في الذكرى الـ88 لتأسيس الجيش العراقي: دعوات لإعادة الخدمة الإلزامية.. وعقوبات للمتحزبين

الناطق باسم وزارة الدفاع: لماذا يحتجون على تسليح جيشنا وإحدى دول الجوار تتطور نوويا؟

عراقية برتبة ضابط تبتسم أثناء الاحتفال بالذكرى الـ 88 لتأسيس الجيش العراقي أول من امس في بغداد (إ.ب.أ)
TT

اليوم يمر ثمانية وثمانون عاما على تأسيس الجيش العراقي في 6 يناير (كانون الثاني) 1921، لدى تأسيس اول كتيبة للجيش تحت مسمى (موسى الكاظم) في العهد الملكي، لتتوالى بعدها تشكيلات الجيش العراقي الذي كان يعد المؤسسة الاولى من حيث تحكمه بالأوضاع السياسية في العراق والانقلابات وايضا مشاركته في الحروب العربية ضد اسرائيل عام 1948 و1967 و1973. ومن ثم دخل حروبا من نوع آخر احداها مع إيران لمدة ثمانية أعوام والأخرى ضد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة إثر غزو الكويت مطلع التسعينيات والثالثة لدى غزو العراق في مارس (آذار) 2003. ويقول الضابط المتقاعد فخري اسماعيل، إنه كان هناك مخطط من قبل النظام السابق لإضعاف الجيش العراقي عبر دخوله في الحروب الاخيرة، مضيفا لـ«الشرق الاوسط» أن «مخطط الاضعاف بدأ تدريجيا رغم وجود 55 فرقة عسكرية تتوزع على اربعة فيالق معها قوات الحرس الجمهوري وقيادتا القوة الجوية والبحرية»، مؤكدا ان «الجميع كان على يقين ان صدام (حسين رئيس النظام السابق) وجد لإنهاء قوة العراق العسكرية، ودليل ذلك كثرة مغامراته بجنوده خلال حرب الثمانينيات والتسعينيات، وكل ما يسجل لديه هو ارقام عن عدد الضحايا وآليات عسكرية تجلب بمليارات الدولارات لتذهب خلال ساعات». ويشعر اسماعيل لدى الحديث عن الجيش العراقي بـ«الألم»، ويقول «عاصرت الجيش في زمن الملكية وخلال عقد السبعينيات وتركته في الثمانينيات، وكان عندما يذكر اسمه امام الآخرين يقفون إجلالا لمواقفه البطولية وخوضه لحروب مشرفه نذكر منها انه الجيش الوحيد الذي تمكن من تدمير القوات الدفاعية للجيش الاسرائيلي والتوجه ليبدأ بضرب اسرائيل بالمدفعية، لكن أوامر القيادة السياسية حينها حالت دون الاستمرار وصدرت أوامر الانسحاب، اضافة لموقفه في حرب الثمانينيات (ضد ايران) فكل من راقب هذه الحرب وجد انه جيش صغير مقارنة بجيش ايراني كان يعد الخامس عالميا».

وأضاف اسماعيل أن «النهايات كانت مؤلمة للجيش العراقي، فكلنا يذكر ان ألوية عسكرية كاملة دخلت معارك ولم يعد منها أي احد واختتمت في حرب الخليج الاولى (غزو الكويت) عندما أجبر الجيش على السير من الكويت الى بغداد سيرا تاركا خلفه حتى الأسلحة الخفيفة».

وفي الذكرى الـ88 لعيد الجيش العراقي هناك تساؤل لا بد أن يطرح، وهو هل ان الجيش الحالي يمتلك من المقومات والتسليح والتدريب والتجهيز تجعله قادرا على مسك زمام الامور بعد ستة شهور من الآن أي عندما تنسحب القوات الاميركية من كافة المدن العراقية وترك الجيش وبقية قوات الامن العراقية تتولى مسؤولية الامن لوحدها؟ ويبلغ عديد الجيش العراقي 260 ألف جندي وضابط، بحسب محمد العسكري المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، ويواجه هؤلاء تحديات عدة أولها طول الحدود التي تفصل العراق عن دول الجوار وأغلبها تحتاج لحماية، فحتى الآن تقع مسؤولية حمايتها على حرس الحدود وعددهم غير كاف لسد الثغرات، اما التحدي الآخر، فهو ان العراق محاط «بدول تملك قدرات تسليحية قوية وحتى نووية، فلماذا يعترضون على تسليح جيشنا تسليحا دفاعيا على الأقل، وسيكون الجيش العراقي بعد انتهاء المرحلة الثالثة التي تنتهي عام 2016 في مصاف جيوش حلف الناتو». من جانبه، أكد رئيس لجنة الجيش نجيب الصالحي (رئيس حركة الضباط الأحرار) في تصريحات صحافية سابقة، ان «الجيش السابق كان يضم مليون جندي والجيش الحالي لا يستطيع استيعاب كل هذا العدد، لكن ينبغي صرف رواتب تقاعدية مجزية»، مقترحا تشكيل «لجنة خاصة تابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة لبحث كيفية رعاية العسكريين السابقين، وكذلك العودة الى الخدمة العسكرية الالزامية في العراق التي ألغيت بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، وقال ان المعنيين بالرعاية هم بصفة خاصة ضباط الجيش العراقي المنحل الذين يبلغ عددهم قرابة 350 ألفاً، ان نصفهم فقط قادر على الخدمة وتمت إعادتهم بالفعل.

وبشأن عودة ضباط الجيش العراقي السابق للجيش الحالي، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع «نتوسل بالبرلمان لإصدار قانون الخدمة والتقاعد الخاص بوزارة الدفاع كي نحل مشكلة كل الضباط، ان بعضهم عاد، وبعضهم أحيل للتقاعد براتب 80%، وهو راتب مجز يناسب الوضع الاقتصادي الحالي ويحفظ عائلاتهم، ونحن كوزارة قدمنا هذا القانون قبل اكثر من عام ونتمنى من البرلمان اقراره لإنصاف هذه الشريحة، والذي لا يعاد فهناك مراكز مصالحة ترى مثل هذه الامور والذي لديه خدمة تكفي يحال على التقاعد».

أهم المتغيرات التي طرأت على الجيش في ذكراه السنوية عام 2009، بين محمد العسكري «أننا سنحتفل هذا العام ونحن أسياد في بلدنا، فبعد ان وقعت الاتفاقية سنحتفل ونحن أصحاب القرار الأول في استلام المسؤولية الأمنية ونحن نتعافى ونتطور ونقتني السلاح الجديد وتزداد أواصر الثقة بيننا وبين أبناء شعبنا، وأنا أجد أن طعم السادس من يناير (كانون الثاني) هذا العام يختلف عن طعم العيد الماضي، لأن القرار كان في السابق بيد القوات الاجنبية أما الآن القرار عراقي بيد القائد العام للقوات المسلحة».

اما عن تخوف الشارع العراقي من حدوث فراغ أمني بعد انسحاب القوات الاميركية قال العسكري «أقول للمواطن العراقي عام 2008 كان العراقيون يسيطرون عليه (الوضع الامني) وليس الاميركيين، ودليل ذلك عمليات البصرة كانت بتخطيط وتنفيذ عراقي بحت، وأيضا ميسان والموصل وبغداد، الاميركيون كان دورهم ساندا ويقل شيئا فشيئا وهم يقرون بذلك نتيجة كفاءتنا»، وأضاف أن «توقيع الاتفاقية جاء كشيء مكمل لحقيقة موجودة على الأرض ولو لم تكن هذه الحقيقة على الارض  لا أعتقد ان الحكومة توقع الاتفاقية وتجازف بهذا الأمر».

وحول الولاء السياسي والطائفي لدى أفراد الجيش العراقي، قال العسكري «اننا نمتلك معلومات مؤكدة بأن قسما من الضباط والمنتسبين ينتمون لأحزاب ويروجون لأحزاب ووجدناها مشكلة حقيقية، فوضعنا تعليمات استنادا للمادة 9 من الدستور التي تحرم عمل الاجهزة الامنية وبخاصة الجيش بأي منظمة سياسية او حزبية او طائفية، ويكون ولاؤه للعراق فقط، وأيضا استنادا للمادة 74 من قانون العقوبات العسكري المقر من البرلمان المصادق عليه من مجلس الرئاسة، وينص على ان كل من يشترك في حزب او يمارس نشاطا سياسيا او ينتمي او يروج لأي عمل حزبي او يحضر اجتماعا او يعمل بالظل بكافة منتسبي وزارة الدفاع من وزير الدفاع وحتى أبسط جندي، يحاسب بالحبس مدة لا تقل عن 5 سنوات كمدة اساسية اضافة للتبعات القانونية منها الطرد من الجيش وتبعات اخرى منها عقوبات فرعية».

وحول تحفظات وتخوف من قبل بعض دول الجوار حول تعاظم قوة الجيش العراقي وتنامي قدراته، قال العسكري ان «هذا الامر غير مبرر وغير مقبول على الاطلاق، ولاسباب كثيرة منها اولا، ان حساب التطوير للقوات العراقية وأي جيش بالعالم يعتمد على عدة عوامل منها مساحة البلد وعدد سكانه وموارده الاقتصادية والفكرية وهل هو بلد مصنع ام مستورد، ودرجة التهديد الخارجي وقوة الدول المجاورة»، وأضاف ان من دول الجوار العراقي هناك «بلدا يعمل على تطوير قوته النووية (ايران)، وبلدا آخر بحلف الناتو وهي تركيا التي تمتلك واحدا من ارقى جيوش العالم وكذلك ايران التي بدأت بتصنيع الصواريخ العابرة، إذا لما يستكثرون ويحتجون على العراق او ان نمتلك أسلحة دفاعية؟»، وأضاف ان الدستور العراقي «لا يسمح لنا ان نخرج خارج الحدود ولا نملك جيشا هجوميا، بل جيش دفاعي للحفاظ على أمن العراق».

وأضاف العسكري أن «ليس من حق احد ان يتدخل بماذا يتسلح الجيش العراقي، ونحن لا نشكل تهديدا لدول الجوار ولا نقوم باستيراد أسلحة محظورة، بل أسلحة تقليدية جلبناها مثل طائرات اف 16، ودول الجوار تسلحت باف 18 وبي تو، واعلى من ذلك».