منتدى الخليج 2009: تباين حول عملية السلام والعراق.. وتوافُق على كبح «النفوذ الإيراني»

خبراء عسكريون واستراتيجيون يوصون بمراجعة العلاقات الخليجية – الأميركية.. مع مراعاة مصالح دول المجلس

TT

اختتم منتدى الخليج 2009، أعماله في العاصمة الرياض أمس، على تباين في وجهات نظر الخبراء الخليجيين والأميركيين حول ملفات السلام والعراق، بينما كان هناك اتفاق واضح على ضرورة كبح جماح النفوذ الإيراني المتزايد في منطقة الشرق الأوسط.

وحمّل متحدثون خليجيون، الإدارة الأميركية الراحلة، مسؤولية منح إيران «نفوذا مجانيًّا»، في كل من العراق وأفغانستان، إثر غزوها لهذين البلدين.

وعادوا خلال جلسات اليوم الأخير، يحذرون الجانب الأميركي، من مغبّة أي صفقة سرية بين واشنطن وطهران، على خلفية برنامج الأخيرة النووي، والتأثيرات التي قد تنطوي على مصالح الحكومات الخليجية وشعوبها، إزاء هذا الأمر.

وأوصى خبراء عسكريون واستراتيجيون، من الدول الخليجية الست والولايات المتحدة، بمراجعة العلاقات الخليجية الأميركية، على نحو يراعي مصالح دول المجلس. وطالبوا الإدارة الأميركية الجديدة بإشراك دول الخليج في أي خطوة تتعلق بقضايا المنطقة.

وشدّد الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، ومقرّه دبي، على أهمية أن تقوم واشنطن بإعادة النظر في سلوكها مع دول المنطقة. وقال إن سياسة الكيل بمكيالين، تضع حلفاء أميركا في موقف حرج أمام شعوب أصدقاء الولايات المتحدة.

وحذّر بن صقر من أنه إذا لم تغيّر أميركا سلوكها إزاء قضايا المنطقة، فستُضطرّ دول الخليج إلى بناء علاقات استراتيجية بديلة.

ومقابل ذلك، أكّد السفير الأميركي لدى السعودية فورد فريكر، أن من أولويات الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، البعد عن السياسة المتعجرفة، وتحسين تعامل أميركا مع دول الشرق الأوسط.

وتداول المجتمعون في آخر جلسات منتدى الخليج 2009، الذي نظمه مركز الخليج للأبحاث، بالتعاون مع معهد الدراسات الدبلوماسية السعودية، أول ردّ فعل للرئيس أوباما على أحداث غزة.

وقالت الدكتورة مارينا أوتاويا، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارينجي للسلام الدولي، إن من سياسة الرؤساء الجدد في أميركا، أن لا يُقحِموا أنفسهم في قضايا صعبة، في بداية فتراتهم الرئاسية، مُضِيفة «هذا ما فعله أوباما».

لكن متحدثين خليجيين، أكّدوا على ضرورة أن يجعل باراك أوباما، قضية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، من أولوياته، لكون قضية فلسطين مفتاح حل قضايا المنطقة كافة، على حد تعبيرهم.

وتباينت آراء الجانبين الأميركي والخليجي، إزاء ملف السلام في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي اتهم فيه أكثر من متحدث خليجي أميركا بالانحياز إلى إسرائيل، وعدم جدّيتها في موضوع السلام، قال أحد المتحدثين الأميركيين، إنه «ليس هناك أي زعيم عربي وضع يده بيد الرئيس الأميركي لحل هذا الملف، بينما قامت واشنطن بالضغط على إسرائيل أكثر من مرة لتقديم تنازلات»، على حد تعبيره.

وساق باحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، انتقادات لكل من السعودية وقطر، «لدور الأولى في عقد اتفاق مصالحة وطنية بين حركتَي فتح وحماس، ولقيام الثانية بتقديم الدعم لحماس»، على حد زعمه.

لكن أحد المتحدثين السعوديين، اتهم الإدارة الأميركية بالانحياز. وحذر واشنطن من مغبّة دعم إسرائيل بشكل مطلق، وقال إن أي مبادرة لدعم هذا الكِيان، على حساب العرب، لن تكون أمرًا مناسبًا، في الوقت الذي شدّد فيه متحدث أميركي، على ضرورة أن تعتمد الولايات المتحدة على الحليف السعودي بشكل أساسي لحل قضايا المنطقة كافة.

وتباينت وجهات نظر الأميركيين والخليجيين، إزاء الوضع في العراق. وقال الدكتور يوسف الحسن (باحث أكاديمي سعودي): «نحمد الله أن الديمقراطية ليست من أولويات أوباما، وإلا لتكرر ما حدث في العراق وأفغانستان».

وذكر الحسن، أن حربَي العراق وأفغانستان، منحتا دورًا إقليميًا أكبر لإيران في المنطقة، وطالب بالالتفات بشكل جدي لهذا الدور.

غير أن الدكتور محمد آل زلفة، وهو عضو في مجلس الشورى السعودي، وعلى الرغم من اعترافه بأن تداعيات الحرب الأميركية على العراق كانت «سيئة»، فإنه يرى أن إدارة بوش فعلت الصحيح باجتثاث نظام الرئيس العراقي صدام حسين.

وقال آل زلفة إن من أكبر المشكلات الموجودة في المنطقة العربية «الأنظمة الديكتاتورية». وأضاف: «لقد فعل بوش حسنًا حينما خلّصَنا من نظام صدام الديكتاتوري. لقد تخلصنا من أهم الديكتاتوريات في المنطقة».

ومقابل ذلك، أكّد السفير الأميركي لدى السعودية، أن بلاده أحرزت تقدمًا واضحًا في العراق، وهي تعمل بشكل مكثف للقضاء على عناصر القاعدة في ذلك البلد.

ودعا السفير فورد دولاً عربية، منها السعودية، إلى افتتاح سفاراتها في العراق، في إطار الدور العربي الهامّ الذي تتطلع إليه بلاده.

لكن تركي الفيصل السفير السعودي السابق لدى واشنطن، قلّل من إمكانية فتح سفارة بلاده على المستوى المنظور، مبديًا تخوُّف الرياض، فيما لو عيّنت سفيرًا لها في العراق، من أن يتعرض للخطف والقتل، على أيدي من وصفهم بـ «الجماعات المعادية».

من جهة أخرى، بحث المنتدى، من خلال خبراء من منظمة الدول المصدّرة للنفط «أوبك»، وبمشاركة مختصِّين سعوديين ودوليين، موضوع العلاقات الخليجية الأميركية في الاقتصاد والطاقة، تناولوا خلالها عددًا من النقاط، كان أبرزها المستوى العادل لأسعار النفط في العالم.

* (تفاصيل المناقشات حول النفط في الاقتصاد).