الجيش الإسرائيلي يتعمد تصفية طواقم الإسعاف في غزة

قذائف العدوان تطال المسعفين فتقتل 6 منهم وتلاحق بيت عزاء أحدهم فتقتل 4 من المعزين وتجرح عشرات

TT

رن صباح أول من أمس جرس الهاتف في مكتب الطوارئ بقسم الإسعاف في وزارة الصحة الكائن في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، وأبلغ المتحدث، الموظف المناوب أن هناك عدداً من القتلى والجرحى من الأهالي جراء قصف مدفعي شرق الشجاعية، وتحديداً عند آخر شارع بغداد، الذي يقسم الحي الى نصفين. على الفور اندفع طاقم الإسعاف المناوب في سيارة الإسعاف لإجلاء القتلى والجرحى، عندما اقترب الطاقم المكون من ياسر شبير ورأفت عبد العال وأنس نعيم من المكان أوقفوا السيارة واتجهوا وهم يرتدون الملابس والإشارات التي تميزهم كمسعفين صوب المكان مسرعين، لكنهم ما ان أوشكوا على الوصول للجرحى فإذا بدبابة إسرائيلية متمركزة على الخط الفاصل بين القطاع ومصر تطلق قذيفة صوبهم، فتقتلهم على الفور.

إحدى السيدات التي كانت تراقب ما يجري من نافذة منزلها، تؤكد أن كل مسعف كان يضع على ملابسه يافطة فوسفورية يمكن رؤيتها من مكان بعيد للتدليل على أنهم رجال اسعاف، لكن هذا لم يحل دون قيام الجيش الاسرائيلي باستهدافهم. وأكد شهود عيان أن مقتل المسعفين الثلاثة أدى إلى تأخر إنقاذ الجرحى الذين كانوا في المكان، وتسبب في وفاة اثنين منهم. ويوم الخميس الماضي، كان الدكتور ايهاب المدهون وزميله المسعف محمد أبو حصيرة في طريقهما في سيارة إسعاف لإنقاذ عدد من الأشخاص اصيبوا بقصف صاروخي استهدفهم في منطقة جبل الريس، شرق مدينة غزة، وعندما شاهدا مجموعة المصابين أسرعا إليهما، لكن صواريخ طائرة استطلاع إسرائيلية كانت اسرع اليهما، فقتلتهما، ليصلا اشلاء الى الجرحى الذين كانوا يهمان بإنقاذهم. المسعف عرفة عبد الدايم كان أول امس ضمن فريق من المسعفين اتجهوا لإنقاذ عدد من الأشخاص تم الإبلاغ عن تعرضهم للقصف قرب المقبرة الشرقية شرق مخيم جباليا، شمال القطاع. وعندما وصلت سيارة الإسعاف الى المكان الذي تم الإبلاغ عن وجود المصابين فيه، انطلق عبد الدايم مسرعاً لتقديم الإسعاف لهم، بينما كان زميلاه يخرجان بقية العتاد الطبي اللازم من السيارة، فإذا بمدفعية الاحتلال المتمركزة على بعد كيلومتر من المكان تطلق قذيفة صوبه فتقتله وتصيب الجرحى الذين جاء لإنقاذهم فيتوفى اثنان منهم على الفور. وأطلقت المدفعية الاسرائيلية امس قذائفها على بيت عزاء عبد الدايم، فقتلت اربعة من المعزين؛ اثنان منهم من اقاربه، وجرح عشرات آخرين. واللافت إلى أن استهداف المسعفين والممرضين والأطباء على هذا النحو الممنهج جعل المسعفين يرتدعون عن الوصول لإنقاذ المصابين الذين يوجدون في الأماكن الزراعية التي تقع قبالة قوات الاحتلال في مناطق التماس القريبة من الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. فأول من امس، تعرضت الخيام التي تؤوي عائلة محمد العر البدوية في المنطقة الريفية التي تقع في المنطقة الفاصلة بين غزة وبلدة بيت حانون، شمال القطاع، للقصف من قبل دبابة اسرائيلية، مما ادى الى اصابة جميع أفراد العائلة الثمانية، بعض العائلات التي تقطن للغرب من خيمة العائلة أبلغوا دائرة الاسعاف، لكن طاقم الإسعاف لم يكن بوسعه التقدم صوب الخيمة، حيث أنها كانت على مسافة قريبة من الخط الحدودي الذي تتمركز عنده الدبابات الإسرائيلية، وعند ذلك لم يكن هناك ثمة مفر أمام ناهض نجل العائلة، الذي اصيب بجراح خفيفة من القصف إلا أن يزحف وهو يقطر دماً غرباً حتى وصل الى دوار حموده، فتم انقاذه، بينما لا يدري أحد مصير بقية أفراد عائلته.

في منطقة زراعية شرق حي الزيتون الواقع شرق مدينة غزة اصيب 5 من افراد اسرة حسين العوضي بشظايا قذيفة مدفعية اطلقتها القوات الاسرائيلية الغازية على منزلها المنزوي، بعيد بدء الهجوم البري على غزة ليل السبت الماضي. وظل الجرحى ينزفون دون تمكن سيارات الاسعاف من الوصول اليهم، لعشرين ساعة من دون كهرباء او ماء او تدفئة. والجرحى هم سيدتان في الثمانينات من العمر و3 اطفال تتراوح اعمارهم ما بين 14 و10 سنوات. وفي كل مرة يخرج من لم يصب من افراد العائلة لنقل بعض الماء لغسل الجروح، كان الجنود يطلقون النار عليهم. ولم ينقذ هؤلاء إلا بعد اتصالات مع صحافية إسرائيلية قامت بدورها بالاتصال بمنظمة انسانية. ويؤكد الفلسطينيون أن اسرائيل قررت استهداف القطاع الصحي الفلسطيني، مشيرين الى أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يحاولون تقديم المسوغات لضرب القطاع الصحي، فوزيرة الخارجية الإسرائيلي تسيبي ليفني زعمت أن حركة حماس حولت المستشفيات في قطاع غزة الى مراكز لها، في حين يدعي يوفال ديسكين رئيس جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك) أن عناصر حماس يلوذون بالمستشفيات خوفاً من الاغتيالات.

همام نسمان الناطق بلسان وزارة الصحة الذي يدحض هذه المزاعم، يؤكد أنها تأتي لتشريع استهداف المستشفيات وكل مكونات القطاع الصحي الفلسطيني.