الصومال: القراصنة يحصلون على أول فدية للسفينة التركية ويتفاوضون على المصرية

إثيوبيا وكينيا ترفضان محاولات رئيسي الحكومة والبرلمان تأجيل الاستحقاق الرئاسي

قوات من بونتلاند خلال دورية في خليج عدن بالقرب من السفينة الفرنسية الحربية «جاين دي فيين» (رويترز)
TT

حصل القراصنة المسلحون قبالة السواحل الصومالية، على أول فدية مالية منذ بداية العام الحالي، بعدما أطلقوا مساء أول من أمس، سراح سفينة تركية كانت محتجزة منذ نحو ثلاثة شهور وعلى متنها 20 بحارا تركيا وشحنة 77 ألف طن من الحديد كانت في طريقها من كندا إلى الصين.

وتكتم القراصنة وشركة ياسا البحرية مالكة السفينة، عن أية معلومات حول حجم الفدية المدفوعة التي تعتبر أول مبلغ مالي يدخل خزانة القراصنة منذ مطلع العام الميلادي الجديد.

وقالت مصادر صومالية وكينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «التكتم على مبلغ الفدية، يرجع إلى رغبة تركيا في تفادى أي تأثير سلبي في حالة إعلان قيمتها الحقيقية على المفاوضات الجارية منذ مدة، عبر وسطاء للإفراج عن سفينتين تركيتين، مازالت مجموعة أخرى من القراصنة تحتجزهما بقوة السلاح، قبالة سواحل الصومال». إلا أن مصادر صومالية مقربة من القراصنة الخاطفين، قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إنهم حصلوا على مبلغ مليوني دولار نقدا، بعد مفاوضات وصفتها بـ«الشاقة والمضنية».

الى ذلك توقع القبطان عبد الرحمن سليم العوا مالك السفينة المصرية «بلو ستار» التي اختطفت قبالة السواحل الصومالية، الإفراج عن السفينة وطاقم ملاحيها في وقت قريب، بفضل جهود حثيثة من جانب السلطات المصرية، التي تباشر الاتصال بالخاطفين، مشيرا إلى أن القراصنة خفضوا مبلغ الفدية، الذي يطالبون به مجددا.

وكان القراصنة قد طالبوا بداية ستة ملايين دولار، على سبيل الفدية، ثم خفضوا الفدية إلى خمسة ملايين.

وأعرب القبطان عبد الرحمن سليم العوا عن مخاوفه من نفاد كمية المياه الصالحة للشرب المتاحة على سطح السفينة، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن كميات الغذاء كبيرة وتكفي لفترة أطول، إلا أن المياه المتوافرة لا تكفي إلا لمدة عشرين يوما على أكثر تقدير، منذ أن بدأت السفينة رحلتها التي كانت من المفترض أن تكون قصيرة ولا تستغرق أكثر من يوم واحد. وكان القراصنة قد استولوا على السفينة منذ ثمانية أيام من دون مقاومة على بعد ستة أميال من السواحل اليمنية، في عملية لم تسفر عن سقوط ضحايا أو مصابين.

وكان قراصنة صوماليون قد أفرجوا في السادس والعشرين من سبتمبر (أيلول) المنصرم، عن السفينة التجارية المصرية «المنصورة» مقابل فدية قدرها ستمائة ألف دولار أميركي.

وفي أحدث اتصال هاتفي بطاقم السفينة أمس، أبلغ ربانها محمود سويدان، الشركة المالكة بأنه وكذلك جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم ثمانية وعشرين بحارا بخير، وفي حالة صحية جيدة، وإن كانت مشاعر الاغتراب والحنين إلى الوطن بدأت تنتاب البعض منهم، كما أن الجميع يعانون من وطأة الشعور بافتقار الحرية، خاصة أن عصبة من القراصنة تضم ستة عشر نفرا، تعسكر فوق متن الباخرة المحملة بستة آلاف طن من سماد اليورويا، وتراقب كافة تحركات طاقم الملاحين.

وأشار رئيس مجلس إدارة شركة نيو مارين، إلى أن الإمكانيات المتوافرة لدى عصابات القرصنة المتمركزة في بونت لاند، لا تسمح بتوجيه حاويات المياه النقية المخصصة للسفن، وهو ما يهدد الطاقم بالعطش خلال أيام قليلة. جدير بالذكر أن الوجهة الأصلية للسفينة كانت ميناء «بييرا» في موزمبيق، وأن السفينة تعتزم مواصلة الرحلة في الطريق إلى هناك، إذا ما تمت عملية التحرير من دون تطورات مؤسفة.

وعلى صعيد متصل، قال سلاح البحرية الصيني إن سفنا تابعة له وصلت إلى مياه خليج عدن قبالة الصومال، للقيام بأول مهمة لحراسة السفن من القراصنة. ومن المقرر أن يحمي الأسطول أربع سفن تجارية صينية، تشمل سفينة من هونغ كونغ.

ونقلت وكالة الأنباء الصينية عن الأدميرال دو جينغ تشن قائد القوة قوله «إن مهمة الحراسة بدأت، وسنلتزم بحزم بقرارات الأمم المتحدة، والقوانين الدولية ذات الصلة للوفاء بالتزاماتنا».

يشار إلى أن الأسطول المكون من مدمرتين وسفينة إمداد، قد غادر قاعدته البحرية في جزيرة هاينان الصينية يوم الجمعة الماضي بتفويض من كل من مجلس الأمن الدولي، والحكومة الانتقالية الصومالية، من اجل حراسة السفن التجارية الصينية في المقام الأول. ويضم الأسطول الصيني نحو 800 من أفراد الطاقم، من بينهم 70 جنديا من القوات الخاصة بالبحرية، ومزود بصواريخ، ومدفعية، وأسلحة خفيفة.

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن كينيا وإثيوبيا رفضتا مساعي قام بها على مدى اليومين الماضيين، كل من شيخ أدن مادوبي رئيس البرلمان الصومالي الذي يتولى أيضا بصورة مؤقتة صلاحيات رئيس السلطة الانتقالية، والعقيد نور حسن حسين(عدي) رئيس الحكومة الانتقالية لتأجيل جلسة انتخاب البرلمان المقررة لانتخاب الرئيس التالي للصومال عقب استقالة الرئيس السابق عبد الله يوسف قبل الثامن والعشرين من الشهر الحالي.

وقالت مصادر صومالية واسعة الإطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن رغبة مادوبي وعدي في تأجيل الاستحقاق الرئاسي لفترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة شهور، بدعوى التركيز على عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في جيبوتي بين الحكومة الانتقالية وجناح جيبوتي المنشق على تحالف المعارضة الصومالية، الذي يتخذ من العاصمة الاريترية مقرا له، قد اصطدم برغبة أديس أبابا ونيروبي في الالتزام بالدستور الصومالي المؤقت، الذي ينص على ضرورة انتخاب الرئيس التالي في غضون ثلاثين يوما فقط من استقالة يوسف.

وأوضحت المصادر أن ميلس زيناوى رئيس الحكومة الإثيوبية والرئيس الكيني مواي كيباكي، أعلنا رفضهما لتأجيل الاستحقاق الرئاسي، وأنهما أبلغا عدي ومادوبي خلال لقاءات منفصلة جرت ما بين أديس أبابا ونيروبي، ضرورة الالتزام بنص الميثاق، الذي تمخض عنه مارثوان المصالحة الوطنية في كينيا عام 2004.

ونقل وزير الخارجية الكيني عن مادوبي قوله، إنه لا ينوى الترشح خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرا إلى أنه تعهد بالعمل مع عدي على تحقيق المصالحة الوطنية ودعم عملية السلام.

وأعرب الطرفان الكيني والأثيوبي عن رفضهما لفكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، مقابل انتظار ما ستفسر عنه مفاوضات جيبوتي بين نور عدي والشيخ شريف شيخ أحمد زعيم جناح جيبوتي المنشق على تحالف أسمرة.

ووفقا لمعلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن عددا لا يستهان به من البرلمانيين الصوماليين، يريدون نقل جلسة البرلمان إلى العاصمة الصومالية مقديشو أو دولة جيبوتي المجاورة، عوضا عن إجرائها في مدينة بيداوة الجنوبية، التي تعتبر معقل السلطة الانتقالية، بسبب انعدام الأمن والاستقرار هناك.

وتعرض ثلاثة نواب لحوادث اغتيال غامضة على مدى الأسابيع القليلة الماضية، بينما ما زال مصير عضو البرلمان أحمد عبدي حسين المنضم حديثا للبرلمان، غامضا رغم مرور أربعة أيام على خطفه على يد مسلحين مجهولين أثناء سفره في مدينة بور هكبة، التي تبعد 60 كيلومترا شرق مدينة بيداوة الجنوبية.

ويسعى زملاء عبدي إلى إطلاق سراحه عبر اتصالات قبلية وعشائرية، فيما ترجح بعض الأوساط الصومالية أن الخاطفين ينتمون إلى حركة الشباب المجاهدين المتشددة، التي سبق أن أعلنت في وقت سابق من العام الماضي سيطرتها على المنطقة، التي وقعت فيها عملية الخطف.

الى ذلك، وقع أمس قتال عنيف بين القوات الإثيوبية وميليشيات حركة الشباب المجاهدين بالقرب من مدينة دينصور التي تقع على بعد 30 كيلو مترا جنوب معقل السلطة الصومالية في مدينة بيداوة الجنوبية.

وتبادل الجانبان القصف العنيف، بالإضافة إلى ادعاءات غير موثقة بشأن إلحاق كليهما خسائر بشرية ومادية بالآخر.