الترابي يطالب البشير بتسليم نفسه إلى محكمة لاهاي لتجنيب السودان العقوبات

زعيم المؤتمر الشعبي المعارض قال إن الرئيس «مدان سياسيا» وعليه تحمل مسؤولية ما يحدث في دارفور

TT

في خطوة غير مسبوقة، فجر زعيم المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي أمس قنبلة سياسية، باعتباره ان الرئيس السوداني عمر البشير «مدان سياسيا» بجرائم ارتكبت في دارفور، وقال ان عليه المثول طوعا امام المحكمة الجنائية الدولية لتفادي عقوبات.. وصوملة محتملة.

وتعد هذه الدعوة أول تعبير مخالف للتوجه العام من داخل الخرطوم بشأن احتمال توجيه تهم تتعلق بجرائم حرب وابادة ضد البشير. وكان الساسة السودانيون من قبل متحدين في معارضة طلب المدعي العام للمحكمة الدولية من القضاة في يوليو (تموز) إصدار أمر بالقبض على البشير متهما إياه بالإبادة وغيرها من جرائم الحرب. وقال الترابي في تصريحات صحافية «سياسيا، نعتقد انه مدان.. عليه ان يتحمل المسؤولية عن كل ما يحصل في دارفور، من تهجير، واحراق القرى، وعمليات الاغتصاب.. واقصد هنا عمليات الاغتصاب المنهجية على نطاق واسع، والمجازر». وأضاف أنه في عالم السياسة ينبغي لاي وزير على سبيل المثال أن يستقيل اذا وقع خطأ ما في مجال اختصاصه متحملا المسؤولية السياسية عنه وانه ينبغي للبشير إن يتحمل المسؤولية السياسية عما يحدث في دارفور أيا كان سواء أكان تهجيرا للسكان أو حرقا للقرى أو عمليات اغتصاب تتم في إطار منهج متبع.

واعرب الترابي عن خشيته من ان يؤدي اتهام البشير الى اضعاف السلطة المركزية، خصوصا اذا تلى هذا الامر فرض عقوبات دولية. واضاف ان الامر قد يكون «اسوأ من الصومال» التي تشهد حربا اهلية منذ 1991، مضيفا «لسنا شعبا واحدا مثل الصوماليين، ليس لدينا ديانة واحدة او لغة واحدة». وكرر الترابي الذي سجن مرارا منذ صار مناهضا للنظام انه اذا «خسرت (الخرطوم) سلطتها.. فان السودان سيشهد فوضى اسوأ من الصومال». وقال الترابي للصحافيين في الخرطوم انه ينبغي للبشير ان يسلم نفسه انقاذا للسودان مما سيتعرض له من عقوبات واضطراب سياسي اذا تحدى المحكمة واستمر في الحكم وهو رجل مطلوب القبض عليه. وقال الترابي في مقر حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي يتزعمه في الخرطوم انه لا توجد عدالة قضائية في السودان ولا يمكن الوصول الى العدالة الا من خلال المحكمة الدولية.

واضاف ان الامر يرجع الى الحكومة في تسليمه او اليه شخصيا في الذهاب بنفسه من اجل مصلحة بلاده ولحماية بلاده من أي عقوبات أخرى قد تفرض على حكومتها. والترابي الذي كان يوما من المقربين من اسامة بن لادن شخصية محورية في الساحة السياسية السودانية منذ عقود وتعرض للاحتجاز والسجن بشكل متكرر. كما كان المرشد الروحي لحكومة البشير عندما تولت السلطة في انقلاب عام 1989 لكن الرجلين اختلفا في وقت لاحق.

وقال الترابي ان جماعات التمرد الكثيرة في السودان ستصعد هجماتها وتزعزع استقرار البلاد اذا ظل البشير في السلطة دون ان يبرئ نفسه. وقال البشير والاعضاء القياديون في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بشكل متكرر انهم لن يتعاملوا مع المحكمة الجنائية الدولية ويرفضون دورها بوصفه جزءا من مؤامرة غربية.

وقال الترابي انه لا يعتقد ان الخرطوم باشرت عمدا حملة ابادة جماعية كما تقول واشنطن وبعض النشطاء لكنها جندت البدو العرب الذين يطلق عليهم الجنجويد وهؤلاء الناس تصرفوا بتلك الطريقة. وأضاف انهم عندما كانوا يحرقون قرية كانوا يحرقون كل الصبية ويقتلون كل الذكور وأن ذلك كان يتم بطريقة منهجية وليس في مجرد حالة او اثنتين. وقال الترابي انه لا يتوقع ان يأخذ البشير بنصيحته.

من جهته اتهم نائب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق محمد عطا بعض الأحزاب السياسية دون ان يسميها بالتحالف مع الدول الغربية لتأجيج نيران النزاعات بإقليم دارفور، ودعوتها للتوحد ضد نظام الإنقاذ الحاكم في الانتخابات المقبلة التي قال «بأنها ستكون لصالح المؤتمر الوطني»، مؤكداً ان هذه الدول في سباق مع الزمن لحصار البلاد واستهدافها عبر توظيف قضايانا واستخدامها كسلاح لتفكيك وحدة البلاد.

ودعا عطا لدى مخاطبته اللقاء التنويري حول الوضع السياسي الراهن بدار المؤتمر الوطني أمس لضرورة الوقوف ضد ما تحيكه هذه الدول من مؤامرات تستهدف وحدة البلاد، وقال إن السودان بعد صدور القرار (لن يكون كما كان)، وأن القوات المسلحة لم تكون أكثر استعداداً كما اليوم، واضاف (قواتنا مستعدة ليوم غدٍ وأن السودان سيظل بقيادة البشير).

من جانبه أكد أمين الاتصال السياسي بالمؤتمر الوطني د. مندور المهدي قيام الانتخابات في موعدها المحدد في يوليو المقبل، معتبراً اختيار البشير رئيساً للقمة الأفريقية الباسيفيكية بأنها رد على إدعاءات المحكمة الجنائية التي وصفها بالأداة لقهر المستضعين وقال نحن (لا نعترف بها ولن نتعامل معها)، وجدد مندور حرص ضربة على جمع الصف الوطني والدفع نحو تشكيل صميم قومي لمواجهة وإدارة ما أسماه بالمعركة بالتضامن مع كل القوى السياسية وحشد إمكانياتنا لعبور الأيام المقبلة.