إسرائيل تبدأ الاجتياح البري لغزة

مجلس الوزراء أعلن أن الهدف السيطرة على المناطق التي تطلق منها الصواريخ

جنود إسرائيليون على أهبة الاستعداد لتنفيذ عملية الهجوم البري على غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد ثمانية أيام من القصف الجوي على غزة، بدأ الجيش الاسرائيل ليلة أمس الغزو البري للقطاع، ودخلت آلاف الوحدات البرية الى قطاع غزة في عملية ستستغرق «أياما طويلة» بحسب متحدث باسم الجيش الاسرائيلي. واعلنت رئاسة مجلس الوزراء الاسرائيلي في بيان ان اسرائيل تريد «السيطرة» على المناطق التي تطلق منها الصواريخ في قطاع غزة باتجاه اسرائيل. وجاء في البيان ان «الجيش الاسرائيلي ينوي السيطرة على المناطق التي تطلق منها الصواريخ منذ عدة اشهر».

وأعلن الجيش الاسرائيلي من جهته في بيان ان «اعدادا كبيرة من القوات» الاسرائيلية تشارك في «المرحلة الثانية» من العملية في غزة. وجاء في بيان للجيش الاسرائيلي بعد وقت قصير من بدء العملية: «قبل قليل بدأت قوات الدفاع الاسرائيلية تنفيذ المرحلة الثانية من عملية (الرصاص المتدفق) وبدأت قوات برية الانتشار داخل قطاع غزة». واضاف البيان: «أعداد كبيرة من القوات تشارك في هذه المرحلة من العملية بما فيها سلاح المشاة ودبابات وسلاح الهندسة والمدفعية والاستخبارات بدعم من الطيران والبحرية ووكالة الامن الاسرائيلية ووكالات امنية اخرى».

وتوعد الجيش الاسرائيلي في بيان سكان غزة الذين سيساعدون «ارهابيي» حركة حماس، وقال في بيان صادر عن مكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بعيد بدء الاجتياح: «كل من يأوي ارهابيا او اسلحة في منزله يعتبر بمثابة ارهابي».

وكان مكتب وزير الدفاع ايهود باراك قد اعلن ان اسرائيل استدعت الآلاف من جنود الاحتياط للمشاركة في هجومها البري. وجاء التقدم بعد ان أطلقت القوات الإسرائيلية المحتشدة على الحدود الشمالية والشرقية قنابل إنارة في المنطقة. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن قوات برية من الجيش الإسرائيلي دخلت مساء القطاع وبدأت بالزحف على عدة مواقع. وأفاد شهود عيان بأن تحركات للدبابات الإسرائيلية شوهدت تتقدم على أطراف قطاع غزة الشمالية والشرقية والجنوبية.

وقالت الإذاعة إن «رتلا مدرعا إسرائيليا دخل منطقة شمال القطاع وقد استبق التوغل قصف مدفعي عنيف». وقال الجيش ان القوات البرية الاسرائيلية التي دخلت غزة ستستولي على بعض المناطق التي تستخدمها فصائل فلسطينية في اطلاق صواريخ على اسرائيل. وأضافت الميجر أفيتال ليبوفيتش المتحدثة باسم الجيش: «الهدف هو تدمير البنية الاساسية الارهابية لحماس في منطقة العمليات». وكانت إسرائيلخلال النهار واصلت قصفها لقطاع غزة جوا وبحرا، فيما شرعت المدفعية الإسرائيلية لأول مرة منذ بدء العملية الإسرائيلية بإطلاق قذائفها على تخوم المناطق السكانية الفلسطينية. وحذرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، في بيان، من ان اسرائيل «ستدفع ثمنا غاليا» في مقابل هجومها البري، مؤكدة ان «العديد من الجنود الاسرائيليين» قتلوا في هذا الهجوم. من جانبها قالت اذاعة اسرائيلية ان عشرات من مقاتلي حماس قتلوا في الهجوم. وقال بيان كتائب القسام «سنقاتل حتى النهاية»، مؤكدا ان «العديد من الجنود الاسرائيليين قد قتلوا» في انفجار عبوة ناسفة تم التحكم فيها من بعد.

من جانبه، المتحدث باسم حماس اسماعيل رضوان وهو يتلو بيانا عبر القناة التلفزيونية التابعة لحماس ان «دخولكم الى غزة لن يكون نزهة، وغزة ستكون مقبرتكم بعون الله».

واضاف مخاطبا الاسرائيليين: «لا خيار لكم سوى انهاء عدوانكم من دون شروط ورفع الحصار». وتابع رضوان «لن تتمتعوا بالأمن مادام شعبنا لا يتمتع به».

في الوقت ذاته دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجلس الامن الدولي الى الانعقاد فورا لوقف الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة، بحسب ما اعلن كبير المفاوضين صائب عريقات.

وقال عريقات ان الرئيس عباس «دان بشدة العدوان الاسرائيلي». واضاف «ان الرئيس عباس كثف هذه الليلة اتصالاته مع مختلف الدول العربية والاجنبية من اجل وقف العدوان الاسرائيلي وبدون شروط».

وتابع، ان عباس «يعتبر ان توسيع العدوان الاسرائيلي ضد غزة سيكون له عواقب خطيرة على المنطقة»، مضيفا «ندعو لعقد جلسة عاجلة جدا لمجلس الامن الدولي وتوفير حماية دولية لابناء شعبنا باقصى سرعة ممكنة».

وأعلن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك مساء السبت ان اسرائيل مستعدة لأي احتمال عند حدودها الشمالية مع لبنان، وذلك في تحذير ضمني لحزب الله اللبناني.

وقال باراك في كلمة القاها في وزارة الدفاع «نأمل ان تظل الحدود الشمالية هادئة، لكننا مستعدون لأي احتمال. لا نسعى الى مواجهة على الجبهة الشمالية». واضاف «في وقت نقاتل فيه في غزة، سنظل متيقظين حيال الوضع الحساس عند حدودنا الشمالية». وكان باراك قد وقع في وقت سابق «امرا باستدعاء عاجل للآلاف من جنود الاحتياط» في اطار الهجوم البري على غزة، وفق المتحدث باسمه.

ودعا الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله حركة حماس وسائر فصائل «المقاومة في فلسطين» الى «إلحاق أكبر قدر من الخسائر» بالجيش الاسرائيلي.

وقال نصر الله في خطاب القاه عبر شاشة عملاقة امام الاف من مناصري الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت «الاخوة في المقاومة في فلسطين يعرفون جيدا ان الاصل في المواجهة البرية هو الحاق اكبر قدر من الخسائر في صفوف العدو الاسرائيلي»، مؤكدا ان هذا الامر «هو الذي يحسم المعركة».

في غضون ذلك اعلن احد المتحدثين باسم الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما أمس، ان الاخير «يراقب الوضع في غزة»، رافضا التعليق على الهجوم البري.

وقال بروك اندرسون في بيان ان «الرئيس المنتخب يراقب عن كثب الاحداث العالمية وبينها الوضع في غزة»، متداركا «ليس هناك سوى رئيس واحد حاليا وننوي احترام هذا الامر»، وذلك تبريرا للصمت الذي يلتزمه اوباما حيال النزاع بين اسرائيل وحركة حماس.

وعملا بمبدأ «الرئيس الواحد» الذي ردده فريق اوباما خلال المرحلة الانتقالية، فان الرئيس الاميركي المقبل لن يدلي باي موقف حتى تسلمه مهماته رسميا في 20 يناير (كانون الثاني).

وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، لم يشأ البيت الابيض التعليق على الهجوم البري الاسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ قرابة الساعة 50،19 تغ.

وفي مذبحة أخرى، لقي 10 مصلين فلسطينيين، مصرعهم أمس، بينهم أطفال، اثر غارة شنها الجيش الإسرائيلي على مسجد في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة. وذكرت مصادر فلسطينية أن طائرة إسرائيلية نفاثة من طراز «إف 16» أطلقت صاروخاً على مسجد «إبراهيم المقادمة» في البلدة أثناء إقامة صلاة المغرب فيه الأمر الذي ادى الى مقتل عشرة أشخاص على الأقل وجرح اكثر من 60 شخصا، بينهم 16 في حالة الخطر». وأغارت الطائرات الحربية على مطبعة الرنتيسي في منطقة النصر مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل، كما قصفت مقر صحيفة الرسالة التابعة لحركة حماس ودمر مقرها بالكامل. وقتل قيادي في كتائب القسام ابو زكريا الجمّال بعد قصف منزله في قطاع غزة.

ولأول مرة منذ بدء العدوان تدخلت المدفعية الإسرائيلية، وقصفت مناطق على طول الحدود الشرقية بين القطاع وإسرائيل، وخصوصا بيت حانون وجباليا في شمال قطاع غزة إضافة الى خان يونس في الجنوب. وتم إطلاق عشرات من القذائف على شرق مدينتي خان يونس ودير البلح وغطت سحب من الغبار المواقع المستهدفة. وشوهدت دبابات تتحرك في اتجاه الحدود بين القطاع واسرائيل، فيما حلقت طائرات فوق المنطقة، وفق المصدر نفسه.

وأعلن الجناح العسكري لحركة حماس انه تصدى لتوغل حاول عناصر قوة خاصة من الجيش الاسرائيلي القيام به واجتياز الحدود مع قطاع غزة. وقال متحدث باسم كتائب عز الدين القسام ان مقاتلي الحركة رصدوا عددا غير محدد من عناصر القوات الخاصة الاسرائيلية كانوا يحاولون الدخول الى منطقة الشجاعية الحدودية في شرق قطاع غزة. واضاف ان مقاتلي حماس اطلقوا ست قذائف هاون على الاسرائيليين الذين ردوا بالاسلحة الخفيفة قبل ان يتراجعوا مضيفا انه لم تقع ضحايا. ومن ناحيته، قال متحدث باسم الجيش الاسرائيلي انه لا يستطيع التعليق على هذه المعلومات على الفور.

وفي خان يونس جنوب القطاع قتل بعد ظهر امس ناشطان من «كتائب القسام»، واصيب عدد من المارة بجراح عندما اطلقت طائرة استطلاع صاروخاً على السيارة التي كانت تقل الناشطين. وذكر شهود عيان أن طائرة استطلاع بدون طيار اطلقت صاروخاً على سيارة كانت تمر بالقرب من مقر مديرية التربية والتعليم في منطقة المحطة بمدينة خان يونس جنوب القطاع، الأمر الذي أدى إلى مقتل الناشطين وهما: شادي الشوربجي ومحمود معروف، حيث وصلا إلى مستشفى ناصر بخان يونس كأشلاء. وللشرق من مخيم جباليا قتل ناشطان من «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكري لحركة حماس الليلة قبل الماضية في غارة جوية إسرائيلية بالقرب من دوار زمو شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة.

وذكرت المصادر أن الغارة استهدفت مجموعة من عناصر «الكتائب» كانت تستعد لإطلاق قذائف صاروخية على المستوطنات اليهودية المحيطة بالقطاع. وذكرت مصادر فلسطينية أن إحدى طائرات الاستطلاع أطلقت صاروخاً على أفراد المجموعة، الأمر الذي أدى إلى مقتل اثنين من عناصر المجموعة وجرح البقية بجراح بالغة نقلوا على اثرها الى مستشفى « كمال عدوان»، في مخيم جباليا. وقتل فجر امس السبت القيادي في كتائب القسام ابو زكريا الجمّال بعد قصف منزله شرقي مدينة غزة، وفي وقت لاحق من الليلة قبل الماضية قتلت طفلة فلسطينية واصيب ثلاثة من أفراد عائلتها في غارة جوية إسرائيلية جديدة على منزل العائلة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وذكرت مصادر فلسطينية أن سجود الدردساوي 13 عاماً قتلت عندما اطلقت طائرة اف ستة عشر نفاثة صاروخاً على منزل العائلة. واستهدفت طائرات الاحتلال صباح امس موقعاً لكتائب القسام في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة وموقعاً اخر بالقرب من مسجد الفاروق بحي الزيتون جنوب المدينة وغارة على موقع في حي تل الهوا جنوب غربي غزة ومنزل يعود لناشط في «كتائب القسام»، في حي تل الزعتر شمال جباليا. وقتلت الليلة قبل الماضية تهاني ابو عايش (22 عاما) واصيب خمسة من افراد اسرتها اثر قيام طائرة حربية باطلاق صاروخ قرب منزلها في منطقة حجر الديك شرق مخيم البريج وسط القطاع.

الى ذلك اعلنت مصادر طبية فلسطينية عن وفاة اثنين من الجرحى الفلسطينيين الذين نقلوا عبر معبر رفح للعلاج في المستشفيات المصرية، وهما: بلال سهيل غباين (19 عاماً) وعودة حمادة ابو الفتية ( 34 عاماً).