الصومال: الجامعة العربية تدخل على خط المنافسة لاختيار الرئيس الجديد

جوليد أحد المرشحين للرئاسة التقى في القاهرة مسؤولين في الجامعة.. وسيجتمع مع سفراء عرب اليوم

قوات بحرية فرنسية أثناء القاء القبض على مجموعة من القراصنة قرب السواحل الصومالية (إ.ب.أ)
TT

دخلت الجامعة العربية على خط أزمة اختيار الرئيس الانتقالي الصومالي، وأجرى مسؤولون في الجامعة امس في القاهرة، مشاورات مع محمد محمود جوليد رئيس الحكومة الانتقالية السابق، والمرشح لخلافة الرئيس الانتقالي المستقيل عبد الله يوسف، حول الوضع السياسي والعسكري الراهن في الصومال في ضوء انسحاب القوات الإثيوبية. ونفت مصادر صومالية ومصرية لـ«الشرق الأوسط» وجود أي ترتيبات لعقد لقاء مصالحة في القاهرة بين الشيخ حسن طاهر أويس زعيم تحالف المعارضة الصومالية الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له، والشيخ شريف شيخ أحمد زعيم جناح جيبوتي المنشق عليه.

وعقد جوليد لقاء هو الأول من نوعه أمس مع مسؤولين من الجامعة العربية، بحضور يوسف إسماعيل باريبري مبعوث الصومال لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، والسفيرين أحمد بن حلي الأمين العام المساعد للشؤون السياسية وسمير حسني مسؤول ملف الصومال لدى الجامعة العربية.

ووسع جوليد من دائرة لقاءاته في القاهرة التي يزروها منذ ثلاثة أيام، حيث سيجتمع اليوم مع عدد من السفراء العرب وممثلي بعض المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالصومال لإطلاعهم على برنامجه الانتخابي وطلب الحصول على دعمهم السياسي ومشاركتهم في مشاريع تنموية تستهدف إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في الصومال بفعل الحرب الأهلية والفوضى العارمة التي يتعرض لها منذ عام 1991.

وتأتي زيارة رئيس الوزراء الصومالي السابق للقاهرة في وقت يقوم فيه رئيس الحكومة الحالي العقيد نور حسن حسين برفقة رئيس البرلمان عدن مادوبي بزيارة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بينما ينتظر أن يلحق بهم الشيخ شريف شيخ أحمد زعيم جناح جيبوتي المنشق على تحالف المعارضة. وتمارس إثيوبيا ضغوطا كبيرة على أعضاء البرلمان الصومالي لإقناعهم بعقد الجلسة المقبلة للبرلمان لانتخاب خليفة الرئيس المستقيل عبد الله يوسف في موعدها المحدد دستوريا قبل الثامن والعشرين من الشهر الحالي.

لكن غالبية أعضاء البرلمان يعتقدون في المقابل أن عدم توافر الأمن والاستقرار في معقل السلطة الانتقالية بمدينة بيداوة التي شهدت أخيرا اغتيال برلمانيين صوماليين، قد لا يسمح بتوافر الشروط الموضوعية المطلوبة لضمان عقد جلسة البرلمان المرتقبة في أجواء حيادية ونزيهة. وطالب برلمانيون صوماليون تحدثوا أمس لـ«الشرق الأوسط» من بيداوة عبر الهاتف بإشراك مراقبين دوليين من مختلف المنظمات المعنية بالصومال كالأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحادين الأفريقي والأوروبي ومنظمتي دول المؤتمر الإسلامي وإيقاد الافريقية.

في غضون ذلك تتزايد حدة الانقسامات بين مختلف التيارات الإسلامية المسلحة في العاصمة الصومالية مقديشو لملء الفراغ الناشب عن سحب إثيوبيا لقواتها العسكرية التي دخلت الصومال للمرة الأولى نهاية عام 2006 لطرد ميلشيات المحاكم الإسلامية من المدينة وتثبيت السلطة الانتقالية التي تمخضت عنها مفاوضات نيروبي الماراثونية عام 2004.

وتلقت «الشرق الأوسط» أمس بيانات وتصريحات متعارضة لمسؤولين في حركة الشباب المجاهدين، وتنظيم المحاكم الإسلامية، وجماعات مناوئة لهما، كلها تصب في خانة الزعم بأن كل هذه التنظيمات باتت تسيطر على مناطق حيوية في العاصمة مقديشو. ودعا الجنرال عبدي قايدبيد رئيس الشرطة الصومالية الإسلاميين إلى التراجع فورا عن احتلال مقرات للشرطة أو أية أماكن أخرى كانت توجد فيها القوات الإثيوبية قبل انسحابها. ويتخوف سكان محليون في مقديشو من احتمال اندلاع مواجهات عنيفة بين مختلف الفرقاء الإسلاميين للسيطرة على زمام الأمور في المدينة بعد استكمال الجيش الإثيوبي منها. إلى ذلك التزمت السلطة الانتقالية في الصومال الصمت حيال تهديد أوغندا وبوروندي أول من أمس بسحب قواتهما العسكرية العاملة في الصومال ضمن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي. ولوحت بوروندي وأوغندا للمرة الأولى، في تهديد مبطن، بأنهما قد تحذوان حذو إثيوبيا وتسحبان وحداتهما من الصومال إذا لم يتمكن الاتحاد الأفريقي قريبا من إيجاد إمكانيات بشرية ومالية ومادية إضافية لبعثة حفظ السلام في هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي.

وعقد وزير الدفاع الوطني والمحاربين القدامى البوروندي، الجنرال جيرمان نيويانكانا، اجتماعا في العاصمة البوروندية بوجمبورا مع نظيره الأوغندي ستيفن كافوما، حيث أعلنا في مؤتمر صحافي مشترك أنه يجب على الاتحاد الافريقي إعادة النظر في التفويض الحالي لبعثة حفظ السلام في الصومال بما يمكن الوحدات البوروندية والأوغندية من عدم البقاء ساكنة ومن الدفاع عن نفسها من العدو إذا تعرضت لأي عدوان.

وأضافا أنه «يتعين على الاتحاد الافريقي كذلك العمل على إمدادنا بوحدات إضافية قادمة من دول أخرى وإلا فلن تتمكن بوروندي وأوغندا من الاستمرار أو النجاح في مهمتهما بالصومال».

كما طالبت بوروندي وأوغندا، وهما الدولتان الوحيدتان المساهمتان بوحدات عسكرية في هذه البعثة من الاتحاد الافريقي، عتادا ملائما وبالكمية الكافية وإمكانيات مالية لضمان قيامهما بمهمتهما الحساسة في الصومال على الوجه المطلوب.

وتسعى الوحدات العسكرية البوروندية والأوغندية إلى الحصول على وسيلة جوية خفيفة وأخرى بحرية لتغطية السواحل الصومالية، فيما قال وزير الدفاع البوروندي إنه «إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا فمن الطبيعي أن تنسحب وحداتنا». وحذر بالقول «انسحابنا المتسرع من شأنه أن يؤدي إلى كارثة غير مسبوقة في الصومال». يشار إلى أن لدى بوروندي وأوغندا حاليا في الصومال حوالي 3 آلاف مقاتل، من أصل 8 آلاف مقاتل محترف كان الاتحاد الافريقي يسعى لنشرهم هناك للمساعدة على استتباب الأمن والاستقرار.