ساركوزي: الاتفاق على إنهاء الهجوم على غزة «غير بعيد»

بعد زيارته إلى دمشق وبيروت.. الرئيس الفرنسي يعود إلى مصر

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، محاطاً بأفراد الكتيبة الفرنسية العاملة في إطار قوات «اليونيفيل» جنوب لبنان خلال زيارته لها أمس (أ.ب)
TT

أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس في دمشق مع الرئيس السوري بشار الاسد، على ضرورة وقف العنف في غزة بأسرع وقت ممكن. وقال: «يجب أن نبذل كل جهد ممكن لتصل المساعدات الإنسانية إلى غزة»، لافتا إلى أنه هو وخافيير سولانا وأوربا «مقتنعون بأن سورية يمكنها أن تقدم مساهمة في السعي إلى حل لهذه الأزمة التي تمر بها المنطقة». وأكد الرئيس الفرنسي على ضرورة وقف العنف بأسرع وقت ممكن، وقال «يجب أن نبذل كل جهد ممكن لتصل المساعدات الإنسانية إلى غزة». ووصف ساركوزي العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه «رد فعل غير متناسق»، وقال إن فرنسا أدانته كما أدانت «الهجوم البري الذي بدأ منذ أربعة أيام». وكشف ساركوزي عن أنه قال نفس هذا الكلام للرئيس الإسرائيلي ولرئيس الوزراء إيهود أولمرت. وقال «قلت لهما ليس هناك من حل عسكري في غزة وأن العنف يجب أن يتوقف بأسرع ما يمكن ويجب بذل كل ما هو ممكن لكي تصل المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، وآمل أن تتمكن منظمات غير حكومية أوروبية من الدخول إلى غزة اليوم وأن تفتح ممرات إنسانية وأن توزع الأدوية». وشدد ساركوزي على أنه قال للإسرائيليين أيضاً «بدون أي لبس أن إطلاق القذائف نحو إسرائيل هو أمر غير مقبول يجب أن يتوقف»، معتبرا هذا «يرسم معالم الخروج من الأزمة»، وأنه يبحث «عن هذا المفتاح مع كل أصدقائنا في المنطقة» ملخصا رؤيته للحل في، «وقف العمليات العسكرية والهجوم الإسرائيلي ويرافق ذلك ضمانات جدية لأمن إسرائيل أي الوقف الحقيقي والدائم لإطلاق القذائف باتجاه إسرائيل، وكذلك البدء فوراً بتوزيع المساعدات الإنسانية وبشكل يتناسب مع الوضع الإنساني المأساوي، وكذلك فتح الآفاق سريعاً لاستئناف مفاوضات السلام وتعزيز المصالحة الفلسطينية التي لا يمكن أن يتحقق أي شيء بدونها». ولفت ساركوزي إلى أنه حول «هذه النقاط يمكن لسورية أن تقدم مساهمتها الكاملة». وأضاف: «الرئيس بشار الأسد يلعب دوراً أساسياً ومحورياً ويجب أن تساعدنا سورية على إقناع حماس بأن تختار صوت العقل». وفي إجابته على أسئلة الصحافيين أكد ساركوزي «أن العودة للوضع السابق (في غزة) أمر غير مقبول للجميع»، وقال: «إسرائيل تريد أن تضمن أمنها والفلسطينيون يريدون إعادة فتح المعابر»، معتبرا العودة للوضع كما كان عليه قبل 4 أو 5 أيام ليس الحل. وأضاف: «هناك شعب فلسطيني لا يمكن أن يعيش سجيناً في هذه البقعة من الأرض، ويجب أن تسمح لنا الأزمة بإعطاء ضمانات لأمن إسرائيل»، مشيراً الى أنه ليس هناك ثقة بين الجانبين ويجب توفير ذلك من خلال الشركاء في المنطقة وأن تضع كل الأطراف ثقلها، داعياً لوقف لغة السلاح. وقال ساركوزي إن «السلام سيأتي من الأطراف التي في الميدان ومن الدول المجاورة ومن أوروبا التي عليها أن تقوم بسياسة طموحة».

وفي ما يتعلق بالخطوات العملية المتخذة لوقف العدوان وما آلت إليه، الجهود أوضح ساركوزي أن هناك اتصالات يجريها مع العديد من الأطراف ...«وعلينا أن نثق بحكمة قادة المنطقة، وأبيّن أنه يمكننا دفع الجميع إلى الحل».

وكان الرئيسان الفرنسي والسوري قد عقدا بعد اجتماعهما ظهر أمس مؤتمرا صحافيا مشتركا افتتحه الرئيس الأسد بالقول: «حصلت العديد من المشاورات بين عدد من الدول المهتمة بإيجاد حل لهذه القضية ولهذا الوضع الخطير حيث كانت هناك عدد من المبادرات سبقت الاجتياح في مرحلة العدوان الجوي والتي ركزت على ضرورة وقف إطلاق النار لأهداف إنسانية من أجل إدخال الدواء والغذاء»، مشيرا إلى أن «إسرائيل رفضت كل هذه المقترحات ومن ضمنها المقترحات الأوروبية، وبعد الاجتياح سمعنا أمس من الإسرائيليين رفض أي وقف لإطلاق النار». ولفت الرئيس الأسد إلى أن زيارة الرئيس ساركوزي إلى المنطقة تأتي في هذا الإطار وأنها «زيارة هامة» تناولت «مختلف التفاصيل المرتبطة بهذا الموضوع»، وقال إنه شرح للرئيس الفرنسي الموقف السوري والرؤية السورية للحل والتي تتلخص «بوقف العدوان البربري الإسرائيلي فوراً على الشعب الفلسطيني وبوقف إطلاق النار وبالانسحاب الفوري من أراضي غزة».

وشدد الأسد على أهمية رفع الحصار ووصفه بأنه «هام وجوهري» لأن «الحصار هو إعلان حرب، ولكن ليس عسكريا»، والحصار هو «موت بطيء، وبالتالي عندما لا يكون هناك رفع للحصار من الصعب ألا يكون هناك وقف حقيقي لإطلاق النار». واعتبر الأسد البنود الثلاثة «بنوداً أساسية، وهناك تفاصيل تتبع هذه البنود ولكن هذه البنود تشكل مبادئا لأي حل دائم ومستمر في غزة». وفي ما يتعلق بالمشاورات السورية - القطرية لعقد القمة، قال الأسد «تحاول سورية من خلال موقعها كرئيس للقمة، وقطر من خلال موقعها كمضيف للقمة، أن تحققا النصاب كي نصل إلى قمة عربية ناجحة، ولكن الظرف قد يستدعي لقاء قمة بشكل ولو كان مصغراً. وأضاف: «لدينا ساعات تفصل بين مجزرة ومجزرة، وبالتالي لا يوجد لدينا أيام كي نضيعها ولا يوجد لدينا أسابيع سيكون لدينا اليوم اتصال بيني وبين أمير قطر من أجل نفس هذا الموضوع لكي نرى ما الذي يمكن فعله».

وبعد دمشق زار الرئيس ساركوزي لبنان لبضع ساعات، أعلن خلالها ان «فرنسا تريد أن تكون صديقة لكل اللبنانيين وتريد لبنانا حرا ومستقلا، وهي تهنئ نفسها بما قام به رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وتأمل في أن تجرى الانتخابات في الربيع المقبل بشفافية». وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في القصر الجمهوري في بعبدا، حيث التقى الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة: «لا بد أن يعلم لبنان أنه يمكنه أن يعتمد على صداقة فرنسا». وأشار الى أن لمصر دورا اساسيا تضطلع به «وقد اتصلت بالرئيس (المصري) حسني مبارك ونأمل باستمرار التعاون معه، وسنلتقيه هذا المساء لأنني عائد الى شرم الشيخ بعد زيارة الجنود الفرنسيين في جنوب لبنان».

وأشاد بخطوة التبادل الدبلوماسي بين لبنان وسورية، معتبرا انه «خطوة اولى يجب أن تليها خطوات تتناول الملفات العالقة بين بيروت ودمشق»، مؤكدا «الاستعداد الكامل لدعم الجيش اللبناني استنادا الى الاتفاق الذي وُقّع مع رئيس وزراء فرنسا في زيارته الأخيرة لبيروت».

وخلال الاجتماع قال سليمان ان الرئيس الفرنسي كان اول من بادر بعد اندلاع احداث غزة الى التحرك سعيا لإيجاد حل. وطلب منه «الضغط على اسرائيل من اجل وقف المجازر والهجمات الوحشية التي ترتكبها منذ عشرة أيام والتي يسقط ضحيتها يوميا عشرات الشهداء، ومن أجل وقف تهديداتها للبنان كذلك نظرا الى تأثيرها في السلم الأهلي وفي الاقتصاد».

وقال ساركوزي في صدد غزة انه صديق لإسرائيل ولكن «صديق متطلب»، وانه ابلغ الى الاسرائيليين «انه لا يمكنهم الاستمرار هكذا». وشدد على ضرورة ان يتوقف الفلسطينيون عن التقاتل.

وخلال لقائه افراد القوة الفرنسية المشاركة في قوات الطوارئ الدولية قال ساركوزي ان اتفاقا لإنهاء الهجوم الاسرائيلي على غزة «غير بعيد». وأضاف للصحافيين: «أنا مقتنع بأن هناك حلولا. نحن غير بعيدين عن ذلك. وما يلزم هو مجرد أن يبدأ أحد اللاعبين كي تتحرك الامور في الاتجاه الصحيح».

وأشار الى أنه سيعود الى شرم الشيخ للقاء الرئيس المصري حسني مبارك لان هناك «أملا صغيرا» في اتفاق من هذا النوع. وقال «الوقت يعمل ضدنا. لا بد من ايجاد حل، لذلك اعود الى شرم الشيخ»، حيث سيلتقي الرئيس المصري حسني مبارك للمرة الثانية خلال 48 ساعة.

وقال ساركوزي «لمصر دور كبير تقوم به، ولسورية دور مهم جدا تلعبه. في اسرائيل، هناك وعي بان الامور لا يمكن ان تستمر هكذا. لا بد من حصول مصالحة فلسطينية، لا بد من بذل اقصى الجهد ليتوقف كل هذا».