عملية مشتركة شمال بغداد تختبر الاتفاقية الأمنية الأميركية ـ العراقية

ضابط تنسيق أميركي يكتفي بتقديم المشورة.. والجنود العراقيون يقودون المهمة

TT

تغيرت قواعد اللعبة العسكرية في العراق مع دخول الاتفاقية الأمنية الأميركية – العراقية حيز التنفيذ مع مطلع العام الحالي، وهذا ما اتضح خلال عملية مشتركة قامت بها قوات أميركية وعراقية أول من أمس.

كان الكابتن الأميركي كريستوفر لوفتيس يراقب المشهد، حيث أغار عدد من الجنود العراقيين على منزل أحد المتمردين المشتبه فيهم والمطلوبين لدى السلطات الأمنية بناءً على اتهامات بتورطه في شن هجمات قاتلة ضد قوات أميركية وعراقية. وحسب وكالة «أسوشييتدبرس»، استجوب ملازم أول عراقي ثلاثة رجال تم العثور عليهم داخل المنزل بشأن شقيقهم، وما إذا كان موجوداً بالمنزل، وعندما أجابوا بالنفي، سألهم عن مكانه، فأجابوا أنه سافر لسورية منذ عام مضى. كانت هناك أسئلة يرغب لوفتيس في توجيهها إلى الرجال الثلاثة، وأمور بحاجة لتوضيحها من أجل التحقق من صدق كلامهم. إلا أنه طبقاً للاتفاقية الأمنية الأميركية - العراقية لم يكن باستطاعته سوى تقديم المقترحات والتوصيات للقوات العراقية. على سبيل المثال، أخبر لوفتيس، الذي يعمل ضابط اتصال مع القوات العراقية، الملازم الأول العراقي، الذي رفض الكشف عن هويته خوفاً على سلامته: «أُوصي بأن يحاولوا العثور على صورة للشخص المعني». ويؤكد القادة العسكريون الأميركيون في مختلف أنحاء العراق أنهم يحاولون منذ شهور تنفيذ الاتفاقية الأمنية، من خلال العمل جنباً إلى جنب مع العراقيين في القيام بدوريات وعمليات تفتيش واعتقالات. وعلى مدار أسابيع، وفي بعض الحالات شهور، عكف القادة العسكريون على التأكيد أن جميع العمليات مع القوات الأمنية العراقية كانت عمليات مشتركة قادها جنود ومسؤولو شرطة عراقيون. لكن على الصعيد غير المعلن، أثار الكثيرون التساؤلات حول ما يعنيه ذلك بالنسبة للقوات الأميركية، وشككوا في قدرة القوات العراقية على تولي زمام القيادة. وطبقاً للاتفاقية الأمنية، لا تزال القوات الأميركية تتمتع بحق الدفاع عن نفسها وعن القوات والمدنيين العراقيين، حال تعرضهم لهجوم، إلا أنه سيكون من الضروري توافر أدلة وشهود لدعم اتخاذ أي إجراء عملي على هذا الصعيد. يذكر أنه قبل شن الغارة سالفة الذكر بساعات، التقى قادة عسكريون أميركيون برائد عراقي داخل مركز طارمية للقيادة المشتركة، الواقع بإحدى ضواحي هذه المدينة التي ينتمي معظم سكانها للسُنّة والواقعة على بعد 30 ميلاً (50 كيلومتراً) شمال بغداد. وهدف الاجتماع إلى تحديد معالم العملية المشتركة التالية. خلال الاجتماع، قدم لوفتيس نسخاً ورقية ملونة لصور متمردين مشتبه فيهم، إلى جانب أسماء وإحصاءات وبيانات شخصية واتهامات مزعومة ومناطق اختباء محتملة. وجرت مقارنة هذه النسخ بقائمة عراقية بأسماء المشتبه فيهم وبملف يضم تصاريح احتجاز حصلت عليها قوات الأمن العراقية. والتقط الرائد العراقي، الذي رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، ثلاث وثائق للإعداد للعملية المشتركة التالية، والأولى بالنسبة لهذه الوحدة في ظل الإرشادات الجديدة. ثم بدأ التفاوض بين القوات الأميركية والعراقية حول توقيت شن الغارة، والتي قال الرائد إنه ينبغي أن تبدأ بعد الفجر، بينما رغب القادة الأميركيون في تنفيذها قبل الفجر. في وقت لاحق، اتفق الجانبان على شن غارة واحدة قبل الفجر وأخرى خلال ساعات النهار. على الجانب الآخر من الشارع الذي تقع به المحطة الأمنية المشتركة في الطارمية، وهي مركز للقوات الأميركية، عمل الكابتن فيليب ووركس على جمع أعضاء سرية الاستطلاع الخاصة به مع أعضاء كتيبة 14 مشاة وفريق قتالي يتبع اللواء الثاني وفرقة 25 المشاة. وقال ووركس، إن: «كل فرد يدرك ما يجري اليوم، أليس كذلك؟ العراقيون باتت لديهم القيادة». انطلق أذان الفجر من أحد المساجد أثناء مرابطة ووركس والملازم أول العراقي بالقرب من البوابة الأمامية من منزل المتمرد المشتبه فيه. وبالقرب منهما اتخذ الجنود الأميركيون مواقعهم خلف الجنود العراقيين، الذين فتحوا البوابة عنوة وحاصروا المنزل. أثناء عملية التفتيش، طرح لوفتيس عدداً من الاقتراحات على الملازم العراقي الذي تحول بنظره إليه عدة مرات لإبلاغه بما عثر عليه جنوده داخل المنزل وما يخبرهم به المقيمون به. ورافق الجنود الأميركيون أقرانهم العراقيين أثناء تجولهم داخل المنزل. وساعدت المعلومات، التي قدمها الملازم العراقي، لوفتيس في تحديد العناصر التي ربما تكون مفقودة من التحقيق، والأخرى التي ربما ينبغي على العراقيين البحث عنها - مثل صورة المشتبه فيه. كما عملت هذه السرية، التي تحمل اسم سرية سترايكر، مع العراقيين على جمع الأدلة، وتوفير إحصاءات وبصمات أصابع تخص جميع الرجال المتواجدين بالمنزل، نظراً لأن الجيش العراقي لا يزال يفتقر إلى القدرات والمعدات اللازمة لجمع أدلة شرعية. ومن المفترض أن تحدد هذه الأدلة ما إذا كان أحد هؤلاء الرجال من العناصر المتمردة المشتبه فيها. وقال لوفتيس: «هناك أمور نتعلمها من بعضنا البعض من خلال هذه العملية». في نهاية الأمر، لم يتمكن الجنود من العثور على ضالتهم، لكنهم حصلوا على صورة له.