الجنود الإسرائيليون يحبسون العائلات لأيام بدون طعام وشراب.. ويتلفون الأثاث

يسيطرون على منازل الفلسطينيين في مناطق المواجهة ويحولونها لنقاط رقابة وقنص

فلسطينيون يحاولون الحصول على مساعدات غذائية في مركز توزيع تابع للأمم المتحدة في غزة أمس (أ. ب)
TT

منذ خمسة أيام، وأسفل مصطبة سلم الدرج الذي يصل الطابق الأرضي بالطابق الأول، وفي مساحة لا تتجاوز 10 أمتار مربعة، يتجمع 33 من أفراد عائلة الوحيدي في قرية المغراقة، جنوب مدينة غزة، من دون طعام ولا شراب، بعد أن سيطر الجنود الاسرائيليون على منزلهم وحولوه الى نقطة مراقبة. كما يقول رب الأسرة سالم الوحيدي الذي تحدث عبر هاتفه الجوال فان الجنود اقتحموا منزله قبل خمسة أيام، وأجبروا أفراد عائلته ومعظمهم من النساء والأطفال على التجمع أسفل سلم الدرج، أو ما يعرف بـ«غرفة بيت الدرج»، وأغلقوا عليهم الباب، ثم صعدوا للطابق العلوي، حيث حولوه الى نقطة مراقبة. ويضيف الوحيدي أنه في الوقت الذي يتم تزويد الجنود بوجبات الغذاء والفاكهة بشكل منتظم، فأن هؤلاء الجنود يرفضون السماح له بأن يصعد للطابق العلوي لأخذ ما يلزم من الطعام والشراب والعودة به لأفراد عائلته الذين باتوا يتضورون جوعاً. ودرج الجنود الاسرائيليون عند اقتحام أي بلدة فلسطينية، على السيطرة على أعلى بناية فيها وتحويلها الى نقطة رقابة وقاعدة يتمركز عليها القناصة الذين يقومون باستهداف الاهالي الذين يجرؤون على التحرك في هذه المنطقة. وقال محمد السليل، من قرية القرارة، شمال خان يونس، جنوب غزة، لـ «الشرق الأوسط» إن جنود الاحتلال سيطروا على منزله، وحجزوه لثلاثة أيام في إحدى غرف منزله. وأضاف أنه صار يطرق الباب بعد يوم من الاحتجاز في الغرفة على أمل ان يحضر أي من الجنود ويسمح له بإحضار طعام وشراب من البيت، ودواء لزوجته. لكن لا حياة لمن تنادي في بداية الامر، وبعد ذلك فتحوا له الباب وطلبوا منه الخروج، لينهالوا عليه بالضرب الشديد أمام زوجته وأطفاله الخمسة ووالديه. وأشار السليل الى أنه بعد أن غادر الجنود المنزل، صعد للطابق العلوي ليجد أنهم قد أحدثوا فتحة كبيرة في أحد الجدران، ثبت فيها القناصة رشاشاتهم ليقنصوا من يتحرك أمامهم من الأهالي. وأضاف أنه وجد الجنود قد قاموا بإتلاف الأثاث وحطموا جهازي الحاسوب والتلفاز، واقتلعوا أرضية الغرف، فضلاً عن قيامهم ببعض الأعمال المقززة، مثل التبول على الآرائك والفراش. وأكد بعض العائلات التي استولى الجنود على منازلها، أنها فوجئت بقيامهم بسرقة المجوهرات والنقود قبل مغادرتهم المكان.

وتعمد إحداث دمار وخراب في المنازل التي يسيطرون عليها، هي إحدى آليات عمل الجنود الاسرائيليين. وعندما يغادر الجنود المنزل الذي يسيطرون عليه، للانتقال الى منزل آخر، فأنهم لا يخرجون من الباب الرئيس، بل ثغرة كبيرة يفتحونها في جدار المنزل، بزعم الخشية من احتمال أن يكون الباب مفخخا بالمتفجرات. والمفارقة أن أكثر المنازل التي يسيطر عليها الجنود أثناء عمليات التوغل تعود في الأساس لعائلات موسرة اختارت أن تنتقل من العيش في صخب المدن الى نقاء وهدوء المناطق الريفية، مثل عائلة سليم الصافي الذي ترك قبل عقد من الزمان العيش في خان يونس لصالح العيش بقرية القرارة بحثاً عن الهدوء في أحضان الطبيعة ومناظرها الجميلة، وبالفعل اشترى قطعة أرض وبنى عليها فيلات فارهة. وفي مطلع العملية البرية التي بدأها الجيش الاسرائيلي في 3 يناير (كانون الثاني) الجاري، كان منزل عائلة الصافي أول المنازل التي سيطر عليها الجنود، لكن أفراد العائلة الذين كانوا يرصدون حركة الجنود تركوا المنزل قبل وصولهم، وعقب انسحاب الجنود من المنطقة بعد 3 ايام، عادت العائلة، وأكدت أن الجنود عاثوا فساداً في هذه الفيلا، فحطموا النجف والأثاث الأنيق، وكذلك كل ما في المطبخ، وأرضيات الحمام، فضلاً عن اطفاء أعقاب سجايرهم في السجاد والأرائك، فقط لمجرد إحداث أكبر قدر من الخراب ولضمان شعور أصحاب هذه المنازل بأكبر قدر من الأذى. والسيطرة على منازل الفلسطينيين وتحويلها الى نقاط مراقبة وقواعد للقناصة، هي احد الأساليب التي تتبعها القوات الاسرائيلية عندما تتوغل في عمق الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987. لكن عندما يتأكد المقاومون الفلسطينيون أن المنازل التي يسيطر عليها الجنود تخلوا من أصحابها، فانها تصبح هدفاً لهم، كما حدث صباح الخميس الماضي، عندما قامت وحدة مختارة في الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على منزل يقع شرق مدينة دير البلح، فما كان من عناصر كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس إلا أن هاجموا، وقتلوا قائد الوحدة وجرحوا عددا آخر من أفرادها.