سعود الفيصل: النفط ليس سلاحا ومصدروه بحاجة لعائداته.. والمبادرة المصرية مكملة للمشروع العربي

قال إن السعودية ستدرس المشاركة بقوات مراقبين في غزة إذا طلب منها ذلك

الأمير سعود الفيصل، يتلو بيانه أمام مجلس الأمن الدولي، ليلة أول من أمس (أ.ب)
TT

رفض وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل دعوة إيران لاستخدام النفط كسلاح للضغط على الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل للضغط عليها بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأوضح الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي عقده بمقر إقامته في نيويورك على هامش اجتماع مجلس الأمن الذي يبحث مشروع القرار العربي الذي يطالب بالوقف الفوري لكل الأعمال العسكرية في غزة قائلا «ان مصدري النفط هم بحاجة إلى عائداته وانهم سوف لن يفعلوا هذا».

وكان وزير الخارجية يرد على تصريح منسوب إلى قائد عسكري إيراني نقلته وكالة الأنباء الإيرانية دعا فيه الدول العربية والإسلامية إلى وقف تصدير النفط إلى الدول التي تساند إسرائيل ردا على هجومها العسكري على قطاع غزة. وأفاد الأمير سعود الفيصل «أن استخدام النفط خصوصا في هذا الوقت يبدو فكرة قد فقدت قيمتها على الأقل الآن وأن الأمر المهم أن النفط ليس سلاحا»، وأضاف «لا نستطيع تغيير النزاع باستخدام النفط» وأكد «ان المصدرين للنفط يحتاجون إلى بناء قدرات دولهم من خلال هذا المصدر إذا أرادوا التصدي لأية مواجهات ضدها فهم بحاجة إلى هذا المصدر لتعزيز قدراتهم». وقد شارك السعودية هذا الموقف عدد من الدول العربية والإسلامية المصدرة للنفط خصوصا بعد انخفاض أسعار النفط الخام الذي وصل سعر البرميل الواحد للنفط أقل من 50 دولارا. وعبر الأمير سعود الفيصل عن مساندة ودعم السعودية لمشروع القرار العربي الذي تقدمت به ليبيا إلى مجلس الأمن الذي يطالب بالوقف الفوري لوقف إطلاق النار وفتح المعابر لتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة مع نشر مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين.

وقال وزير الخارجية «من مسؤولية مجلس الأمن المساعدة على إنهاء أي نزاع وقت اندلاعه وأن النزاع الحالي في غزة ينبغي أن لا يستثنى». وزاد في القول «إذا لم يتخذ مجلس الأمن أي إجراء فالأمر بالتأكيد سيثير أسئلة حول مصداقيته».

وعن المبادرة المصرية قال الأمير سعود الفيصل «إنها لا تتعارض مع مشروع القرار وفي حقيقة الأمر أنها تكملها». وعن إمكانية مشاركة السعودية بقوات لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة قال الأمير «بالطبع سندرس هذا الطلب إذا طلب منا».

وكشفت مصادر دبلوماسية بأن فرنسا وبالاشتراك مع بريطانيا تعملان على تقديم مشروع بيان رئاسي إلى مجلس الأمن يتبنى المبادرة المصرية التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لفترة محددة بما يتيح فتح ممرات آمنة لمساعدة سكان غزة. وتدعو كلا من إسرائيل والجانب الفلسطيني لاجتماع عاجل من أجل التوصل إلى ترتيبات والضمانات الكافية بعدم تكرار التصعيد الراهن ومعالجة مسبباته بما في ذلك تأمين الحدود. وتدعو الفصائل الفلسطينية إلى التجاوب مع الجهود المصرية لتحقيق الوفاق الفلسطيني. وكانت انتقدت السعودية صمت مجلس الأمن والمجتمع الدولي إزاء ما يجري في قطاع غزة وأعرب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في بيانه أمام اجتماع مجلس الأمن ليلة أول من امس عن استغرابه ودهشته من الصمت الرهيب إزاء الهجوم على غزة. وقال «ان الأمر قد وصل إلى أن يدعي البعض أن هذه العملية ليست أكثر من ممارسة إسرائيل حقها في الدفاع عن النفس، في حين أنه في حالة النزاع المسلح في جورجيا وجدنا المجتمع الدولي يتحرك بكل سرعة وفعالية مستنفرا كل ما يستدعيه الأمر من طاقات لاحتواء الموقف وإيقاف الاقتتال وسحب القوات ومازال نزيف الدم الفلسطيني مستمرا والدمار منتشرا وبطريقة لا يمكن تبريرههما بأي شكل من الأشكال». ووصف الأمير سعود الفيصل ما يجري في غزة بالكارثة الإنسانية، وقال «ان ما يحدث اليوم في غزة لا يمكن وصفه إلا بالكارثة الإنسانية التي لا يمكن أن ينتج عنها سوى المزيد من التطرف والابتعاد عن هدف السلام والأمن الذي تضعه إسرائيل مبررا لأعمالها العدوانية». وتابع الأمير سعود الفيصل «ان أمن إسرائيل لن يتحقق إلا بقيام السلام العادل الذي يستجيب للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني تلك الحقوق التي أقرتها واعترفت بها قرارات الشرعية الدولية بما في ذلك قرارات صادرة من مجلسكم الموقر وأكدتها اتفاقيات جنيف وتضمنتها جميع المواثيق والمبادرات المطروحة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بما في ذلك المبادرة العربية». وحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الوضع الخطير في غزة وأفاد وزير الخارجية السعودي «ان حالة التدهور الخطير الذي تشهده الأوضاع في غزة تتحمل إسرائيل مسؤوليتها بالكامل فهي التي فرضت الحصار المرير على الشعب الفلسطيني وأغلقت المعابر». وأشار إلى مخالفة إسرائيل لاتفاقية الهدنة المبرمة بين إسرائيل وحماس في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي وقال «ان إسرائيل مضت في الحصار لخنق مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة دون وازع أو رادع دولي يتصدى لهذه المأساة الإنسانية». وحذر الأمير سعود الفيصل من الدخول في جدل لا طائل منه، وقال «لا سبيل لاحتواء هذا الوضع إلا بالخروج بقرار واضح وصريح بوقف إطلاق النار ورفع الحصار»، واستعرض مشروع القرار العربي وأكد على أنه «يتضمن أفكارا لحل الأزمة، قوامها الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية في القطاع ورفع الحصار وفتح المعابر وانهاء سياسة العقوبات الجماعية المفروضة على الفلسطينيين». وتابع وزير الخارجية السعودي يقول «ان المشروع العربي لا يهدف إلى وقف القتال الدائر فحسب بل يمهد لمعالجة الأسباب التي قادت إليه، وذلك أن رفع الحصار وتكريس حالة الهدنة وفرض الرقابة اللازمة لضمان استمرارها وصمودها من شأن ذلك كله أن يوفر مناخا يستجيب لمشاغل إسرائيل الأمنية ويمهد الطريق لاستئناف العملية السلمية وإحياء المفاوضات بغية انتهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية». وحذر الأمير سعود الفيصل مجلس الأمن من عدم الاستجابة للموقف العربي وقال «إما أن يعالج مجلس الأمن قضايانا المشروعة بالجدية والمسؤولية ووفقا لهذه الأسس، أو أننا سنجد أنفسنا مرغمين على إدارة ظهورنا والنظر في أي خيارات تطرح نفسها». ووصف الأمير سعود الفيصل آلة الحرب التي تديرها إسرائيل بالشرسة التي لا تعرف هوادة ولا لين، وقال إن «مما زاد في حجم الكارثة الإنسانية التي ضربت أطنابها في كافة أنحاء غزة قتلا وتدميرا وتخريبا قيام إسرائيل بتحويل رصاصها المتدفق من السماء إلى جحيم لا يطاق على الأرض مستخدمة في ذلك آخر ما توصل إليه العقل البشري من أدوات الدمار التي تعمل على صب النيران وهدم المنازل على الشعب الأعزل والمحاصر من الجو والبر والبحر». وطالب مجلس الأمن أن يتحمل مسؤوليته وحذر من خطورة الوضع الراهن على الأرض وقال «إلا أن مجلس الأمن هذه المرة قد تخلى عن الاضطلاع بهذا الدور وقد مضى على العدوان الإسرائيلي على غزة نحو احدى عشر يوما مما يضع مجلس الأمن والسلم الدوليين برمته أمام علامة استفهام». وكانت المبادرة التي أطلقها الرئيس المصري حسني مبارك بالاشتراك مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ألقت بظلالها على اجتماع مجلس الأمن الذي عقد على مستوى وزاري رفيع المستوى لبحث الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ليلة أول من امس. وفي الوقت الذي رحب فيه عدد من المسؤولين بالمبادرة، على رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير ووزيرة خارجية أميركا كوندوليزا رايس في الوقت ذاته سعت بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى تسويقها كبديل لمشروع القرار العربي. وبينما قال بعض وزراء الخارجية العرب همسا بأن توقيت المبادرة قد يعرقل الجهود العربية في الحصول على قرار من مجلس الأمن، حرص الوفد الوزاري العربي على التأكيد بأن المبادرة المصرية هي مكملة لمشروع القرار العربي. وقد شهد المجلس اجتماعا ساخنا بحضور عدد كبير من وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن وبمشاركة الرئيس عباس وسبعة وزراء خارجية عرب إضافة إلى مشاركة أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى. وشدد المشاركون في اجتماع المجلس على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار فوري ودائم لكل الأعمال العسكرية. وطالب الرئيس عباس من المجلس بإصدار قرار يدعو الى الوقف الفوري والتام لإطلاق النار وانهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وبتوفير حماية دولية كافية وفعالة للشعب الفلسطيني كله عبر تشكيل قوة دولية تساعده على استعادة أمنه وسلامته. وقال عباس إنه يحمل لمجلس الأمن معاناة الشعب الفلسطيني: «جئت أنقل إليكم معاناة شعبي في غزة حيث يسقط الأطفال صرعى أمام عيون أمهاتهم وتهوي البيوت على رؤوس عائلات بأكملها ويمتلئ الفضاء بصيحات الضحايا من الأبرياء وينتشر الموت والخراب في كل حي وقرية ومخيم، إن غزة اليوم تعيش نكبة فلسطين الجديدة».

وحمل وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم العضو العربي في مجلس الأمن إسرائيل مسؤولية تدهور الوضع في غزة، وأكد بأنها قد انتهكت الهدنة مع حركة حماس، وقال «انها انتهكت الهدنة أكثر من 195 مرة بدون مبرر ولم تلتزم بفك الحصار وفتح المعابر إلا جزئيا». وأعرب عن أمله أن يتبنى المجلس مشروع القرار الذي قدمه وفد بلاده، وتم إدخال بعض التعديلات عليه التي طلبها بعض الأعضاء، مشيرا إلى أن كل دقيقة تمر تعني مزيدا من المعاناة ومزيدا من القتل والدمار والحقد والكراهية». ومن المقرر أن يواصل أعضاء مجلس الأمن مشاوراتهم بشأن مشروع القرار العربي وتجتمع رايس مع الوفد الوزاري العربي لبحث مسودة المشروع. واستبعدت أوساط المجلس أن يتم التوصل إلى اتفاق في وقت سريع. وأكد موسى على عزم بقاء اللجنة الوزارية العربية في نيويورك حتى الحصول على قرار ملزم من قبل مجلس الأمن. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أن رايس اقترحت على اللجنة الوزارية اعتماد بيان رئاسي من قبل مجلس الأمن في ختام مناقشاته العامة غير أن الوفد العربي رفض الاقتراح الأميركي وتمسك بمشروع قراره الذي طرح في صيغته النهائية من أجل التصويت عليه. وتوقعت مصادر غربية أن يشهد مجلس الأمن مشاورات ماراثونية حول مسودة مشروع القرار العربي قد تستغرق بضعة أيام.