رايس مدافعة عن سجلها: لولاي لم يكن القرار 1701 الخاص بلبنان

رفضت الحديث عن تفاصيل مكالمة بوش لها بعد اتصال أولمرت لمنعها من التصويت لصالح قرار غزة

TT

رفضت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية ما نقل إليها عن تصريح رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أخيرا، الذي قال فيه إن الولايات المتحدة لا يمكنها ببساطة الوفاء بتعهداتها، نظرا لرعايتها ومحاباتها لإسرائيل، مستشهدة بالنزاع الدبلوماسي الذي دار من أجل التصديق على قرار الأمم المتحدة رقم 1701، والذي أنهى حرب إسرائيل مع حزب الله عام 2006، والتي ألحقت دمارا كبيرا بلبنان . وقالت في مقابلة أجراها معها محررو وصحافيو واشنطن بوست «لولاي، لم يكن قرار 1701». وفي حوار دام على مدار 75 دقيقة، بدا فيه أن رايس غير راغبة في إنهائه، أوضحت رايس أنها تعد الساعات حتى حلول يوم 20 يناير (كانون الثاني)، موعد رحيل الإدارة الحالية، وتولي إدارة باراك أوباما المسؤولية، إلا أنها تنازلت قليلا عن مساحة قليلة من دفاعها عن سجلها، أو أداء الإدارة على مدار السنوات الثماني المنصرمة. فبعد إمطارها بوابل من الأسئلة بشأن الندم والأسف، قالت مازحة «ألن تقولوا: ألم يسرّك أن.....؟»، وأوضحت، وهي تقرع المنضدة على سبيل التأكيد، أن الأكثر أهمية من عمليات الجدل الحالية، هو كيف ستبدو القرارات بعد فترة الـ 25- 30 عاما، بداية من الآن، وشرحت قائلة «إذا ما انهمكت في التركيز فيما إذا كان شخص ما يعتقد أن سياساتك رائجة شعبيا أم لا، فلن تقوم بعمل الصواب». وأوضحت أن العراق باتت تعطي أمارات وعلامات بأنها أصبحت دولة شاملة، حتى إنها أعلنت أن «الكريسماس عطلة قومية». وقالت رايس إنه إذا ما بزغت الدولة فعليا، على أنها دولة ديمقراطية، ومتعددة العرقيات، ولديها روابط واتصالات جيدة مع الولايات المتحدة، «فإن هذا أهم بكثير مما دار بخلد أي شخص في عام 2002 أو 2003». واستطردت رايس «ليس معنى هذا القول أن هذا الأمر لم يتحقق بثمن باهظ، فدائما ما يخطر على بالي الأرواح التي فقدت، وسأفكر دائما في الأشخاص الذين زرتهم في والتر ريد، أو بيثيسدا، وكيف كانت أرواحهم، إلا أنني أعلم جيدا أنه لا شيء قيم يتم نيله بدون تضحية». وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، أوضحت رايس أن إدارة الرئيس جورج بوش قامت بخطوات لا يمكن تقديرها، بشأن القضاء على برنامج الأسلحة النووية الخاص بها. فعندما تولى الرئيس بوش منصبه، كان مفاعل البلاتينيوم النووي متجمدا فعليا، كما كان يخضع 8000 قضيب وقود مستنفد للإشراف الدولي. وبعد نشوب خلاف مع إدارة بوش، استأنفت كوريا الشمالية العمل في مفاعلها النووي، وعالجت الوقود المستنفد إلى مواد تستخدم في إنتاج الأسلحة النووية، بل إنها قامت بتجريب إحدى تلك الأسلحة في عام 2006. وأفادت رايس أن الأمور تحولت إلى الأفضل، قائلة «نعم، من سوء الحظ أن تلك (المواد) أعيدت معالجتها في تلك الفترة من الوقت، مما أوجد مخزونا من البلاتينيوم، ومع ذلك، وبالنظر إلى البرنامج حاليا.. أعتقد أنه بمثابة تطور جيد للغاية، نظرا إلى أن دول المنطقة قد انضمت مع بعضها البعض في عملية دبلوماسية لإقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن عزمها على تصنيع الأسلحة النووية». وحتى في أيامها الأخيرة في المنصب، اضطرت رايس إلى التعامل مع الحرب في غزة، والجدل المحيط بالامتناع عن التصويت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، الذي يقضي بإيقاف إطلاق النار. وقد فاجأت عملية الامتناع عن التصويت الكثير من المراقبين، على أساس أن رايس أمضت 3 أيام في نيويورك للعمل على صياغة هذا القرار. وصرح إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه تدخل لإقناع واشنطن بالامتناع عن التصويت على التصويت، و قال في خطاب له إنه قاطع الرئيس الأميركي خلال إدلائه خطابا، وطالبه بعدم تصويت الولايات المتحدة لصالح قرار وقف إطلاق النار، حيث قال «قلت، صلني بالرئيس بوش على الهاتف». وأضاف أولمرت أن بوش اتصل برايس، وأخبرها بالأمر «وكانت محرجة إلى حد ما». قال أولمرت في خطابه أول من أمس إنه اتصل ببوش قبل 10 دقائق من التصويت «حينها رأينا وزيرة الخارجية الأميركية، لأسباب لا نفهمها، تريد التصويت لصالح القرار، وعندما اتصلت قالوا لي: الرئيس في فيلادلفيا يلقي خطابا، فقلت: لا يهمني ذلك. أريد التحدث معه الآن». ووصف أولمرت بوش بأنه «صديق لا يضاهى».

وأحجمت رايس، التي قالت أن عملية التصويت لم تكن «بالقرار اليسير، إلا أنه كان صحيحا»، عن مناقشة الحوار الذي دار بينها وبين الرئيس، حيث قالت «لن أتحدث عن أي شيء أكثر مما قلته، فيما عدا اعتقادي أنكم تعلمون علاقتي مع الرئيس، فأنا أحظى بعلاقة معه، تسمح لنا بأن نناقش تلك الأمور؛ والتوصل إلى القرار الصائب». وامتدحت رايس، التي ستعود من جديد إلى جامعة ستانفورد، وستتجه إلى تأليف الكتب، ومنها كتاب عن أبويها، الرئيس المنتخب باراك أوباما، وأشارت إلى أنها متأثرة للغاية بأدائه في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وقالت «كان، من البداية، من النوع الذي يطالب بالتحقيق في الاستجوابات، وكانت استجوابات جيدة، بدون هجوم عنيف.. وكان يتحسس المعلومات، ولا يتحدث أمام الكاميرا.. وهذه الصفات والمزايا تبشر بالخير». لكن الولايات المتحدة نفت أمس أن تكون المكالمة الهاتفية التي أجراها أولمرت قد أجبرت رايس على عدم التصويت لصالح قرار مجلس الأمن 1860 الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزة. وقال البيت الأبيض أمس، في إشارة إلى كلام أولمرت، إن ما قيل لم يكن دقيقا. كما قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية شين ماكورماك، الذي كان مع رايس خلال مداولات مجلس الأمن «إن ملاحظات أولمرت ليست صحيحة مائة في المائة»، لكنه قال إنه «لا توجد خطط الآن لطلب توضيحات من إسرائيل».

*خدمة واشنطن بوست خاص بـ («الشرق الأوسط»)