القصف الإسرائيلي يفترس أطفال غزة.. وهم يلهون في الشوارع أو في البيوت

26% من القتلى و45% من الجرحى هم من صغار السن

TT

بعد سطوع الشمس بعد ثلاثة أيام من الجو الشتوي العاصف، نجح أبناء العمومة الثلاثة بعد عصر أول من امس الجمعة في إقناع ذويهم بالسماح لهم باللهو وسط كرم الزيتون الذي يحيط ببيوتهم، في قرية القرارة جنوب قطاع غزة. في نظر ذوي كل من عبد الستار وليد الأسطل، وعبد ربه اياد الأسطل، وكلاهما يبلغ من العمر 10 أعوام، ومحمد عبد ربه الأسطل (8 أعوام)، لم يكن هناك مسوغ للخوف على أطفالهم، حيث أنه لا توجد في محيط المكان مؤسسة حكومية، أو موقع تدريب عسكري، ولا حتى قيادات أو كوادر من المقاومة يمكن استهدافها من قبل الطائرات الإسرائيلية الحربية، فسمحوا لهم بالخروج للهو.

وبينما كانت أصوات الأطفال الثلاثة ترتفع وهم يلعبون لعبة «الغماية»، فإذا بطائرة استطلاع إسرائيلية بدون طيار تطلق على الثلاثة صاروخاً بشكل مباشر، فيقتلون مباشرة، وتتطاير أشلاؤهم في الهواء، ويعلق بعضها على أغصان الأشجار. تعمد الجيش الإسرائيلي قتل الأطفال الثلاثة أثار الغضب والحنق والصدمة في نفس الجيران وكل من عرف طبيعة المنطقة التي شهدت الجريمة، حيث أنها منطقة تعتبر هادئة مقارنة مع بقية مناطق القطاع. سقوط الأطفال قتلى وجرحى في الغارات الجوية هو أحد أهم معالم الحملة العسكرية الوحشية التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في قطاع غزة. حقيقة أن قطاع غزة هو المنطقة الأكثر كثافة سكانية في العالم، حيث يعيش 1.5 مليون نسمة على مساحة لا تزيد عن 365 كلم مربع تجعل استخدام اسرائيل قنابل تزن الواحدة منها طناً في عمليات القصف وصفة لقتل وجرح المدنيين من اطفال ونساء. فحسب احصائيات وزارة الصحة الفلسطينية فإن 26% من القتلى و 45% من الجرحى هم من الأطفال.

بعد ظهر الإثنين الماضي كان الطفل محمد ابوطير (3 أعوام) كان مع والده واثنين من اقاربه في احد الحقول المتاخمة لبلدة بني سهيلا، شرق مدينة خان يونس، جنوب القطاع عندما قامت احدى مروحيات الأباتشي بإطلاق ثلاثة صواريخ من طراز «هايل فاير» الحارقة عليهم، فقتل الأربعة وضمنهم الطفل. وفي بلدة بيت حانون قتل الثلاثاء الماضي طفلان شقيقان وهما على ظهر عربة يجرها حمار كانت تمر بالقرب من مركز الشرطة في البلدة. لما وطلال حمدان كانا عائدين من بستان العائلة الذي يقع بالقرب من المنزل عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مركز الشرطة، فقتل الطفلان على الفور.

وإن كان الموت يفترس أطفال غزة وهم في الشوارع، فإن التوجه للمتنزهات لا يشكل ضمانة لمنع المس بالمدنيين. الأربعاء الماضي وبينما كان عشرات الناس يلوذون بالمتنزه الوحيد في مخيم يبنا، المتاخم لمدينة رفح، أقصى جنوب القطاع بعد أن تعرض المخيم للقصف الشديد، فإذا بمروحية عسكرية إسرائيلية من طراز أباتشي تطلق عدة صواريخ من طراز هايل فاير على الناس الذين اعتصموا في المتنزه فتقتل ثلاثة اشخاص وتصيب 30 اخرين، بعضهم في حالة الخطر.

كل هذا دفع بعض الناس الى عدم السماح لأولادهم باللهو خارج المنزل. مروان عبد ربه ( 42 عاماً ) الذي يقطن حي (بركة الوز)، الذي يقع غرب مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة قال لـ«الشرق الأوسط» إنه اضطر لتركيب أرجوحة في صحن المنزل حتى يلعب عليها اطفاله السبعة، كي لا يضطروا للخروج من المنزل. وأضاف «أنني افترض أن تمر بالشارع الذي يلهو فيه الأطفال سيارة تقل أشخاصاً مرشحين للتصفية من قبل إسرائيل، فتطلق عليهم طائرات الاحتلال الصواريخ، فيقتل أولادي أو يجرحون، لذا فإن أفضل أن يبقوا إلى جانبي»، على حد تعبيره. لكن المعضلة تكمن في حقيقة أن بقاء الأطفال في البيت لا يضمن سلامتهم. سمر بعلوشة (4 سنوات)، وأربع من أخواتها قتلن الثلاثاء الماضي وهن في منزلهن، بعد أن تعرض مسجد «عماد عقل» الذي يتاخم البيت للقصف، فدمر بالكامل ومعه دمر منزل عائلة بعلوشة لتقتل الأخوات الخمس معاً.