تباين في الموقفين البريطاني والأميركي تجاه التعامل مع العدوان على غزة

لندن تطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتعتبر معالجة تهريب الأسلحة جوهرياً

TT

كثف وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند اتصالاته خلال الايام الماضية مع نظرائه المعنيين في الشرق الاوسط من اجل التوصل لوقف لاطلاق نار «بعيد الامد»، في الوقت الذي كرر دعوته لوقف فوري لاطلاق النار. ويختلف الموقف البريطاني عن الموقف الاميركي الذي حتى الآن لم يطالب بوقف فوري. وشدد ناطق باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الاوسط» على تمسك بلاده بضرورة وقف اطلاق النار، قائلا: «العنف ليس الحل، علينا العمل على التوصل لتهدئة في اسرع وقت ممكن». وامتنع الناطق عن تحديد موعد زمني لاصدار قرار من مجلس الامن، الا انه رفض الادعاءات بأن بريطانيا تساهم في المماطلة في التوصل الى مثل هذا القرار لاعطاء اسرائيل وقتاً كافياً لتحقيق اهدافها العسكرية. وقال: «لا يوجد أي منطق للسماح بالمزيد من الوقت لاطلاق النار، فكلما طال، زادت المصاعب وتراجع مستوى الثقة المطلوبة من اجل التوصل الى اتفاق سلام».

وتعمل بريطانيا مع دول اوروبية اخرى على انجاح جهود وقف اطلاق النار من خلال التوصل الى صيغة نص مشروع قرار من مجلس الامن يشمل بنداً حول ضرورة منع تهريب الاسلحة لحماس من خلال الانفاق. وتفيد مصادر اوروبية مطلعة على مسار المشاورات الجارية خلف الكواليس، بان قضية منع تهريب الاسلحة «جوهرية» في المشاورات الجارية. وظهر خلال الايام القليلة الماضية تباين في الموقفين الأميركي والبريطاني من الهجوم الإسرائيلي على غزة، فبينما مازالت واشنطن تصر على تحميل حماس مسؤولية العنف، من دون مطالبة اسرائيل بوقف اطلاق النار، تشدد لندن على وقف إطلاق نار فوري. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس قد قالت مساء الجمعة الماضية «نعمل للتوصل الى وقف اطلاق النار لا يسمح بالعودة الى الوضع الذي كان قائما سابقا وتستمر فيه حماس باطلاق الصواريخ»، رافضة مثل الرئيس الاميركي جورج بوش الدعوة الى وقف اطلاق نار فوري. ورغم ان مسؤولين بريطانيين واميركيين امتنعوا عن الحديث حول التباين في الموقفين، الا ان مصدرا بريطانيا قال ان هناك «خلافاً» حول هذه القضية بعد رفض ادارة بوش دعم وقف اطلاق النار الذي يطالب به رئيس الوزراء البريطاني براون. يذكر ان واشنطن ولندن اتحدتا عام 2006 بعدم المطالبة بوقف اطلاق نار فوري عندما هاجمت اسرائيل لبنان، وتسعى حكومة براون بعدم تكرار هذا الموقف. وكان براون قد صرح اول من امس لهيئة الاذاعة البريطانية: «هذه لحظة خطيرة جداً تتداعى فيها كل الامال في عملية السلام من جراء العمل الذي يتم القيام به. ولذا نحن بحاجة الى وقف فوري لاطلاق النار». وقال ميليباند الاسبوع الماضي: «نؤيد البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي يقول بأن «الإجراء الإسرائيلي» أكبر من اللازم، ولا يمكننا أن نكون أوضح من ذلك. وما نشدد عليه كل التشديد هو وقف عاجل لإطلاق النار، وبأن الاحتياجات الإنسانية شديدة للغاية». وأضاف: «ومن الجدير أن نتذكر بأن حماس تعرقل تقديم العلاج للجرحى الذين هم بحاجة للخروج من غزة إلى مصر. لكن هناك مسؤوليات حقيقية تقع على عاتق إسرائيل وعليها الإيفاء بها، من حيث توفير الغذاء والوقود والأدوية، كما أن القضية هي أنه لا بد بالنهاية أن ننتصر بمسألة أن باستطاعة العملية السياسية توفير الحل. والمأساة في الظروف الحالية هي أن العملية السياسية أبطأ من أن تحقق التوصل إلى حل».

وعلى صعيد متصل اصدر وزير الدولة للعدل البريطاني شاهد مالك بياناً جاء فيه ان «مستوى الجرحى والقتلى بين المدنيين الابرياء خلال الهجوم الاسرائيلي غير مقبول اطلاقاً». وافاد مالك، وهو الوزير المسلم الاول في بريطانيا، ان «الحكومة الاسرائيلية خاطئة حقاً اذا كانت تعتقد ان حملتها العسكرية في غزة ستجعل اسرائيل اكثر امناً»، مضيفاً: «على الارجح فإن العكس هو الصحيح وفي النهاية السلام والعدالة للفلسطينيين والاسرائيليين سيتحققان فقط من خلال المفاوضات». وحذر مالك من ان «اعمال اسرائيل لديها تداعيات ليس فقط في اسرائيل بل للعالم اجمع وفي النهاية ستغذي التطرف حول العالم».