«الصواريخ المجهولة» تعيد طرح ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات

حمادة لـ «الشرق الأوسط»: موقف حزب الله من الصواريخ حكيم

TT

كان وقع الصواريخ التي انطلقت صباح الخميس من المنطقة الحدودية اللبنانية أقوى في بيروت منه في المستعمرات الإسرائيلية الشمالية التي سقطت فيها. فقد عاش اللبنانيون ساعات محمومة قبل أن يتبين لهم «الخيط الأبيض من الأسود» باستعجال إسرائيل قبل «حزب الله» إلى نفي مسؤولية الحزب واتهام إحدى المنظمات الفلسطينية الموجودة في لبنان بالضلوع في العملية.

وساهمت بعض هذه القوى، وتحديدا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، في إضفاء «الطابع الفلسطيني» على هذه الصواريخ بعدما ترددت في «النفي أو التأكيد» قبل أن تعود فتنفي مسؤوليتها بعد ساعات من الأخذ والرد، وهو أمر لم يكن إطلاقا موضع نقاش في أوساط الكثير من القوى اللبنانية، وتحديدا قوى «14 آذار» التي تمثل الأكثرية البرلمانية في لبنان، إذ انبرى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى طلب معالجة هذا السلاح «المسمى فلسطينيا» كما قال لـ«الشرق الأوسط» واعتبره خطرا على لبنان واستقراره، وهو ما أثاره بوضوح عدد من وزراء «14 آذار» داخل الحكومة التي اجتمعت بعد ساعات من إطلاق الصواريخ، مطالبين بتنفيذ البند الخاص بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات والذي تم التوافق عليه في الاجتماع الأول للحوار الوطني عام 2006. غير أن مداخلات عديدة أدت إلى طي الملف في الوقت الراهن بسبب «التعقيدات اللوجستية والسياسية حوله».

ويرى قيادي بارز في قوى «14 آذار» أن هذه الصواريخ ليست يتيمة، فهناك أب لها يرعاها و«ينظم» انطلاقها وأم تفرخ المزيد منها، كتلك التي اكتشفت قبل انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة وتلك التي اكتشفت أول من أمس في خراج إحدى القرى الحدودية، مشيرا إلى أن هوية الأب سورية بامتياز. ويقول القيادي إن الأكثرية اتخذت قرارا بإحياء ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات سعيا منها إلى «الضغط للجم هذا السلاح ومنع النظام السوري من اللعب به». وأشار النائب مروان حمادة إلى أن موقف الأكثرية من موضوع السلاح هو نفسه موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن سليمان هو من «حسم موضوع الاستراتيجية الدفاعية لصالح أن الدولة هي المرجعية وان الجيش هو القاطرة وان المقاومة هي قوة حماية احتياطية». وأشاد حمادة بموقف «حزب الله» من حادثة الصواريخ، معتبرا أن تصرف الحزب كان «أكثر من مسؤول، بل كان تصرفا حكيما وفيه حرص على كل لبنان وعلى الجنوب أولا».

وفي الإطار نفسه يرى ألأمين العام لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد أن إزالة السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات كان «نقطة إجماع» في الحوار الوطني الأول ولم يتم تنفيذها بسبب العدوان الإسرائيلي وما تلاه من «صعوبات داخلية». وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم هناك رئيس للجمهورية في البلاد وتنفيذ القرار 1701 (الذي أوقف الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله عام 2006) يعود إلى مقدمة الاهتمام السياسي بعد العدوان على غزة والصواريخ المجهولة». ويؤكد سعيد أن «هذا السلاح هو بإمرة سورية بامتياز»، مشددا على أن المطلوب ضبطه وحله حلا لا يكون ذريعة تستخدمها إسرائيل للعدوان على لبنان»، معتبرا أن هذا الموضوع أصبح «ملحا وغير قابل للانتظار بعد اكتشاف الصواريخ قبل عدوان غزة وإطلاق صواريخ أخرى الخميس واكتشاف المزيد منها (أول من) أمس إضافة إلى أن (الأمين العام للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة) أحمد جبريل ذهب في أكثر من مرة في الكلام عن إمكان استخدام السلاح انطلاقا من لبنان».

وأوضح سعيد أن المطلوب الآن إعادة إطلاق طاولة الحوار للبحث في هذا الملف تحديدا، داعيا وزراء ونواب «14 آذار» إلى مطالبة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ومجلس الوزراء مجتمعا بتنفيذ هذا الإجماع». وأشار إلى أن هذا له «علاقة في جانب منه بالعلاقات اللبنانية – السورية التي أخذ الرئيس سليمان على عاتقه العمل على تصحيحها والتي أخذ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على عاتقه فك عزلة سورية بتصحيح وضعها في لبنان، وعليهما المساعدة في هذا الإطار».

وأشار النائب نبيل دو فريج (كتلة المستقبل) إلى «الجهد الكبير غير المعلن عنه والحجم الكبير على مستوى الاتصالات الواسعة التي يجريها رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري في باريس»، وأكد «ان حجم الاتصالات التي أجراها الحريري كانت كبيرة جدا وتذكر بالدور الكبير الذي قام به الشهيد الراحل رفيق الحريري إبان تفاهم نيسان لإنقاذ المقاومة وإنقاذ لبنان وعدم وقوعه ضحية التجاذبات المتنافرة وعدم السماح لإسرائيل بممارسة وحشيتها عليه وقتل المدنيين».

واعتبر عضو الكتلة نفسها النائب محمد الحجار أن الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان «محاولة لجر لبنان إلى مطب واستدراجه إلى فخ كما جاء على لسان حزب الله، والى مكان لا يفيد لا لبنان ولا فلسطين، وهي ربما رسالة سياسية من جهات تريد فرض أجندتها ومطالبها على طاولة المفاوضات في عملية البحث عن حلول في المنطقة».