إدانة فرنسية حازمة وروسيا توفد مبعوثا إلى المنطقة والرئاسة الأوروبية التشيكية تتراجع عن موقفها

واشنطن تطلب وقف إطلاق نار «لا يسمح بعودة الوضع السابق» وباريس تنوي طلب مساعدة دمشق للضغط على حماس

TT

ارتفعت حدة المواقف المدينة للهجوم البري الاسرائيلي على غزة على المستوى الدولي أمس، وجاءت أكبر ادانة غربية من باريس التي «نددت بالهجوم البري الإسرائيلي على غزة» في حين كان اللافت تراجع رئاسة الاتحاد الاوروبي التشيكية عن موقف سابق اعتبرت فيه الهجوم «دفاعيا» قائلة امس انه لا يحق لاسرائيل شن عمليات عسكرية «تطال المدنيين بشكل واسع» كما قررت روسيا ايفاد مبعوث لها الى المنطقة في محاولة للوصول الى تسوية بالتزامن مع بدء مهمة اوروبية في المنقطة واستعداد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبدء جولة شرق اوسطية اليوم.

وفي المقابل، اكتفت الولايات المتحدة بالدعوة الى «وقف اطلاق نار دائم» و«في اقرب وقت ممكن» على ان «لا يسمح بعودة الوضع الذي كان قائما سابقا».

وقال نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ان اسرائيل لم تطلب الاذن من الولايات المتحدة او موافقتها قبل شن الهجوم البري ضد قطاع غزة. وقال في برنامج بثته محطة «سي بي أس» الاميركية ان المسؤولين الاسرائيليين على الارجح وجدوا ان الغارات الجوية غير كافية للقضاء على منصات اطلاق صواريخ حماس». وقد كثفت الدبلوماسية الفرنسية اتصالاتها في الساعات الأخيرة تمهيدا للجولة التي يبدأها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم في المنطقة وسارعت باريس مباشرة بعد بدء الهجوم إلى إدانته بقوة. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا «تدين الهجوم البري الإسرائيلي على غزة كما تدين استمرار إطلاق الصواريخ». ووصفت باريس الهجوم بأنه «تصعيد خطير يعقد جهود الإسرة الدولية وخصوصا الإتحاد الأوروبي وفرنسا وأعضاء اللجنة الرباعية ودول المنطقة لوقف المعارك وتوفير مساعدة فورية للمدنيين والتوصل الى وقف دائم لإطلاق النار». وقالت مصادر قريبة من قصر الأليزيه أن العمليات البرية الإسرائيلية «تراكم الصعوبات بوجه الوساطة الفرنسية» خصوصا أن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا أنها «سوف تستمر أياما وربما اسابيع». وكان لافتا أن هذه المصادر امتنعت عن «شرح» خطة تحرك ساركوزي وما الذي يحمله في حقيبته. وكان الرهان الفرنسي الضمني أن إسرائيل ربما اعتبرت أن الأيام العشرة التي انقضت على البدء بعملياتها «كافية» لتحقق أهدافها الرئيسية ما يجعل التوصل الى وقف لإطلاق النار «وإن كان مؤقتا» أمرا ممكنا بمناسبة الوساطة الفرنسية. لكن الهجوم البري يعني أن الحرب ستطول وبالتالي فإن الأمل بالتوصل الى هدنة سيبتعد. غير أن الأوساط الفرنسية ترد على ذلك بالقول إنه «لا يمكن التخلي عن جهود السلام والتزام موقف المتفرج».

وترى المصادر الفرنسية أن الحلقة الأضعف هي صعوبة التواصل مع حماس. ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لـ«مقربين» من الرئاسة قولهم إن «مفتاح الحل» موجود في إيران ولهذا السبب، فإن المحطة الرابعة أي دمشق التي يحط فيها الرئيس الفرنسي صباح غد تبدو ذات أهمية خاصة. وقالت المصادر الفرنسية إن ساركوزي سيسعى الى توظيف العلاقات الجديدة التي تربط بين فرنسا وسورية لطلب مساعدة الرئيس السوري للضغط على حماس من جهة والتواصل مع إيران من جهة أخرى. من جانبه، صرح وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان الهجوم البري الاسرائيلي «يظهر الحاجة الملحة لوقف اطلاق نار فوري كنا قد دعونا اليه» مضيفا ان «التصعيد في هذا النزاع سيثير «هلعا واستياء».

وتابع ان «الجهود الدبلوماسية مستمرة لإيجاد حل»، مشيرا الى زيارتي وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى المنطقة.

ولم يستبعد الهولندي ديهوب شيفر، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ان يقوم الحلف بدور مساعد في فرض الاستقرار في الشرق الأوسط، اذا تم التوصل في نهاية المطاف الى اتفاق للسلام واسع النطاق. وخلال تصريحاته لراديو هولندا قال شيفر ان نشر قوة لحفظ السلام تابعة للحلف ربما يكون مشروطا بطلب اسرائيل والدول العربية لوجود قوة عسكرية دولية لتنفيذ الاتفاق. وقد اعلنت المفوضية الاوروبية ببروكسل في بيان لها امس انها قررت تخصيص مساعدات انسانية عاجلة للمواطنين في غزه بقيمة 3 ملايين يورو داعية اسرائيل الى احترام القوانين الانسانية الدولية والسماح بالوصول الى «الذين يعانون ويموتون» في الهجمات الاسرائيلية في قطاع غزة.

من جانبها، اعلنت الرئاسة التشيكية للاتحاد الاوروبي في بيان ان اسرائيل لا تملك حق القيام بعمليات عسكرية، «تؤثر الى حد كبير على حياة المدنيين»، ونقل الييان عن وزير الخارجية التشيكي كاريل شوارزنبرغ ، ان «بدء العمليات البرية من قبل القوات الاسرائيلية في قطاع غزة ليس مفاجأة، وكانت هناك مؤشرات على ان اسرائيل تنوي القيام بهذا التحرك». واكد أنه «حتى الحق الثابت لدولة في الدفاع عن نفسها لا يسمح بتحركات تؤثر بشكل كبير على المدنيين وندعو الى تسهيل وصول المساعدات الانسانية الى السكان في قطاع غزة واحلال وقف لاطلاق النار» وذلك بالتزامن مع بدء مهمة اوروبية في المنطقة سعيا لوقف اطلاق نار.

وفي مستهل مهمته في الشرق الاوسط ويبدأها من مصر، دعا الوفد الاوروبي برئاسة وزير الخارجية التشيكي كارل شوارزنبرغ في براغ الى وقف إطلاق النار بين اسرائيل وحركة حماس. وقالت المفوضة الاوروبية للشؤون الخارجية، بينيتا فيريرو فالدنر، في مؤتمر صحافي في مطار براغ «سوف نبذل قصارى جهدنا من أجل وقف اطلاق النار. سنحاول القيام بأقصى ما يمكن». واضافت ان «هناك ضرورة مطلقة لكي تتوقف اعمال العنف من الجانبين»، داعية الى فتح المعابر امام المساعدات الانسانية للدخول الى منطقة غزة. وقالت «هناك كارثة انسانية؛ كارثة كبرى لأن كل الحدود مغلقة والناس ينقصهم الماء ويعيشون في الظلام، وليس لديهم ما يقتاتونه والمعدات في المستشفيات لا تعمل». واعلن شوارزنبرغ قبل مغادرته ان الحكومة التشيكية تعتبر ان حركة حماس الفلسطينية هي «المسؤولة الرئيسية» عن النزاع. وقال اثناء برنامج على شاشة التلفزيون التشيكي «سي تي 1»: «سببت حماس هذه الكارثة بإطلاقها المستمر للصواريخ، انه خطأها»، مشيرا الى انه يعبر في ذلك عن موقف الحكومة التشيكية، القريبة تقليديا من اسرائيل، وليس عن موقف الاتحاد الاوروبي. وفي معرض وصفه حماس بأنها منظمة «ارهابية دون ادنى شك»، قال شوارزنبرغ ان «وقفا محتملا لإطلاق النار يفرض أن يتأكد الجانب الاسرائيلي من انتفاء اي خطر». واعلن وزير الخارجية الهولندي يان بيتر بلكينيند ان «ادانة اسرائيل لا تفيد في شيء لأنه يجب معالجة المسألة من الطرفين (...) لانه طالما استمر اطلاق الصواريخ، فان اسرائيل ستظل تقول دائما «لن نقبل ذلك، وانا اتفهم ذلك».

وأعربت المانيا عن الأمل في أن يضمن وقف اطلاق النار «أمن اسرائيل على المدى الطويل» بوضع حدٍّ لإطلاق صواريخ حماس وتهريب الاسلحة الى قطاع غزة.

من جانب اخر، أعلنت روسيا امس انها «قلقة للغاية» نتيجة الهجوم البري الاسرائيلي على غزة، وقالت انها سترسل مبعوثا خاصا الى المنطقة للمساعدة في التوصل الى وقف لاطلاق النار من الجانبين.

كذلك، دانت الارجنتين بشدة الهجوم البري الاسرائيلي على قطاع غزة و«الاستخدام غر المتكافئ للقوة»، ودعت اسرائيل الى الانسحاب من القطاع. كما دعت الهند الى الوقف «الفوري» للهجوم الاسرائيلي معتبرة ان تل ابيب تستخدم القوة العسكرية المفرطة.

وفي استراليا، تظاهر الالاف امس في سيدني احتجاجا على الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة وطالبوا حكومتهم بادانة دخول الدبابات والجيش الاسرائيلي الى القطاع الفلسطيني.

وفي ملبورن (جنوب) سار نحو 3 الاف شخص حمل بعضهم صور جثث اطفال تغطيها الدماء للتنديد بالهجوم الاسرائيلي.ودانت رئيسة الوزراء بالوكالة جوليا جيلار اطلاق الصواريخ من قبل حركة حماس على اسرائيل وعبرت عن قلقها لسقوط ضحايا مدنيين لكنها لم تنتقد صراحة الهجوم الاسرائيلي.

وتظاهر مئات الاتراك ليل السبت (الاحد) امام بعثة اسرائيل الدبلوماسية وبعثة الامم المتحدة في انقرة واسطنبول منددين بالهجوم البري الاسرائيلي في قطاع غزة على ما ذكرت وسائل الاعلام التركية. وفي اثينا، تواصلت أمس التظاهرات الاحتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة اذ نظم الحزب الشيوعي اليوناني تظاهرة إدانة جديدة بدأت من ساحة المتحف الحربي وسط أثينا مرورا بالسفارة الأميركية وتفرق المتظاهرون أمام السفارة الإسرائيلية على بعد نحو 2 كيلومتر تقريبا بعدما أحرقوا العلمين الأميركي والإسرائيلي.

ودعت أمس وزيرة الخارجية اليونانية دورا باكوياني المجتمع الدولي ومجلس الأمن وجميع القوى السياسية في العالم الى العمل بجدية من اجل الوقف الفوري لاطلاق النار. كذلك، تظاهر الاف الاسلاميين الاندونيسيين في جاكرتا حيث ادانوا الهجوم البري الاسرائيلي على غزة وطالبوا الحكومة بارسال جنود للقتال ضد الجيش الاسرائيلي.