إسرائيل ترحب بمبادرة مصر.. وتوافق على حوار بالقاهرة لكن ليس مع حماس

أولمرت يميل للمبادرة الأميركية.. وباراك وراء الاستجابة الإيجابية للقاهرة.. وليفني تقترح انسحاباً إسرائيلياً من جانب واحد

TT

وافقت اسرائيل أمس على إرسال وفد الى القاهرة لبحث المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار والتوصل الى اتفاق تهدئة جديد شامل، لكنها رفضت في المقابل وقفا فوريا لإطلاق النار، وقررت مواصلة عملياتها الحربية حتى تتوفر شروط على الارض تضمن وقف اطلاق حماس الصواريخ على بلداتها الجنوبية، ووضع حد لتهريب أسلحة جديدة الى قطاع غزة من الحدود المصرية. وجاء الموقف الإسرائيلي بعد اجتماع مطول أجراه المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الاسرائيلية، الذي اجتمع صباح أمس بحضور قادة الجيش والأجهزة الأمنية.

وقال مصدر سياسي رفيع في مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت ان اسرائيل، فيما ترحب بمبادرة القاهرة، إلا أنها لا توافق على المبادرة التي وضعت بالتنسيق مع الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وتفضل عليها المبادرة الأميركية، موضحا أنه ومع ذلك، وفي سبيل تسهيل الجهود الدبلوماسية الدولية، وتقديرا للرئيس المصري، حسني مبارك، والرئيس الفرنسي، ساركوزي، فإن تل ابيب توافق على المشاركة في حوار مع مصر، ومع مصر وحدها وليس مع حماس، وتدرس امكانية التقدم نحو تسوية تؤدي الى تحقيق الشروط الاسرائيلية للتهدئة.

وقررت اسرائيل ارسال وفد من الجنرال عاموس جلعاد، رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، مندوباً عن الجيش وعن وزير الدفاع ايهود باراك، وشالوم تورجمان، المستشار السياسي لأولمرت. وبحسب المصادر الاسرائيلية فقد تلقى الوفد التعليمات بأن يدرس مدى فاعلية المبادرة المصرية في وقف اطلاق صواريخ حماس تجاه اسرائيل ومنع تهريب الأسلحة من سيناء عبر الشريط الحدودي الى قطاع غزة. وأوضحت المصادر أنه إذا كانت نتيجة الوفد الاسرائيلي ايجابية، فإن تل أبيب ستوافق على وقف النار والانسحاب من قطاع غزة. وكان أولمرت قد صاغ مع الادارة الأميركية خطة لوقف النار، محورها البنود التالية: أولا: وقف اطلاق النار المتبادل، مع التوضيح ان اطلاق أي صاروخ جديد على اسرائيل سيعد خرقاً للاتفاق يحرر اسرائيل من الالتزام به (أي انه يعطي الحق لاسرائيل بأن تعود الى غاراتها وعملياتها الحربية رداً على استئناف حماس اطلاق الصواريخ).

ثانيا: تأخذ اميركا على عاتقها العمل مع مصر والسلطة الفلسطينية لوقف تهريب الأسلحة عبر سيناء. وفي هذا الاطار، عرض الأميركيون على اسرائيل سلسلة اجراءات تؤكد تفهمها للمطلب الاسرائيلي في منع التهريب، منها: تفجير وتدمير جميع الأنفاق المحفورة حاليا على طول الشريط الحدودي بين مصر وغزة، وزيادة عدد القوات الأميركية العاملة على الجانب المصري المتخصص في اكتشاف الأنفاق، وبناء جدار على طول الحدود وجعل معبر رفح الممر الوحيد للفلسطينيين الى الخارج، وزيادة العمل الاستخباري داخل سيناء المصرية لمكافحة نشاط المتعاونين المصريين مع حماس على تهريب الأسلحة، ومراقبة شديدة على الحدود المصرية ـ السودانية التي تعتبر مصدراً اساسياً للأسلحة التي يتم تهريبها الى غزة. ثالثا: وضع جدول زمني صارم للمفاوضات حول تنفيذ صفقة تبادل اسرى بين اسرائيل وحماس، يتم بموجبها اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط مقابل اطلاق سراح 450 أسيراً فلسطينيا. وقال مصدر مقرب من باراك انه يقف وراء التجاوب الاسرائيلي مع المبادرة المصرية لأنها لا تبتعد كثيراً من حيث المضمون عن المبادرة الأميركية. والفارق الأساسي بين المبادرتين، حسب رأيه، هو في «الجدول الزمني للتطبيق»، حيث أن مصر تصر على وقف اطلاق النار فوراً وتقترح منحها الوقت لإقناع حماس بالمصلحة في التوجه الى تسوية. وأضاف هذا المصدر انه لا يمانع في أن تصاغ المبادرة بطريقة تظهر حماس «موفورة الكرامة»، قائلا ان اسرائيل تمكنت بعملياتها الحربية من تحقيق معظم أهدافها، وأهم هذه الأهداف هو وضع قيادة حماس الحالية «فهم مختبئون تحت الأرض في منطقة مستشفى الشفاء في غزة ولا يستطيع أي منهم أن يطل برأسه الى الخارج، وهم يدركون اليوم أن اسرائيل جادة في حربها، وانها قادرة على توجيه ضربات قاصمة لهم، وليس فقط من الجو بل عبر الاجتياح البري من دون أن تدفع ثمناً باهظاً أو غير محتمل حيث ان عدد القتلى بين الاسرائيليين حتى الآن لم يتجاوز العشرة مقابل 650 فلسطينيا، وهذه هي قوة الردع التي أرادت اسرائيل انجازها». وكان لافتاً أن ليفني لم تتحمس لإنهاء القتال باتفاق تهدئة جديد، لكنها اقترحت أن توقف اسرائيل القتال وتنسحب بشكل أحادي الجانب، من دون مفاوضات أو اتفاق «حتى تبقي لنفسها المبادرة للرد على أي خرق لشروطها في المستقبل وتبقي حركة حماس جسما مهزوما يصارع في الشارع الفلسطيني وليدافع عن مغامرته الخطيرة». لكن اليمين المعارض في المقابل بدأ يستعد لمهاجمة الحكومة الاسرائيلية على تراجعها وقبول تسوية سياسية مع حماس بدلا من استغلال دينامية الحرب لمواصلة الجهود من أجل تصفية حماس، ونقل على لسان رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، ان الطريق الوحيد لمواجهة حماس هو إكمال خطة الجيش الاسرائيلي وتنفيذ جميع بنودها. الى ذلك، قال مسؤول اسرائيلي لوكالة الأنباء الفرنسية إنه بعد بحث المسؤولين الاسرائيليين المبادرة المصرية، أصدر باراك «تعليماته للجيش بالاستعداد للمرحلة الثالثة من العملية». واضاف «لا نعتقد ان العملية ستتوقف خلال الايام المقبلة. لا يزال علينا دراسة تفاصيل الاقتراح المصري». ودعا الرئيس المصري اسرائيل اول من امس لاجراء محادثات عاجلة حول خطة تهدف الى انهاء الهجوم الاسرائيلي وتتضمن اجراءات امنية جديدة لوقف عمليات التهريب على طول الحدود بين مصر وغزة، وهو ما تطالب به اسرائيل.