بعد ثورة العشرين (1921) لم يمر بمثل هذا الوضع السيئ، والان بعض المؤسسات الحكومية توزع استمارات يجب ان تثبت فيها قوميتك ومذهبك، سواء كنت سنيا او شيعيا او تركمانيا او كرديا او عربيا، العراقيون عمرهم ما كانوا هكذا، لو تعود الى ثورة العشرين التي انطلقت في المناطق الشيعية، لكن من شارك بها السني والمسيحي والكردي. علينا ان نعدل مسار العملية السياسية، او لن يكون هناك استقرار في العراق، وجوهر العملية السياسية هو مسالة المصالحة الوطنية. هذه الامور لا تحدث بالاعلام عبر التصريحات والمهاترات، بل بشكل هادئ وواضح.

> كيف تنظرون الى مجالس إسناد العشائر؟

ـ هذا واحد من ابرز الادلة على ان الدولة تخرق مسألة بناء مؤسسات وطنية امنية او خدمية.

> كيف تقيمون اليوم اداء الحكومة العراقية؟

ـ اداء ضعيف وقائم على اساس المحاصصة السياسية، الفساد الاداري كبير، واجهزة الدولة مخترقة. مضت على وجود الائتلاف (العراقي الموحد) اربع سنوات في الحكم لكنهم لم يستطيعوا بناء مؤسسات الجيش والشرطة الوطنية لهذا اضطروا الى تشكيل مجالس اسناد وغيرها، وهذه ظاهرة غير صحيحة، البديل لهذا الامر هو بناء الاجهزة الوطنية.