إجماع لبناني على ضرورة عدم الانزلاق إلى مواجهة عسكرية في الجنوب

وسط استنفار الجيش والـ«يونيفيل» تداركا لانعكاسات حرب غزة

TT

استدعى الخوف من انعكاسات الحرب الاسرائيلية المدمرة في غزة على لبنان استنفاراً واسعاً لقوى حفظ السلام «يونيفيل» في جنوب لبنان بالتنسيق مع الجيش اللبناني لمنع اي اختراق امني يستدرج عدواناً جديداً على لبنان، فيما اجمعت قيادات سياسية لبنانية لدى فريقي الاكثرية والاقلية على التشديد على عدم انزلاق لبنان الى مواجهة عسكرية وتوريطه في حرب ستكون باهظة الثمن.

وفي المواقف، رأى وزير المال اللبناني محمد شطح «ان ما يوفر الحماية للبنان هو ان الفرقاء السياسيين اللبنانيين لا يريدون أن ينزلق الجنوب ولبنان الى مواجهة عسكرية جديدة»، وأشار إلى أن «لبنان دفع ثمنا كبيرا نتيجة ما حصل في صيف 2006، ورئيس الجمهورية والجميع لا يريدون تكرار ذلك، وهذا يوفر أدنى درجات الأمان». واعتبر أن «من المهم أن نعرف من وضع صواريخ الكاتيوشا (قرب الشريط الحدودي في الجنوب قبل اسبوع) التي كان من الممكن ان تورط لبنان»، واستغرب «استمرار الوضع الذي يمكن فيه للبعض أن يمتلك هكذا صواريخ، واستمرار امكان انتقال هكذا صواريخ في المناطق اللبنانية». وأسف لكون «الدولة اللبنانية لا تسيطر على الأمن في البلد بما يكفي لمنع استغلال الوضع في الجنوب أو في غزة لتوريط لبنان».

وقال: «الحكومة لم تنجح حتى الآن في أن تضع هذه الأمور على الطاولة بطريقة جدية وتنفذ ما كان المتحاورون في 2005 و2006 قد اتفقوا عليه لجهة استتباب الأمن والمعسكرات والسلاح فلسطينيا كان ام غير فلسطيني. لبنان لا يتحمل هذه الفجوات الأمنية وخصوصا أننا معرضون في الجنوب، ومن الممكن استغلال الوضع الامني الاستثنائي في لبنان. اللبناني بطبيعته يتعاطف مع غزة وفلسطين ومع كل القضايا التي ننتمي اليها عربيا، ولكن ذلك لا يعني ان نضعف لبنان أو نضعف الدولة فقط من أجل التعاطف غير المدروس أو غير المفيد». واضاف: «ان اللبنانيين جميعا، داخل لبنان وخارجه، يتخوفون على لبنان، واصدقاء لبنان واشقاؤه يخافون على لبنان من نفسه احيانا ومن اللبنانيين انفسهم ومن طبيعة الازمات والصراعات في المنطقة التي تجعله دائما معرضا اكثر من غيره. وثمة ابعاد دولية لهذه الازمات نراها أحيانا كثيرة تنعكس في شوارعنا وعلى حدودنا وداخل مناطقنا».

واكد ان «لبنان تمكن من الثبات في وجه العواصف بفضل توافر ارادة وطنية كافية لمنع انزلاقه مجددا الى ما انزلق اليه في الماضي»، ولاحظ أن «ثمة حدا أدنى بات موجودا بارادة اللبنانيين، من أحزاب وطوائف ومجموعات، ولكن ليس هذا طموح اللبنانيين، اذ هم يطمحون الى وضع أفضل بكثير للبنان، سياسيا وأمنيا واقتصاديا».

وختم داعياً الحكومة ومجلس النواب وجميع المسؤولين في لبنان الى «أن يحموا لبنان قدر الامكان من العواصف المحيطة به لكي يتمكن اللبنانيون في الفترة المقبلة من أن يرسموا معا خطا مستقيما أكثر لتطورهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم».

اما وزير الثقافة تمام سلام فأكد انه «غير متخوف من حصول خروق امنية (في الجنوب) لان الموقف الرسمي اللبناني واضح وحاسم والقوى اللبنانية متأهبة ومتيقظة». ولفت الى «كيفية معالجة موضوع الصواريخ التي اكتشفت في الجنوب اللبناني، الامر الذي يدل على ان الجنوب ليس منصة لاطلاق الصواريخ كما اعلن رئيس الجمهورية اثناء زيارته التفقدية للجنوب».

وردا على سؤال قال سلام: «ان دور المقاومة في لبنان في اطار الدولة يأخذ مداه، وهو ملحّ وضاغط. وان جلسات الحوار في القصر الجمهوري هي الموقع الطبيعي للتركيز على الاستراتيجية الدفاعية للبنان».

واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية ماريو عون «ان ثمة تأثيراً لحرب غزة على لبنان»، وقال: «ان فتح جبهة الجنوب امر تفتعله اسرائيل وليس نحن. وانا لا اضمن ما الذي يمكن ان تقوم به اسرائيل. وبالنسبة الينا فنحن نحترم القرار 1701»، واضاف: «من مصلحتنا الا تربح اسرائيل، هذا فضلا عن المشهد الانساني الذي نراه في غزة من قتل ودمار ومعاناة انسانية».

وامل في الا يصغي اللبنانيون الى الخارج وان يعطوا مصلحة لبنان الاولوية، معتبرا «ان ثمة من يحرك من الخارج ليمنع الحلول». وتمنى ان تكون خطوات تقوية الجيش حقيقة، «لان الكل يريد ان تكون الدولة قوية وجيشها قادرا على الدفاع عن ارضه».

اما عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي عسيران، فأبدى اعتقاده «ان لا خوف على الجنوب (اللبناني) من تداعيات حرب غزة بعد ان برهن ابناء الجنوب قوة مقاومتهم في يوليو (تموز) 2006 وتضحياتهم الجسام، خصوصا انه لم يعد بامكان الجيش الاسرائيلي خوض معركة كهذه على اكثر من جبهة، وخصوصا ان الدفاع عن النفس هو امر مشروع».