الفصائل الفلسطينية تتخوف من «فخاخ» في مبادرة مصر.. وأنقرة تريد إرسال قوات دولية لغزة

مصادر سورية لـ«الشرق الأوسط»: الموقف الروسي من التسوية يميل للرؤية السورية والتركية

TT

قالت مصادر فلسطينية في دمشق لـ «الشرق الأوسط» إن جولة المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ألكسندر سلطانوف الى المنطقة كانت في إطار متابعة الجهود المبذولة لوقف العدوان على غزة، وأن سلطانوف لم يحمل معه أفكارا أو مبادرات جديدة، وإنما جاء بهدف الاطلاع والتشاور والبحث في ما يمكن أن تقوم به روسيا في هذا الخصوص. وأضافت المصادر أن الموقف الروسي أكثر ميلا لتأييد الرؤية السورية ـ التركية للحل والمستندة إلى مطالب فصائل المقاومة الفلسطينية والتي تؤيدها إيران وعدد من الدول العربية. ورجحت المصادر قيام فرنسا وروسيا بمساع لإيجاد حل وسط بين ما تطرحه أميركا وإسرائيل، وأيضا المبادرة المصرية من جانب وبين ما تطرحه فصائل المقاومة الفلسطينية وتركيا وسورية وقطر وإيران من جانب آخر، مع العلم أن «المقاومة لن تقبل بأية إجراءات تمس وجودها»، حسب ما قالته المصادر التي رأت أنه في ظل عدم التوصل إلى قرار مقبول في مجلس الأمن من كل الأطراف وتحفظات حماس على المبادرة المصرية، لم يبق هناك سوى عقد قمة عربية طارئة التي سبق ودعت إليه قطر وسورية بمن حضر، لتدارك «هزال الوضع العربي». وحول أسباب تحفظ المقاومة الفلسطينية للمقترحات المصرية قالت المصادر، إنها «مقترحات تحمل في باطنها الشروط الإسرائيلية»، وكل «بند يحتوي على فخ»، وتابعت موضحة أن المقترح من أربعة نقاط وهي: وقف العمليات العسكرية، أي الإسرائيلية والفلسطينية بدون تمييز بهدف نزع سلاح المقاومة، وتجديد التهدئة؛ أي «التهدئة كما كانت عليه بالشروط الإسرائيلية والتي تبقي إسرائيل متحكمة والقبول بالأمر الواقع، وهذا ما لا تقبله المقاومة لأنها تريد تهدئة في غزة والضفة وأن لا تقوم إسرائيل بأي عمل عدواني لا اجتياح ولا اعتقال ولا اغتيال. كما أن من ضمن المقترحات فتح المعابر، وبدء المصالحة الوطنية والتي تعني وفق المقترح المصري المصالحة مع شرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنحه سلطة على قطاع غزة والمعابر وهو أمر «غير مقبول» فالفصائل الفلسطينية المقاومة تسعى لمصالحة وطنية تبنى على حوار داخلي على أساس برنامج سياسي يتمسك بالمقاومة، وفتح المعابر والسماح بإدخال المواد الطبية والتموينية ووقف إطلاق النار من الجانبين. وفي المقابل الأفكار التركية ـ السورية ـ الإيرانية ـ القطرية والتي تستند إلى مطالب المقاومة، تؤكد على وقف فوري لإطلاق النار وفك الحصار وفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات، ومن ثم يتم البحث في أية مبادرات سياسية. وهو ما ترفضه واشنطن وإسرائيل من خلال التأكيد على وجوب عدم عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء العدوان على غزة. والسعي في مجلس الأمن لإصدار قرار يحقق الأهداف التي عجزت عن تحقيقها إسرائيل عسكريا. وهي كف يد (حماس) عن إطلاق الصواريخ وإطلاق يد إسرائيل. وفي تعليقها على نتائج جولة ساركوزي لاحظت المصادر حصول تغيير لفظي في الكلام المصري ـ الفرنسي لافتة إلى أن الدور الأوروبي الآن هو إيجاد حل وسط بين كافة الأفكار المطروحة. وفي لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد صباح أمس عرض سلطانوف نتائج زيارته إلى المنطقة. وقال بيان رئاسي إن اللقاء تركز على «العدوان الإسرائيلي الخطير والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني والجهود المبذولة للتوصل إلى وقف فوري لهذا العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة والانسحاب منه وضرورة استمرار تنسيق الجهود بين سورية وروسيا في جميع المحافل لإيجاد مخرج من هذه المأساة». وأضاف البيان «أكد الجانبان على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي بأقصى طاقته لحمل إسرائيل على وقف هذا العدوان فوراً ورفع الحصار وفتح المعابر بشكل دائم وضمان وصول مساعدات إنسانية وطبية عاجلة للشعب الفلسطيني المنكوب في قطاع غزة». وكان سلطانوف قد التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم مساء أول من أمس وبحث معه التطورات الخطيرة في قطاع غزة والجهود الإقليمية والدولية، بما فيها «الدور الذي يمكن أن تقوم به روسيا الاتحادية لتحقيق وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي ورفع الحصار المفروض على القطاع وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح بما يسمح بتدفق الاحتياجات الطبية والإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة». وبعد اللقاء قال سلطانوف إن محادثاته مع المعلم تركزت بشكل أساسي على «وقف سفك الدماء والأوضاع المأساوية التي تجري في غزة فوراً»، وأن «بلاده تبذل جهوداً مكثفة لإيجاد مخرج من هذه المأساة»، لافتا إلى أن الحديث الذي جرى خلال الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الأسد من ميدفيديف مؤخراً كان مهماً جداً لتنشيط الجهود الرامية إلى وقف العدوان الإسرائيلي.

كما التقى سلطانوف في دمشق مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، وناقش معه سبل حل أزمة قطاع غزة. وأعرب مشعل بدوره عن الاستعداد للمشاركة في إيجاد حل سلمي للنزاع. وأعلن في نفس الوقت رفض حماس للشروط الاستسلامية التي تفرضها إسرائيل. وفي بيان أصدرته حماس بعد اللقاء طالب مشعل روسيا باتخاذ «موقف حازم وحاسم إزاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة». وأضاف البيان أن المبعوث الروسي عبر عن «أسف بلاده لما يتعرض له قطاع غزة وعن تعازيه الحارة بضحايا الحرب مؤكدا حرص روسيا على إيجاد مخرج لهذا الواقع المأساوي».

كما ذكر ان مشعل أكد أن «هذه الحرب الظالمة الوحشية على قطاع غزة تستهدف كسر صمود الشعب الفلسطيني وإرادته، منتقدا الصمت الدولي على الجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال والتي طالت في معظمها المدنيين الآمنين العزل حتى أنها استهدفت مدارس الاونروا». فيما ذكر بيان لوزارة الخارجية الروسية أن سلطانوف دعا قيادة حماس، كما جاء في بلاغ لوزارة الخارجية الروسية، إلى أن «تكون بمستوى المسؤولية عن مصير سكان غزة، واتخاذ قرارات بناءة».

في تلك الأثناء تلقى الأسد اتصالا من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد عدة ساعات على مغادرته إلى بيروت ومن ثم الى شرم الشيخ، وتناول الاتصال «المبادئ الأساسية التي ناقشاها حول سبل الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي». كما قام الأسد بالاتصال مع كل من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر ومع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وتشاور معهما حول «ضرورة القيام بتحرك سريع لوقف العدوان الإسرائيلي». وفي السياق ذاته كان الأسد تلقى اتصالا من ميريك توبولانك رئيس وزراء جمهورية التشيك الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. ودعا الأسد أوروبا عبر رئيس الوزراء التشيكي إلى «ممارسة أقصى ما يمكنها من ضغوط على إسرائيل».

كما دعا الأسد حزب المحافظين البريطاني إلى العمل من خلال مجلسي العموم واللوردات البريطانيين والأحزاب البريطانية والأوروبية للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فوراً. وذلك خلال استقباله صباح أمس الأربعاء وفداً من حزب المحافظين البريطاني برئاسة البارونة نيفيل جونس. على صعيد آخر اجتمع رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني مع الرئيس الأسد امس، كما التقى لاريجاني عددا من قادة الفصائل الفلسطينية لبحث اخر تطورات الاوضاع في غزة. وتأتي زيارة لاريجاني الذي كان مقررا ان يلتقي مع رئيس مجلس الشعب السوري محمود الابرش بهدف بحث إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفي اطار اجتماعات رؤساء البرلمانات إلى القاهرة لإجراء محادثات مع نظيرهم المصري احمد فتحي سرور حول إرسال المساعدات إلى غزة.

وكانت إيران قد اقترحت في المؤتمر الثالث لاتحاد البرلمانات الآسيوية تشكيل ترويكا تضم إيران وسورية واندونيسيا للتفاوض مع الدول المجاورة للأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما مصر لفتح معبر رفح وإيصال مساعدات الدول والحكومات الآسيوية إلى أهالي غزة.

وزيارة لاريجاني إلى دمشق هي الثانية لمسؤول إيراني منذ بدء العدوان على غزة حيث قام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي بزيارة دمشق أكد خلالها على أن أي تحرك لإنهاء ما يجري في قطاع غزة يجب إن ينطلق من أمرين أساسيين هما وقف العدوان وفك الحصار.

أما في ما يتعلق بالمساعي الإيرانية فنقلت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقشاوي قوله إن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أرسل 22 مبعوثا لبلدان آسيوية وأوروبية عديدة بهدف تحقيق «وقف فوري للاعتداء الصهيوني وإنهاء الحصار لقطاع غزة». ولم يوضح المتحدث البلدان التي أوفد الرئيس مبعوثيه إليها، لكنه قال إن وزارة الخارجية ستباشر الجهود الدبلوماسية. ووصف قشقشاوي الهجمات الإسرائيلية بأنها «مؤامرة دولية» واتهم بلدانا في المنطقة بالمشاركة في المؤامرة. ولم يسم أيا منها.

ويأتي ذلك فيما قال متحدث باسم الحكومة التركية إن تركيا مستعدة للمشاركة بإرسال جنود ضمن قوة لحفظ السلام في قطاع غزة. وذكر تقرير لصحيفة «صباح» اليومية التركية أن الحكومة التركية تدفع باتجاه إرسال قوة حفظ سلام دولية لمراقبة تنفيذ أي اتفاق جديد لوقف إطلاق النار. وترى أنقرة أيضا أن تتولى هذه القوة مراقبة مسألة الأنفاق التي يعتقد بأن عددها يبلغ 200 نفق على الحدود بين مصر وغزة وتستخدم لتهريب الأسلحة والسلع والمنتجات الغذائية إلى قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الحكومة التركية جميل جيجيك القول: «إذا كانت (القوة) ستخدم السلام.. ربما نرسل جنودا إلى غزة».