موسى: استمرار إطلاق النار قد يدفعنا للعودة إلى مجلس الأمن ولن يخيفنا «الفيتو» الأميركي

الأمين العام للجامعة العربية يكشف لـ«الشرق الاوسط» تفاصيل ما دار في نيويورك

مسعفون فلسطينيون ينقلون جريحا الى مشفى الشفاء أمس (رويترز)
TT

كشف الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل ما دار في اجتماعات مجلس الأمن، وأكد أن وحدة الموقف العربي لعبت دورا كبيرا في إنهاء المحاولات الغربية في الاستفادة من الانقسام العربي. وقال موسى في حواره مع «الشرق الأوسط» من القاهرة «إن قرار مجلس الأمن غير كاف ولكننا حاولنا إعادة الملف إلى مسؤولي الأمن والسلم في العالم، خاصة أن إسرائيل حاولت دائما إبعاد قضية الشرق الأوسط عن مجلس الأمن والأمم المتحدة»، وأوضح أن كل الزخم السياسي حول غزة سوف ينتقل إلى الكويت حيث يجتمع وزراء الخارجية العرب لمناقشة مرحلة تنفيذ القرار والتحرك العربي خلال المرحلة المقبلة، وأكد أن الملوك والرؤساء العرب سوف يعقدون اجتماعا كجزء من القمة الاقتصادية لمناقشة موضوع الحرب على غزة وكل الأوضاع في المنطقة. وتحدث موسى عن كل المواقف العربية والغربية ونتائج الاتصالات الجارية، وأشار إلى حدوث تقدم في اتصالات مصر مع حماس، وكشف عن خطط إسرائيل، وتوقع استمرار المشكلة لشهور، وقال انه سوف يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قبل سفره إلى الكويت بساعات. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هو تقيمكم لقرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار في غزة، خاصة وأن البعض لم يعتبره إنجازا وقللوا من أهميته ومن ذهاب العرب إلى المجلس؟ ـ قرار مجلس الأمن كان يجب أن يكون أقوى من هذا، وإنما هو ترجمة لعملية إخراج وتحريك عدد من الدول الكبرى من مراكز ثابتة لهم بعدم إدخال مجلس الأمن في الموضوع الفلسطيني لان إسرائيل لا تريد ذلك، وبالتالي كان كل مهمة الدول الكبرى إبعادنا عن انعقاد المجلس وإصدار قرار منه، إسرائيل تطالب دائما بإبعاد قضية الشرق الأوسط عن الأمم المتحدة ولذلك نحاول إعادة القضية إلى مجلس الأمن، وبالفعل قمنا بذلك طوال السنوات الماضية والى اليوم.

والسبب الثاني الذي دعانا ويدعونا دائما للذهاب إلى مجلس الأمن أن إسرائيل تحاول استقطاب تأييد السياسة الأوروبية لها إضافة إلى الدعم الاميركي، والعرب مدركون لهذا وعلى وعي كامل به، ولذلك حرصنا على إدخال مجلس الأمن باستمرار وخطوة بخطوة وآخر مرة كان في سبتمبر (أيلول) الماضي وعقدنا المجلس من اجل موضوع المستوطنات، وان كنا لم نصر على إصدار قرار لما كنا قد نجحنا، وكان هدفنا إعادة الملف إلى مجلس الأمن رغم الاعتراضات الكثيرة من إسرائيل والغرب، وهذه المرة كان موضوع غزة ويفضل الغرب وإسرائيل إجراء اتصالات إقليمية وغيرها وإبعاد الأمم المتحدة من القضية، ولكننا صممنا على موقفنا بتقديم مشروع القرار رسميا وقدم المشروع العربي رغم صيحات عدد من الدبلوماسيين الغربيين وضغوطهم الشديدة إلا أننا وقفنا موقفا واضحا بضرورة تقديم مشروع القرار العربي رسميا «ليصبح الموضوع» أمام مجلس الأمن.

وحاول الغرب أكثر من مرة الالتفاف على مشروع القرار العربي، إلا أنهم وجدوا تشددا عربيا للغاية، ومن الأمير سعود الفيصل شخصيا الذي قال لهم: نحن نذهب إلى مجلس الأمن، وإذا كنتم تريدون التعامل معنا نرحب بذلك، أما إذا كنتم غير قادرين على التعامل معنا فنحن يجب أن نعيد النظر في الموقف العربي كله من التعامل معكم، وكان حديث الأمير سعود الفيصل واضحا جدا، وكان لذلك رد فعل أفضل، وقد فهمنا أن الصياغة وطريقة التعامل معنا كانت مماطلة لكسب الوقت. وقلنا لهم إذا لم يحدث حتى نهاية الأسبوع أي نظر في مجلس الأمن للقرار وللتصويت عليه نحن سنذهب وسنعود ولا يهمنا الفشل.

وذكروا لنا أن القرار يمكن أن يصدر بالفيتو، قلنا «وماله؟». وقالوا يمكن أن يأخذ القرار 7 أصوات، قلنا «وماله؟ علينا أن نتعامل مع كل الدول طبقا لمواقفها من قضيتنا، وإذا رفضوا التصويت سوف نعود ونبلغ العالم العربي بأننا فشلنا بتلك الأسباب.

* ممن كانت المماطلة الأوروبية ضد التحرك العربي في مجلس الأمن؟ ـ كانت من وفد غربي واحد، ولا داعي لأن أذكر اسمه لأنه أصبح معروفا. * هل لمست من خلال وجودك في أروقة الأمم المتحدة ومع دول مجلس الأمن تنفيذا جديا لقرار وقف إطلاق النار؟ ـ موضوع التنفيذ هذا خطوة أخرى ولكننا شددنا على أهمية انشغال مجلس الأمن بالقضية وإصدار قرار بدون فيتو وبإجماع لم يحدث من فترة طويلة، وسبق أن عانينا في موضوع لبنان بخصوص القرار رقم 1701 بنفس المماطلة، ومع ذلك عملنا وأتينا بالقرار الذي صدر والذي لا نعتبره كافيا وليس القرار النهائي لمجلس الأمن، ولا بد أن تتلوه قرارات أخرى، وأعتقد أن استمرار الوضع على هذا النحو يدعونا لأن نتحرك نحن لإصدار قرار تحت الفصل السابع وليكن ما يكون، ولا يهم الفيتو ولأي شيء وإنما يجب أن نقوم بواجبنا.

* إذن سيعود العرب إلى مجلس الأمن مجددا؟ ـ قد نعود إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

* ماذا عن اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في الكويت بداية الأسبوع المقبل؟

ـ من الطبيعي أن كل الزخم والتحرك العربي الذي تم من اجل غزة سوف ينتقل إلى الكويت، وقبل مغادرتي القاهرة إلى الكويت سوف التقي مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وسوف يناقش وزراء الخارجية العرب في الكويت كل تطورات الوضع والحرب على غزة، كما سيعقد اجتماع مشترك لوزراء المالية والخارجية العرب صباح يوم 16 من الشهر الحالي، وسيكون الاجتماع الأول يوم 15 يناير لمتابعة الوضع في غزة ومتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن ومدى الالتزام به والخطط المستقبلية، علما بأنه سيتم خلال القمة الاقتصادية مشاورات منفصلة بين الملوك والرؤساء حول موضوع غزة.

* كيف ترى توقيت دخول السلاح الاميركي إلى إسرائيل؟ ـ التوقيت سخيف والرسالة التي يحملها مثل هذا التوقيت رسالة لا تطمئن، والذي يزعجني الآن استمرار إسرائيل في عدوانها والوضع الإنساني الخطير جدا في غزة والخطورة أن كل المساعدات أصبحت جزءا من أهداف إسرائيل العسكرية.

* لماذا لا تكون هناك جهود لإعطاء هدنة أوسع، مراعاة للوضع الإنساني؟ ـ إسرائيل رفضت حتى الممرات الآمنة لمعالجة الوضع الإنساني، وهل هذا يعقل؟ وهل تعطي إسرائيل مهلة 3 ساعات لوقف إطلاق النار؟ وهل نحن نوافقها على ضرب غزة 21 ساعة؟

* ماذا أنتم فاعلون في استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة دوليا في عملياتها العسكرية؟ ـ موضوع الأسلحة المحرمة دوليا هو تحت الدراسة الآن لأنها تشكل جريمة حرب وإذا كانت القوى الدولية ستحمي الاستخدام الرسمي لإسرائيل لأسلحة محرمة فهذا تطور جديد في الموقف الدولي ويجب أن نأخذ هذا الموقف في الاعتبار ويجب أن نقف في مواجهته، وان نعلن للعالم أن أسلحة الدمار الشامل أصبح مسموحا بها في المعارك العسكرية لإسرائيل إذا صح ذلك.

* هل انتهت أوراق العرب في ظل بروز أدوار لكل من إيران وتركيا وقطر؟ ـ لا أعتقد أبدا أن تركيا تريد دفن المواقف العربية، ثانيا إن قطر دولة عربية وانهيار الموقف العربي سوف يعود على كل دولة عربية بلا استثناء، وثالثا إيران وأرى الوضع الحالي في الشرق الأوسط، وفي رأيي إنه لا يجب أن نخلط الأمور فنزيد الالتباس، وبالتالي لا تتضح لنا الرؤية، وما أستطيع قوله هو أنه لا بديل لنا من موقف عربي مدعوم عربيا وإسلاميا ولا يوجد صراع بين الموقف العربي والإسلامي وإنما هناك تكامل وتعاون.

* قد يكون البديل الإسلامي من منطلق أن العرب فقدوا أوراقهم؟ ـ الكثيرون يشعرون بذلك، وأنا كأمين عام للجامعة العربية غير مرتاح للموقف كله، وإنما أحاول بقدر الإمكان ألا تغرق السفينة.

* ماذا يجب عمله حتى لا تغرق السفينة؟ ـ أن نعالج الثغرات في مواقفنا.

* ماذا عن مستوى الحضور في القمة الاقتصادية العربية؟ ـ المستوى سيكون جيدا على مستوى الملوك والرؤساء والأمراء، وهي فرصة مهمة للتشاور وفرصة للتنسيق في ما يحدث بالإضافة، إلى عدم التأثير في مناقشة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية.

* أنتقل للاءات خالد مشعل التي أطلقها مؤخرا، وهي لا للتهدئة الدائمة، ولا لقوات دولية، ولا للتضييق على السلاح. كيف ترى ذلك؟ ـ لا أريد الدخول في تعليقات في الظروف الحالية، وما أود قوله هو أن هناك شعور بالتقدم في الاتصالات المصرية مع حماس والتي ستؤدي إلى إنهاء اللاءات، وهذا ستكون فيه مصلحة واحدة للجميع.

* متى تتوقع وقف إطلاق النار، وهل كما يتردد أن إسرائيل مستمرة لمدى شهر؟ ـ لا أحد يعرف، لأن الأمور المتناقضة كثيرة، إنما بسبب المسألة الإنسانية والمخطط الشامل الذي تقوم به إسرائيل واللعب السياسي الموجود قد تستمر الأزمة، ليس وقف إطلاق النار، وإنما كل الأزمة لمدة شهور، وأهم شيء في رأيي أن إسرائيل كاسبة من مواقف فتح وحماس مكسبا كبيرا لأنها سوف تكرس انفصال غزة عن الضفة، وبالتالي استمرار كلام انه لا توجد ارض فلسطينية واحدة لأن أصحابها الفلسطينيين كل واحد يسير في سكة.