المرشحون الجدد في العراق يتصيّدون الناخبين في الشوارع وعلى الإنترنت

يواجهون تحديات أمنية.. ومنافسين يتبعون أساليب مشكوكا فيها

TT

يتحرك مرشح المجلس المحلي، فريق الخزعلي، بين جموع المتسوقين في شارع المتنبي، في ثقة وسهولة يتميز بهما سياسي محنك، ويصافح المارة ويبتسم لهم، وكذلك أبناؤه، الذين يرتدون قمصان تروّج للحملة، ويوزعون منشورات له.

وعندما لا يكون الخزعلي في تواصل مباشر مع الجماهير، فإنه يبعث برسائل نصية «السلام عليكم. انتخبوا مرشحكم فريق الخزعلي»، كما يقوم بإضافة أصدقاء له على موقع الفيس بوك، وهو نشاط سياسي معقد لمرشح مبتدئ في بلاد تأخذ أولى خطواتها تجاه الديمقراطية.

ومع اقتراب موعد عقد انتخابات المجالس المحلية في 31 يناير (كانون الثاني)، يواجه السكان انتخابات تجعل الناخب المتمرس في حيرة من أمره. ففي جميع أنحاء البلاد، يتنافس 14400 مرشح، يمثلون 407 هيئات سياسية، على 440 مقعداً. وتعقد الانتخابات في 14 محافظة من محافظات العراق، البالغ عددها 18 محافظة.

وتعد الدوائر المزدحمة في بعض المحافظات - حيث يوجد في بغداد وحدها أكثر من 2400 مرشح - واحدة من التحديات التي تواجه الساعين إلى المنصب. وعليهم أيضاً أن يتعاملوا مع المخاوف الأمنية، وأساليب الحملات المشكوك فيها التي يتبعها بعض المنافسين، الذين يوزعون زيت الطعام والأغطية والأموال. ومع اختلاط المرشحين بالعامة، يصبحون أهدافاً سهلةً للاغتيال. وفي 31 ديسمبر (كانون الأول)، قتل مسلحون مرشحاً في مدينة الموصل الشمالية في وضح النهار، بينما كان يسير في الشارع. وقد حذرت السلطات الأميركية والعراقية من زيادة محتملة في العنف، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات، ولكن هذا لم يوقف كثيراً من السياسيين. ويقول إيرين ماثيو، مدير برامج العراق في المعهد الديمقراطي الوطني في واشنطن، الذي يعقد ورش عمل لحوالي 800 مرشح عراقي «في ما يتعلق بالأحزاب والمرشحين، لن ترى الكثير من الاتصالات الهاتفية أو التعامل المصرفي، عبر الهاتف. حيث سيقوم المزيد من الأحزاب بنشر كتيبات وحملات مباشرة مع الجماهير، وهو ما يبدو مستحيلا تماماً في العراق، ولكنه ليس كذلك».

ويسلم المرشح عبد الستار العبودي «ضماناً» مكتوباً في مدينة النجف، وفيه «إنني أعِد أن ألتزم بتغيير الواقع.. وأن أكون صادقاً وأتابع جميع القضايا في المجلس المحلي».

ويسير الخزعلي، وهو مسلم شيعي على قائمة حزب الأمة العراقية العلماني، في شارع المتنبي، الذي يشتهر بباعة الكتب، وهو موقع تفجير انتحاري وقع عام 2007 خلّف 30 قتيلا، بينما يقف حرس مسلحون في المكان.

وبعد أن صافح الخزعلي، قال محمد صالح فايز (33 عاماً) «أحترم الطريقة التي يخوض بها هذا المرشح الحملة الانتخابية. إنه يعيش بين الناس الآن. يمكنهم أن يسألوه عن نفسه أو عن برنامجه السياسي. ونادراً ما نرى تلك الصراحة والشفافية بين السياسيين».

ويستعين الخزعلي (45 عاماً) أيضاً بمجموعة من الشباب. وكثير من أعضاء فريق حملته من طلاب الجامعات المتحمسين أو حديثي التخرج. وهم يحملون رسالته إلى جميع المنازل، و«لا يخافون مثل الرجال الكبار»، على حد قوله. وأضاف الخزعلي «نحن كسياسيين نتلقى تهديدات كثيرة من الأحزاب الأخرى، وتم إنقاذنا من بعض محاولات الاغتيال، لكن الأعمار بيد الله». ويقول الخزعلي إنه من أجل الفوز بالانتخابات، يجب أن يميز نفسه عن المرشحين الآخرين. ولهذا يستخدم الرسائل النصية والفيس بوك، وهي النصائح التي تعلّمها من تدريب المرشحين في المعهد الديمقراطي الوطني، وهو مؤسسة غير حكومية. ويضيف الخزعلي «يختلف هذا عن معظم المرشحين الآخرين. لأن استخدام معظمهم للإنترنت ضعيف للغاية».

وتستخدم آلاء أركوازي، مرشحة المجلس المحلي على قائمة التحالف الكردستاني، أيضاً، الفيس بوك، وقد كتبت على صفحتها «رقم قائمتي 439، ورقم المسلسل 3. وأحتاج إلى 25000.. أنتم تعرفون إخلاصي لبلادي، وحبي لمدينتي بغداد العاصمة. أخبروا هؤلاء المخلصين حقاً».

ومثل الخزعلي، تحمل آلاء رسالتها إلى الأماكن المفتوحة، مثل المدارس، وحتى الأحياء الخطيرة، مثل حي مدينة الصدر، الذي تسكنه أغلبية شيعية. وقالت «عندما تتحدث مع أي شخص وجهاً لوجه، تكسب المزيد من الثقة».

وعلى النقيض من بعض المرشحين، تقول آلاء إنه ليس لديها صندوق تمويل خاص بالحملة. وهي تنفق أقل من 1000 دولار من راتبها، كمعلمة، على الملصقات ومواد الطهي التي تستخدمها لصنع الحلوى المنزلية، التي توزعها في العطلات. وتقول «الأحزاب الأخرى لديها ميزانية. وهي توزع احتياجات منزلية؛ مثل زيت الطعام والأغطية والوسائد».

ويواجه الخزعلي تحديات مشابهة، ويقول «يسألني البعض: المرشحون الآخرون يعطوننا هدايا، فلماذا لا تعطينا أنت شيئاً؟ وأقول لهم ذلك: لأنني لست لصاً».

ويمنع قانون الانتخابات تقديم الهدايا في مقابل أصوات الناخبين، على الرغم من أن هذا الفعل يبدو منتشراً. ويشكو عدد من المرشحين من أن ملصقاتهم، المعلقة على الحوائط الأسمنتية حول العاصمة، تم تمزيقها أو تشويهها.

ويقول القاضي قاسم عبودي، رئيس اللجنة الانتخابية العليا المستقلة في العراق «نحن في بداية الطريق الصحيح نحو الديمقراطية. وهذه العملية تحتاج إلى خبرات متراكمة من أجل الوصول إلى الأساليب العلمية لخوض الحملات الانتخابية. وهذا لا يأتي بين عشية وضحاها.. ما يحدث الآن أمر متوقع. ونتوقّع حدوث بعض الأخطاء والتجاوزات».

وفي محافظة بابل، جنوب بغداد، قال شاب يبلغ من العمر 20 عاماً، في مدينة الحلة، إنه حصل على 870 دولاراً وشاحنة نيسان صغيرة بيضاء، ليوزع أغطية وسخانات، ليشجع سكان القرى الريفية على التصويت لصالح قائمة معينة. وأضاف «أنا شاب بدون عمل وغير متزوج، ويقول لي البعض إذا فاز هذا الرجل سيجد لك وظيفة ويمنحك مالا ومنزلا وسيزوّجك.. ولا أصدق أنه سيساعدني. وبمجرد أن يفوز في الانتخابات سينسانا. ولكنه أعطاني مالا وسيارة، وهم يقولون إنه حتى إذا لم يفز في الانتخابات يمكنني أن أحتفظ بالسيارة».

وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، وزع 200 غطاء و200 سخان، و100 بطاقة اتصال فئة 10 دولارات. وحصل أيضاً على حوالي 1700 دولار، ليوزع 20 دولاراً لكل ناخب مسجل يتعهد بتأييد المرشح.

وقال أبو علي، المحامي، البالغ من العمر 29 عاماً، من مدينة الحلة، إن واحدة من أكبر القوائم عرضت عليه مالا، قائلا إن مرشحيها يواجهون منافسة شرسة وسط 1300 مرشح، يأملون في دخول المجلس المحلي. ويقول ممثلو القائمة إنهم سيمنحونه 1700 دولار، إذا جنّد 200 ناخب، ولكنه رفض. وأضاف «لا يجب على (السياسيين) الصعود بهذه الوسائل. بل يجب أن تحدد الانتخابات ذلك».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»