الهند: كل الخيارات متاحة لعدم تكرار هجمات مومباي

باكستان تعترف بهوية كساب الناجي الوحيد.. وترفض تقديم مساعدة قانونية له

رجال أمن يفتشون المشاركين في تجمع عاشوراء في مدينة كراتشي الباكستانية امس، وكانت أعمال عنف طائفية قد وقعت في السابق أدت الى وقوع الكثير من الضحايا (ا ف ب)
TT

أكد وزير الدفاع الهندي إيه.كي. أنتوني مجدَّدًا، أمس، أن بلاده «تدرس كل الخيارات»، لمنع أي هجمات شبيهة باعتداءات مومباي، متهمًا، مرة أخرى، باكستان بعدم مواجهة «الإرهاب الإسلامي» بالشكل المطلوب. وقال أنتوني للصحافيين في نيودلهي «إن ما يقلق بلاده بشكل كبير، هو عدم حصول أي محاولة جادّة لتفكيك الخلايا الإرهابية الناشطة في الجهة المقابلة من الحدود». وأضاف «سنقوم بكل ما يلزم لمنع وقوع ذلك (هجمات أخرى)، ولهذا السبب نقوم بدراسة كل الخيارات الممكنة والمتاحة»، مقدرًا وجود «أكثر من 30 مجموعة إرهابية في الجهة المقابلة من الحدود (في باكستان) يجب تفكيكها».

وتبادلت الهند وباكستان، أول من أمس، اتهامات هي الأقسى منذ هجمات مومباي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث اتهمت نيودلهي أجهزة باكستانية «بدعم» المهاجمين، بينما حذرت إسلام أباد من أن هذه «المزاعم» سترفع حدة التوتر بين البلدين. وتتبادل الجارتان النوويتان الاتهامات منذ وقوع هجمات مومباي، من دون اتخاذ تدابير، من شأنها أن تقودهما إلى حرب. ويتجنب «الإخوة الأعداء» مخاطر وقوع مواجهة، بحسب الخبراء والدبلوماسيين، رغم تجميد العملية السلمية بين الجانبين. وكانت الهند قد أكدت مِرارًا أن الحرب ليست «حلاًّ»، لكن دون استبعاد «الخيار العسكري»، بهدف إبقاء ضغوطها الدبلوماسية على باكستان. وأعلنت دولتا الهند وباكستان في 14 و15 أغسطس (آب) 1947، جراء التقسيمات التي وضعها الاستعمار البريطاني، وخاض البلدان ثلاث حروب، منها اثنتان بسبب قضية كشمير. ووصل البلدان إلى شفير مواجهة نووية في عام 2002.

من جهة أخرى قال اللفتنانت جنرال أحمد شجاع باشا رئيس وكالة المخابرات الداخلية الباكستانية القوية، إنه لن تنشب حرب مع الهند بسبب هجوم شنه متشددون على مومباي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال باشا في حديث لمجلة ديرشبيغل الألمانية، إن الإرهاب -وليس الهند- هو عدو باكستان، وإنه يتلقى أوامره من رئيس مدني. وأضاف باشا: «لن تكون هناك حرب». وتابع «نحن ننأى بأنفسنا عن صراع مع الهند، سواء الآن أو بشكل عامّ».

وتلقى الهند اللوم على متشددين إسلاميين باكستانيين، في هجوم على مومباي شنه عشرة مسلحين، وقُتل فيه 179 شخصًا. وجدّد الهجوم التوترات بين القوتين النوويتين المتجاورتين، اللتين خاضتا ثلاث حروب منذ عام 1947.

وصعّد رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ حربًا كلامية، أمس، بقوله، لأول مرة، «هناك من الأدلة ما يكفي لإظهار أن الهجوم لا بد أنه حصل على دعم من بعض الجهات الرسمية في باكستان، نظرًا إلى الدقة العسكرية البالغة التي اتسم بها». ونفت باكستان أي تورط لأجهزة الدولة، ورفضت اتهامات سينغ، قائلة إن الهند تصعِّد التوتر، وتغامر بتدمير إمكانية إجراء تحقيق جادّ وموضوعي.

وقال باشا: «في بادئ الأمر تصورنا أنه سيكون هناك ردّ عسكري. الهنود بعد الهجوم كانوا غاضبين بشدة، لكنهم أذكياء كذلك». وتابع «إن باكستان تعلم جيدًا أن عدوها هو الإرهاب، وليس الهند. وعرضت الحكومة الباكستانية، في بادئ الأمر، إرسال باشا إلى الهند للمساعدة في التحقيقات، لكنها سحبت العرض، في ما يبدو، بعد اعتراضات من جانب كبار قادة الجيش».

إلى ذلك، أكدت مصادر حكومية باكستانية لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلح الناجي الوحيد من هجمات مومباي، أكمل أمير كساب، باكستاني الجنسية، وقال مسؤولون باكستانيون: «عندما قمنا بفحص البيانات الأولية، لم يكن اسم كساب موجودًا في القائمة، ولكن الآن تحقيقاتنا أكدت أنه باكستاني». وكانت الحكومة الباكستانية قد رفضت الاعتراف بأن أكمل كساب باكستاني الهوية، على الرغم من تقارير وسائل الإعلام، التي أشارت إلى أنه ينتمي إلى الجنوب من قرية فريدكوت الباكستانية. ورفض المسؤولون الباكستانيون تقديم أي مساعدة قانونية لكساب، على الرغم من جنسيته الباكستانية. على صعيد آخر، قال رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، إن الهند رفضت التعاون مع باكستان في التحقيقات الجارية الخاصة بهجمات مومباي، ورفضت اقتراحًا تقدمت به باكستان.

على صعيد آخر قالت باكستان، أمس، إن المعلومات التي قدّمتها الهند، بشأن هجمات مومباي الإرهابية، «تُفحَص بجدية». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية محمد صديق: «باكستان ما زالت مصممة تمامًا على تحقيقاتها، لكشف الحقائق كاملة، بشأن تفجيرات مومباي، وإنها تدرك ضرورة التوصل إلى أدلة دامغة». وتعتقد الهند أن مذبحة مومباي من تدبير جماعة «عسكر طيبة» التي تتخذ من باكستان مقرًّا لها.

وقدمت الهند أول من أمس معلومات، وقالت إنها تشير بوضوح إلى أن المسلحين، ومن بينهم الناجي الوحيد من منفذي الهجمات، والمحتجز حاليًّا لدى الشرطة، لهم صلات مباشرة مع باكستان. وأدانت باكستان الهجمات، ووعدت بمساعدة الهند في التحقيقات، ولكن مظاهر التعاون الجادّ بين الحكومتين، أضعفها اتهام رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، بأن الهجمات لا بد أن وراءها دعمًا من بعض الوكالات الرسمية الباكستانية.

وقال سينغ في نيودلهي أمس: «لا بد أن نقنع المجتمع الدولي، بأن الدول التي تستخدم الإرهاب كأداة للسياسة الخارجية، لا بد أن تُعزل، وتُجبَر على التخلي عن مثل هذه الأساليب».

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية «ابلغتنا السلطات المعنية للتو أن أجمل كساب هو مواطن باكستاني». وكان كساب، واسمه الكامل محمد اجمل عامر ايمان، قد اعتقل في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) بعدما شارك في تنفيذ مجزرة في مومباي، وسيظل معتقلا في الهند حتى 19 يناير (كانون الثاني) وقد يتهم بـ«ارتكاب اعمال حربية ضد البلد، وجرائم قتل ومحاولات قتل وانتهاك قوانين الاسلحة والمتفجرات».