المبعوث الصيني: صدور قرار بتوقيف البشير ستكون له نتائج كارثية

اتهامات بين الجيش والحركة الشعبية.. وإقالة مفاجئة لمنصور خالد من شركة الصمغ العربي

TT

قال المبعوث الصيني للسودان ليو دى جين، إن أزمة دارفور تمر بمرحلة «حرجة ومفترق طرق»، انتظاراً لما يتوقع أن يصدر من المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني عمر البشير، وقال إن صدور أي قرار بتوقيف البشير من المحكمة بالتهم المتعلقة بجرائم الحرب في دارفور ستكون له نتائج «كارثية ووخيمة»، تقوض الجهود السياسية لحل الأزمة في الإقليم المضطرب.

وقال إن زيارته للخرطوم تتم في وقت «حرج». وكشف أنه طرح مقترحات على المسؤولين السودانيين حول كيفية التعامل مع أزمة المحكمة الجنائية، لكنه لم يكشف تفاصيل عما طرحه. غير أنه قال :«تتطابق معظمها مع الرؤى السودانية حيال حل الأزمة». وأجرى المبعوث، الذي بدأ أمس زيارة رسمية للسودان حول الأزمة بين الخرطوم والمحكمة الجنائية الدولية، مباحثات مع وزير الخارجية السوداني المناوب على كرتي، ركزت على موضوع المحكمة الجنائية مع السودان. وقال المبعوث الصيني للصحافيين إنه يتعين على الجميع التحرك الآن «لإطفاء نار دارفور أولاً ثم التفكير في الأسباب»، وأضاف أنه يرى أن صدور أي قرار قي حق البشير ستكون له نتائج كارثية ووخيمة وسالبة على الجهود المبذولة لحل الأزمة. واستعرض تلك الجهود، وقال إن المجتمع الدولي، بما فيه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بذل جهوداً كبيرة لحل الأزمة في الفترة الماضية، إلى جانب جهود أخرى تبذل ممثلة في المبادرة العربية القطرية ومبادرة الرئيس البشير لحل الأزمة المعروفة بمبادرة أهل السودان، وأن هذه الجهود من الضروري أن تجد الدعم والدفع للأمام من المجتمع الدولي لإيجاد الحل السياسي للمشكلة.

وكان المبعوث الصيني قاطعاً في القول إن بلاده تؤمن بالحل السياسي، وأثنى على ما سماه الجهود الكبيرة للحكومة السودانية لحل الأزمة، فضلاً عن «تعاونها مع المجتمع الدولي لحلها»، وقال «وهذا ما دفعني لزيارة السودان» في هذا الوقت الحرج. وأضاف أن «بلاده حريصة على استقرار السودان»، ومضى قائلاً «وعليه نطالب المجتمع الدولي بحل الأزمة قبل إصدار قرار في حق البشير»، فيما استدرك قائلاً: «أما في حال صدور القرار قبل حل الأزمة فنتوقع ممارسة الحكومة السودانية ضبط النفس والاتصاف بالحكمة بجانب الاستمرار في التعاون مع المجتمع الدولي»، وتابع أن «الأمر ليس نهاية الطريق بجانب جهود المجتمع الدولي ولن نتوقف»، وكشف أنه طرح على المسؤولين في الخرطوم مقترحات لمواجهة الأزمة مع الجنائية الدولية قال إنها تتطابق معظمها مع الرؤى السودانية حيال الأزمة.

من جانبه، قال على الصادق الناطق باسم الخارجية السودانية إن المبعوث الصيني ليو نقل للمسؤولين في الخرطوم اتفاقاً روسياً - بريطانياً حول خطورة القرار المتوقع على الإجراءات الجارية للحل السلمي للمشكلة، وقال إنه «حال صدور القرار كلها ستذهب أدراج الرياح». في غضون ذلك، نفى الجيش السوداني اتهامات وجهت إليه من قِبل الحركة الشعبية في الجنوب بقيامه بتسليح القبائل في ولاية جنوب كردفان «إحدى الولايات النفطية في البلاد»، التي تقع على تماس مع حدود جنوب السودان، وإعادة نشر قوات جديدة تابعة له في المنطقة، وحذر الجيش في الوقت ذاته حركة العدل والمساواة المسلحة في إقليم دارفور من مغبة شن أي هجوم على مواقع النفط في كردفان.

وقال الناطق باسم الجيش العميد الأغبش إن أي هجوم من حركة العدل والمساواة على مدن ومواقع البترول سنرد عليه بصورة قاسية، وأضاف أن الجيش «ظل يرصد تحركات حركة العدل والمساواة وسيتعامل مع أي هجوم منها بكل حسم»، وكان مسؤولون سودانيون أعلنوا أن الحركة المسلحة تحضر لهجوم على مواقع النفط ومدن في المنطقة.

فيما وصف الأغبش اتهامات لمسؤول في الحركة الشعبية للجيش بنشر قوات كبيرة في جنوب كردفان وقيامه بتسليح القبائل في المنطقة، بأنها اتهامات عارية من الصحة، واتهم من جانبه الحركة الشعبية بزيادة عدد قواتها في المنطقة على العدد المسموح به في اتفاق السلام الموقع بينهما في عام 2005، وحسب الناطق باسم الجيش فإن قواته ما زالت تعمل وفقاً لبروتوكول الترتيبات الأمنية في اتفاق السلام، ونفى بشدة أن يكون الجيش يقوم بتسليح القبائل هناك، وقال «نحن نعمل وفق المؤسسية ولا نتعامل مع القبائل والميليشيات». ومن جانبه، وصف رئيس مفوضية التقويم والتقدير البريطاني سير دريك بلمبلي في مؤتمر صحافي في الخرطوم اتفاق السلام الشامل بأنه أهم إنجاز دولي نهاية القرن الماضي، وأكد أن إنفاذه يسير بصورة جيدة، لكنه اعترف بأن الطريق أمام الاتفاق «لا يزال مزدحماً»، واعتبر أن العامين المقبلين «حاسمان» ونحتاج إلى اتخاذ قرارات مصيرية، تخص مستقبل السودان بما في ذلك الانتخابات القومية والإعداد لاستفتاء تقرير المصير في جنوب البلاد. وأكد السير بلمبلي في المؤتمر الذي جاء بمناسبة الذكرى الرابعة لتوقيع اتفاق نيفاشا بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، بحضور مفوض نزع السلاح والتسريح والدمج الدكتور سلاف الدين صالح، وجشوا داو ديو مفوض حقوق غير المسلمين بالعاصمة، أكد أن الاتفاق نجح في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، بجانب تحقيق الكثير من المكاسب، بيد أنه أشار إلى أن هناك الكثير الذي يجب مضاعفة الجهد لإنجازه خلال السنتين المتبقيتين. وحث بلمبلي شريكيْ الاتفاق على الإسراع بمعالجة العقبات أمام عملية ترسيم الحدود، التي لم يحرزا فيها تقدماً بيّناً على حد قوله.

من ناحية أخرى، فوجئت الساحة السياسية في الخرطوم بقيام شركة الصمغ العربي في السودان، وهي الشركة التي تحتكر تسويق الصمغ العربي في البلاد، بإقالة رئيس مجلس إدارتها الدكتور منصور خالد القيادي البارز في الحركة الشعبية، وكان خالد تقلد المنصب بعد توقيع اتفاق السلام بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ومشاركة الأخيرة في مفاصل الحكم في البلاد. ويعتبر خالد أحد الخبراء في مجال الصمغ العربي وله اهتمامات واضحة بالسلعة التي يتصدر السودان قائمة الدول المنتجة لها في العالم. وبرر مجلس إدارة الشركة في حيثيات قرار إقالة خالد بأنه «لاعتذاره وغيابه المتكرر عن اجتماعات الشركة»، وعلق خالد على القرار بقوله إنه تم بالرغم من التوجيهات التي صدرت بعدم انعقاد الاجتماعات، وكانت أزمة تواترت في الخرطوم لأيام داخل الشركة على خلفية اختيار مجلس الإدارة مديراً للشركة ولكن بعد أيام رفض وزير التجارة اعتماد الوزير الجديد، غير أن مجلس الإدارة أصر عليه.