خبراء: إسرائيل عجلت ضربتها قبل أن تفقد حلفاءها

قالوا إنها لا تضمن مواقف الرئيس الأميركي المنتخب

TT

على الرغم من مناشدات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على مدار تسعة أيام، هي عمر الضربات الإسرائيلية الموجهة إلى غزة، بالوقف الفوري لإطلاق النار إلا أن إدارة الرئيس جورج بوش دأبت على تبرير الهجمات الإسرائيلية بأنها نتيجة طبيعية للهجمات الصاروخية التي تشنها حركة حماس، وهو الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن الإدارة الأميركية قدمت ثماني سنوات من الدعم الصارخ لإسرائيل.

وقال الرئيس بوش في حديثه الإذاعي الأسبوعي، يوم السبت: «إن الولايات المتحدة لا ترغب في وقف إطلاق للنار من جانب واحد، يسمح لحماس بالاحتفاظ بقوتها الصاروخية»، كما ركز ديك تشيني نائب الرئيس يوم الأحد على شرط السلام «الدائم والراسخ» لقبول وقف إطلاق النار.

وكان العديد من خبراء الشرق الأوسط قد قالوا إن إسرائيل وقّتت هجومها الذي بدأ بضربات جوية في السابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول)، قبل 24 يومًا من مغادرة الرئيس بوش لمنصبه، وهي تتوقع هذا الدعم من الإدارة الأميركية، إضافة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين غير واثقين من تقديم الرئيس المنتخب باراك أوباما، نفس الدعم غير المشروط لها، بالرغم من البيان الذي أصدره ويدعم فيه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

ويقول سامي الحجار، الخبير في سياسات الشرق الأوسط، معلقا على الموقف الأميركي: «بات من الواضح أن الرئيس، مقارنة بالرؤساء الأميركيين السابقين، منحاز بصورة كبيرة جدًا إلى إسرائيل. وبالرغم من تصريح أوباما، ومستشاريه الذين يناصرون إسرائيل، إلا أن القادة الإسرائيليين لم يكونوا متأكدين من ردة فعله، فقدرته تتمثل في السياسة وليس في العمل العسكري». ونوّه الحجار إلى أنه، إلى جانب الاعتماد على دعم الرئيس بوش، لا يرغب القادة الإسرائيليون في بدء علاقتهم بالرئيس الجديد بإجباره على الموافقة على عملهم العسكري.

وقامت حركة حماس قبل شهر من تولي اوباما منصبه الرسمي، وتحديدًا يوم 19 ديسمبر (كانون أول) بالإعلان عن انتهاء التهدئة التي تم التوصل إليها بوساطة مصرية لتعود بعدها الصواريخ الى الانطلاق من غزة على البلدات الإسرائيلية. وقد تسبب أوباما في خيبة أمل كبيرة لدى العديد من المحللين في العالم الإسلامي عندما رفض إدانة العمليات العسكرية في غزة، والتزم الصمت طوال عطلة الأسبوع عندما بدأت إسرائيل اجتياحها البري لغزة، فتكرر بروك أندرسون، كبيرة المتحدثين باسم الأمن القومي، نفس العبارات التي دأبت الحكومة المقبلة على تكرارها: «الرئيس المنتخب باراك أوباما يراقب الأوضاع في العالم عن كثب وخاصة الأوضاع في غزة، لكنه لا يوجد سوى رئيس واحد في الوقت الحالي».

وقد فسر المتحدث باسم حماس، ومعلقون آخرون، موقف أوباما بأنه موافقة تكتيكية على كل من الجرائم الإسرائيلية وسياسة الرئيس بوش، وأشار مساعدو أوباما إلى أنه بحث الأوضاع في غزة مع الرئيس بوش وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، لكنهم لا يتوقعون أن يتخذ موقفًا مغايرًا قبل توليه مهام الرئاسة. وفي الوقت الذي أبدى فيه الرئيس بوش وديك تشيني أسفهما على سقوط قتلى مدنيين في غزة إلا أنهما أعربا عن تفهمهما الكامل للاعتداءات الإسرائيلية. فقال تشيني في المقابلة التي أجراها معه بوب شيفر، مذيع قناة «سي بي إس» في برنامج «فيس ذا نيشن»: «إن إسرائيل لم تسع إلى الحصول على تصريح أو موافقة قبل بداية العمليات البرية يوم الأحد» لكنه أشار إلى أن القادة الإسرائيليين قالوا في مناقشات سابقة «إنهم سيردون بقوة على إطلاق الصواريخ، وإن الرد سيكون من القوة بحيث يحاولون إسقاط حماس».

وعندما سئل عما إذا كان الدفع بقوات برية إلى غزة يشكل خطأ، أجاب تشيني بأنه من الأهمية بمكان تذكر «من هو العدو، وأن هناك دولة عضوا في الأمم المتحدة تتعرض لهجمات من قبل منظمة إرهابية». وقد عبر ديمقراطيون بارزون، مثل هاري ريد وديل ديربن، عن دعمهم القوي لإسرائيل، وقال ريد لبرنامج «ميت ذا برس» الذي يذاع على قناة «إن بي سي»: «أعتقد أنه يجب إبعاد منظمة حماس الإرهابية». وجاءت الحرب بين إسرائيل وحماس كنهاية مأساوية لخطة السلام التي تبنتها إدارة الرئيس بوش في فترها الرئاسية الثانية والتي شغلت الكثير من وقت كوندوليزا رايس خلال عملها كوزيرة للخارجية. وتأتي عملية السلام في الشرق الأوسط كواحدة من بين القضايا على أجندة أوباما المتخمة بالتحديات. وفيما ساند معظم الساسة الاميركيين البارزين اسرائيل اشار البعض الى ان اوباما انضم الى بوش في إدانة قتل المدنيين في هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) على مومباي بالهند وهم يحبذون ان يقول شيئا عن مصير المدنيين الفلسطينيين الذين أضيروا جراء القتال. كما علق الرئيس المنتخب على الأزمة الاقتصادية العالمية وخططه لانتشال الاقتصاد الاميركي من الكساد، فلماذا لا يقول كلمة حول غزة. وحين سئل عما يبدو من تناقض في موقفه قال مسؤول بالفريق المكلف بالاشراف على نقل السلطة لأوباما، طلب عدم ذكر اسمه، «الرئيس بوش رئيس امتنا حتى 20 يناير وهو مسؤول عن دبلوماسية الدولة تجاه دول العالم.. لن نقوم خلال هذه الفترة الانتقالية بأي عمل يبعث برسائل تثير حيرة العالم بشأن من يتحدث بلسان الولايات المتحدة».وربما تكون السياسة الداخلية والدبلوماسية الدولية عاملين يدفعان أوباما لالتزام الصمت. وربما يأمل ان تبلغ الازمة نقطة تحول يمكن حينها لرئيس جديد لا تشوب موقفه اي تعليقات سابقة ان يحدث فرقا من خلال بداية جديدة. وهو يدرك أن الإدلاء بأي تصريح أمر محفوف بالمخاطر.وقال ادوارد ووكر جيه. ار، الذي عمل كسفير لاميركا في اسرائيل، في الفترة من عام 1997 الى عام 1999 «لو كنت مكان اوباما لما رغبت في الحديث عن الامر ايضا. بصراحة ترك هذا الامر للرئيس أمر يدعو لقدر اكبر من الارتياح». واضاف ووكر المحلل في معهد الشرق الاوسط «لا اعتقد انه يريد في هذه المرحلة ان يوصف بانه يؤيد او يدين رد الفعل الاسرائيلي لان مصالحنا ممزقة نوعا ما في هذا الصدد». وفي حالة الإدلاء بتصريحات مؤيدة لاسرائيل يخاطر اوباما بإثارة استياء العالم العربي حتى قبل توليه منصبه. أما التعليقات التي يبدو انها تنطوي على انتقاد لاسرائيل فمن شأنها ان تغضب مؤيديها في الولايات المتحدة.

وأشار مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية الاميركية المساندة لاسرائيل الى ان اوباما علق على احداث مومباي، وقال «يتصرف تقريبا كأنه رئيس حين يتعلق الامر بالاقتصاد. أليس كذلك.. لم يصرخ قائلا.. هناك رئيس واحد .. حين تحدث عن برنامج التحفيز الاقتصادي». وقال جيمس كارافانو خبير الشؤون الدفاعية في مؤسسة «هريتيج» ان اوباما ربما لا يريد التعليق على قضايا السياسة الخارجية مثل غزة لانه سيكون مسؤولا عن اي شيء يقوله.

وأضاف «هجمات مومباي هجوم يحدث مرة واحدة. انتهى الامر. يمكن الادلاء ببعض التعليقات غير المهمة بدون رسم أي سياسة». وتابع «اذا ادلى اوباما الآن برأيه بشأن حماس او اسرائيل فسيعتبر الناس هذا الرأي خطأ سياسيا. لا يزال امامه اسبوعان حتى تنصيبه وقد تتعير الاحداث على ارض الواقع بشكل كبير. لا معنى لان تبدأ مهامك بدون أي مرونة». ولم تتضمن تصريحات اوباما خلال حملته الانتخابية او بيانات هيلاري كلينتون التي اختارها لشغل منصب وزيرة الخارحية ما يشير لسلوكهما مسلكا مختلفا عن ادارة بوش.

* خدمة «نيويورك تايمز»