القوات الإسرائيلية مازالت في المناطق الزراعية.. والخوف من الأسر يسيطر على جنودها

بعد 8 أيام على بدء حملة برية ارتكبت فيها مجازر عدة ضد أسر فلسطينية بكاملها

جنود اسرائيليون يجهزون مدفعا لقصف غزة امس (رويترز)
TT

رغم مرور ثمانية أيام على بدء إسرائيل حربها البرية على قطاع غزة وخمسة عشر يوماً على حملة «الرصاص المتدفق»، إلا أن قواتها مازالت تتمركز فقط في المناطق الزراعية ذات الكثافة السكانية المنخفضة جدا او حتى المعدومة، التي تقع بين الخط الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة. ومن هذه المناطق تنفذ بعض التوغلات في بعض الأحياء ذات الكثافة السكانية الضحلة. ففي قاطع العمليات الرئيسي في محيط مدينة غزة والشمال، مازالت قوات الاحتلال تتمركز في منطقة الشعف الزراعية شرق حي الشجاعية، شمال شرقي المدينة، وفي الحقول الزراعية الواقعة شرق حي الزيتون جنوب شرقي غزة المدينة، فضلاً عن قيام الوحدات الإسرائيلية الخاصة ببعض عمليات التمشيط في المناطق الزراعية الفاصلة بين جنوب حي الزيتون، وقرية المغراقة جنوب غزة، وهي القرية الوحيدة التي احتلها الجيش بالكامل، وذلك لأنها ذات كثافة سكانية ضئيلة جداً فضلاً عن عدم وجود تواصل بينها وبين التجمعات السكانية الفلسطينية، سواءً مدينة غزة في الشمال، او مدينة الزهراء في الغرب ومخيم النصيرات في الجنوب. وتوجد القوات الاسرائيلية ايضا في بعض المناطق الزراعية الواقعة بين مدينة غزة وجنوب بلدة بيت حانون، ورغم مرور ثمانية أيام على العملية البرية، ورغم الجهود التي بذلتها قوات الاحتلال، إلا أنها فشلت حتى الآن في السيطرة على منطقتي جبل الكاشف، وهي تلة استراتيجية تقع الى الشرق من مخيم جباليا، وجبل الريس في شمال شرقي مدينة غزة، ويعترف الجيش الإسرائيلي بأن عناصر الوحدات الخاصة الذين يقومون بعمليات تمشيط في المنطقة يتعرضون لمقاومة شديدة، رغم بعد هذه المناطق نسبياً عن مخيم جباليا الذي يعتبر أحد أهم المعاقل للمقاومة الفلسطينية. وفي شمال غربي القطاع توجد قوات الاحتلال فوق أراضي مستوطنة ايلي سيناي السابقة، بينما يقوم عناصر الوحدات الخاصة ببعض عمليات التمشيط في حي العطاطرة والسلاطين، غرب بلدة بيت لاهيا، ومحيط المدرسة الأميركية، في مواجهة عمليات مقاومة شديدة، ليس آخرها الكمين الذي أكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس أنها اعدته لها مساء اول من امس في حي السلاطين. وقالت مصادر أمنية فلسطينية لـ «الشرق الاوسط» إن الوحدات الخاصة تتحرك في العمق الفلسطيني ببطء شديد، ولا تتحرك إلا بعد أن تقوم بعمليات تمشيط تقوم بها الطائرات الاسرائيلية عبر قصف شامل للتأكد من خلو المنطقة من ناشطي المقاومة. وأكد عاموس هارئيل المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» يؤكد ما تقوله المصادر الامنية الفلسطينية. واشار الى أن الجنود الاسرائيليين يتحركون في المناطق الفلسطينية وفي ذات الوقت يسيطر عليهم الخوف من الوقوع في الأسر. وأجرت قنوات التلفزة الإسرائيلية مقابلات مع عدد من الضباط والجنود في قطاع غزة، وجميعهم أكدوا أنهم يخشون من مصير كمصير جلعاد شليط وهو الجندي الإسرائيلي الاسير لدى حركة حماس منذ يونيو (حزيران) 2006. وما يؤكد على جدية المخاطر التي تحدق بجنود الاحتلال، هو ما كشف عنه الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي افي بنياهو، الذي قال إنه في اليوم الثاني من العملية البرية، وبينما كان عدد من الجنود يقومون بعمليات تمشيط في منزل بإحدى مناطق التماس شرق مخيم جباليا فوجئ الجنود باثنين من المقاومين يخرجان من حفرة في قلب احدى الغرف وهما يحاولان اختطاف أحد الجنود. واصبحت وسائل الاعلام الاسرائيلية، الممنوعة من نشر اية تقارير عن سير المعارك قبل ان تمر تحت مقص الرقيب العسكري، توجه انتقادات لاذعة لسير العملية العسكرية، حيث تحذر من أن حالة الجمود التي هم فيها الجنود تمنح المقاومة القدرة على معرفة تحركاتهم ورصدها والمس بهم. ورغم التقدم البطيء او المراوحة في نفس المواقع، لم تتوقف آلة الحرب الاسرائيلية عن ارتكاب المزيد من المجازر وإبادة عائلات فلسطينية بأكملها. ففي اليوم الخامس عشر للعدوان على قطاع غزة، وحسب مصادر فلسطينية، فإن أفراد عائلة فلسطينية مكونة من 7 اشخاص قتلوا جميعاً عندما قصفت المدفعية الإسرائيلية منزل العائلة شرق مخيم جباليا للاجئين، شمال القطاع. واضافت المصادر أن المدفعية الإسرائيلية المتمركزة على طول الخط الفاصل أطلقت عدة قذائف على المنزل بينما كان أفراد عائلة عبد ربه يتناولون طعام الفطور بداخله، الأمر الذي ادى الى مقتلهم جميعا، كما قتل أحد جيرانهم، من عائلة البابا.

يذكر أن عددا كبيرا من الأسر قد أبيدت جراء استهداف منازل الفلسطينيين بالقصف المباشر من قبل مدفعية وطيران إسرائيل وزوارقها البحرية. وبلغ عدد اجمالي عدد القتلى الذين سقطوا منذ فجر أمس 15 قتيلا. وبذلك يرتفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ بداية العدوان الإسرائيلي الى 815 قتيلاً واكثر من 3350 جريحاً. واكد الدكتور معاوية حسنين أن 230 من القتلى هم من الأطفال، و93 من النساء. إلى ذلك أعلنت كتائب القسام أنها قتلت مساء اول من امس ثمانية من جنود احد ألوية النخبة في الجيش الاسرائيلي بينما كانوا يقومون بعمليات تمشيط في احد البيوت، في منطقة السلاطين، شمال غربي بيت لاهيا، اقصى شمال القطاع. وقال أبو عبيدة الناطق بلسان الكتائب إن عناصر من الوحدة الخاصة رصدوا وجود الجنود الاسرائيليين في داخل البيت، فقاموا بمهاجمته بقذائف الآر بي جي، وبعد ذلك اقتحموا المنزل وأطلقوا النار من مسافة قصيرة على الجنود، مشيرا الى أن احد عناصر كتائب القسام، اصيب بجراح. من ناحية ثانية واصلت كتائب القسام قصف المدن الإسرائيلية. ففي آخر عمليات القصف، أصيب مستوطنان ودمر منزلان جراء اصابتهما بصاروخين من طراز غراد.

ودعت حكومة سلام فياض لعقد مؤتمر للدول المانحة من اجل تجنيد الاموال اللازمة لإزالة آثار الدمار الذي تركه وسيتركه العدوان الاسرائيلي في قطاع غزة. وقال سمير عبد الله وزير التخطيط في الحكومة إنه يتوجب تجنيد ملياري دولار من اجل اعادة اعمار القطاع. وفي تصريحات لوكالة الأنباء المستقلة «معاً» قال عبد الله، إن ربع المساكن والمرافق الحيوية في القطاع لم تعد صالحة وهي بحاجة الى اعادة بناء. واكد أن وزارته شرعت في اجراء الاتصالات مع العديد من المؤسسات الدولية التي كانت تعمل في قطاع غزة منذ تشكيل السلطة الفلسطينية بغرض الاتفاق على سبل التعاون معها لإعادة اعمار القطاع.