أنفاق غزة تستوعب عربة قطار ويمثل تدميرها الهدف الأول لإسرائيل

إغلاق شبكة الأنفاق بالقوة صعب واقتصاد السوق السوداء يهدد الجهود الدبلوماسية

TT

قيل إن البعض منها متسع بما يكفي لتسيير عربات أنفاق، كما تصل أعماق البعض منها إلى 60 قدمًا، كما أنها مزودة بأسلاك المحركات الكهربائية التي تنقل الطعام والوقود وربما بعض الصواريخ الثقيلة التي تقصف بها حماس إسرائيل. كما تعد أيضًا أحد أسباب استمرار القتال في غزة.

ويناقش المسؤولون الإسرائيليون المدى الذي يرغبون في أن تصل إليه حملتهم في غزة، فيشيرون إلى أن أحد الأهداف الرئيسة في حملتهم يتمثل في وقف وصول شحنات الأسلحة إلى حماس عبر شبكة معقدة من الأنفاق تمر أسفل الحدود بين مصر والقطاع.

في الوقت الذي تقوم فيه القوات الأرضية بالاشتباك مع مقاتلي حماس في الشوارع تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف أهداف في غزة بالقرب من رفح التي تقع على الحدود بين مصر وغزة. وتضع إسرائيل وقف شحنات الأسلحة عبر ما يسمى بممر فيلادلفي، الشريط الذي يفصل غزة عن مصر، كمطلب رئيسي في محادثات وقف إطلاق النار.

ويقول أحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين الذي اطلع على أحد التقارير الاستخباراتية الخاصة بوصول الأسلحة إلى حماس: «الأنفاق مهمة بدرجة كبيرة فالأسلحة الثقيلة تأتي عبر تلك الأنفاق».

غير أن الأنفاق تعتبر ذات أهمية أخرى بالنسبة لسكان غزة الذين لا تهمهم الأسلحة، فمنطقة الحدود مغلقة منذ أن استولت حماس على السلطة في عام 2007، وباتت الانفاق تعتبر خط الحياة التجاري الحيوي للغذاء والدواء.

ويعتبر التهريب عبر الأنفاق المصدر الوحيد لدخول قبائل البدو التي ظلت مهمشة من قبل الحكومة المصرية منذ أمد بعيد، فيقول أحد المهربين الذي عرّف نفسه باسم أبو محمد إن الوقود والطعام يشكلان جل تجارته.

ويطمح الفلسطينيون المشاركون في مفاوضات وقف إطلاق النار إلى إعادة فتح المعبر، ويقول أبو محمد: «ما دامت الحدود مغلقة فسوف تستمر الأنفاق». وعلى الجانب الإسرائيلي أوضح المسؤولون السياسيون والعسكريون أنهم يرون أن إغلاق الأنفاق شرط مسبق لوقف إطلاق النار.

وقد قال يوسي بيليد الجنرال بالاحتياط الإسرائيلي والرئيس السابق للقيادة الشمالية في قوات الدفاع الإسرائيلية خلال برنامج إذاعي هذا الأسبوع: «يجب أن نصل، في نهاية هذه الحرب إلى وقف تهريب هذه الأسلحة، وإن لم نحقق هذا الهدف فقد يتساءل البعض ما الداعي وراء بدء هذه الحرب».

ومن المؤكد أن إغلاق تلك الأنفاق بالقوة سيكون أمرًا صعبًا، ففرص نجاح إسرائيل في ذلك ضئيلة، حتى وإن سيطرت على قطاع غزة. ويقول المحللون الذين اطلعوا على الاستخبارات الإسرائيلية إن الأنفاق أصبحت أكثر تعقيدًا خلال السنوات الثلاث التي تلت انسحاب إسرائيل من غزة.

وأوضحت الدراسة الحكومية الأميركية التي نشرت العام الماضي أن المسؤولين المصريين اعترفوا بصورة سرية بوجود ما بين 10 إلى 30 نفقاً رئيسياً تعمل تحت الحدود بين مصر والإقليم.

ويشير أحد مسؤولي البنتاغون السابقين إلى أن الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، مثل غراد، والتي قصفت بها البلدات الإسرائيلية تعد أسلحة كبيرة نسبيًا وتحتاج إلى أنفاق من نوع خاص. وأوضح بعض الذين اطلعوا على التقارير الاستخبارية الإسرائيلية من قبل المسؤولين على الرغم من عدم توضيح ما إذا كات تلك العربات تستخدم أم لا، أن بعض الأنفاق من الضخامة بحيث يمكن تسيير عربة سكة حديد فيها.

تقوم العائلات الثرية في رفح بالسماح باستخدام منازلها أو أراضيها المستأجرة في استخدامها كفتحات أنفاق وتؤجر بعد ذلك لمقاتلي حماس.

ويشير التقرير الذي نشر في عام 2008 والذي أعدته إدارة الأبحاث التابعة للكونغرس إلى أنه «عندما ينتهي العمل بالنفق، يتم منح المستثمر الأساسي وأقاربه نسبة من كل شحنة تمر عبره. كما يتم سحب شحنات الأسلحة والذخيرة عبر النفق، التي تصل أعماقها إلى ما بين 50 إلى 60 قدمًا، بالأسلاك والمحركات الكهربائية لتجنب كشفها».

وأضاف أبو محمد أن الضربات الجوية الإسرائيلية دمرت ما يقرب من 60% من الأنفاق، لكن تلك الأضرار يمكن التغلب عليها بسهولة، وأشار إلى أن عمق الأنفاق يتراوح بين 39 إلى 49 قدمًا وأن الصواريخ الإسرائيلية لا تستطيع أن تتخطى عمق الأربعة والعشرين قدمًا.

نتيجة لذلك ينوه الخبراء الإسرائيليون والأميركيون إلى أن محاولة إغلاق الأنفاق بصورة دائمة يجب أن تمر عبر اتفاق دبلوماسي مع مصر والتي تولت عبء مراقبة الحدود بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة. غير أن اتساع رقعة شبكة الأنفاق دفع المنتقدين، ومن بينهم أعضاء في الكونغرس، إلى التشكيك في قيام مصر بالدور المنوط بها. وقال أبو محمد الذي يعيش الكثير من أقاربه في غزة كما هو حال الكثيرين من بدو رفح إنهم غالبًا ما يعمدون إلى رشوة الشرطة المصرية لعدم إغلاقها. ويضيف «إذا ما توقفت الأنفاق فسوف يتم القضاء على 90% من تجارتنا».

* خدمة لوس أنجليس تايمز