صواريخ طائرات الاستطلاع رأس حربة في غزة

معظم ضحاياها من المدنيين

جندي اسرائيلي جريح في طريقه الى مستشفى في بئر السبع امس (رويترز)
TT

في الوقت الذي كانت تسمع فيه الانفجارات في معظم مناطق قطاع غزة، كان الهدوء يخيم على منطقة أبو سويرح، غرب مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، وهي منطقة زراعية تكثر فيها كروم العنب التي تسبح على مساحة واسعة من الأرض الرملية. عند طرف أحد الكروم، وعلى مساحة مستوية من الأرض، اعتاد عدد من الفتيان في المنطقة التجمع بعد ظهر كل يوم ولعب كرة القدم. قبل عدة أيام وبينما كان الأطفال يلعبون قذف أحد الفتيان الكرة بعيداً فوقعت في كرم العنب، فتدافع كل من محمد عليان وسياح أبو سويرح، 15 عاماً، لإرجاعها للملعب، وبينما كان الاثنان يتنافسان على التقاط الكرة، فإذا بطائرة استطلاع بدون طيار إسرائيلية كانت تحلق فوق المنطقة وتطلق صاروخاً صوب الاثنين، فيفصل الصاروخ رأس محمد عن جسده، بينما يصاب سياح إصابة بالغة في رأسه، لدرجة أن جزءاً من مخه اندفع للخارج. وبعدما نقل الى مستشفى «شهداء الأقصى»، القريب من المكان تقرر نقله لتلقي العلاج للخارج بسبب وضعه الصعب جداً، وبالفعل فقد تم تحويله لتلقي العلاج في احد المستشفيات في المملكة العربية السعودية.

وتشكل طائرات الاستطلاع بدون طيار (درون) التي يكثر الجيش الإسرائيلي من استخدامها في عدوانه المتواصل على قطاع غزة تشكل أحد الكوابيس التي تؤرق نوم المدنيين الفلسطينيين. وإن كان الجيش الإسرائيلي يدعي أنه يستخدم هذا النوع من الطائرات في الهجوم قبيل وبعيد اطلاق القذائف الصاروخية على البلدات الاسرائيلية، فإنه يتضح أن معظم ضحايا هذه الطائرة التي يطلق عليها الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية «الزنانة» هم المدنيون على وجه الخصوص. وكان أحد المزارعين الذين يقطنون شرق مخيم البريج، وسط القطاع، عائداً من حقله يوم الجمعة الماضي، وعندما طرق البيت وخرجت زوجته لتفتح الباب، فإذا بطائرة استطلاع تطلق صاروخاً فيصيب الجزءين العلويين من جسديهما، فيقتلان على الفور. ما حدث لهذا المزارع وزوجته أدلى بتفاصيله لـ«الشرق الاوسط» أطباء وممرضون في مستشفى «شهداء الأقصى»، الذي استقبل جثمانيهما. واكد نبيل أبو سمحة أحد الممرضين الذين يعملون في هذا المستشفى لـ«الشرق الاوسط» أنه من خلال معاينة حالات القتلى والجرحى الذين يصلون الى المستشفى يتبين أن هذه طائرات الاستطلاع تطلق صواريخها بحيث تصيب الجزء العلوي من الجسم.

وتقوم وحدة في سلاح الجو الإسرائيلي بالتحكم بطائرات الاستطلاع من قاعدة تقع في محيط مدينة سديروت، التي تقع على مسافة 7 كيلومترات شمال شرقي مدينة غزة. ويوجه طاقم التحكم في الطائرة، فوق منطقة ترى المخابرات الإسرائيلية أنها تستخدم في إطلاق القذائف الصاروخية على إسرائيل، أو فوق مناطق يفترض أن تنتشر فيها مواقع المقاومين أو فوق منطقة يتواجد فيها بعض المطلوبين المرشحين للتصفية من قبل المخابرات الإسرائيلية. وعندما تظهر صورة الشخص المستهدف على شاشات بلازما ضخمة في قاعدة التحكم، تصدر التعليمات للطائرة بإطلاق صاروخ أو أكثر صوب الهدف. لكن يتضح مما سبق أن كثيراً من الذين يقضون في قصف هذه الطائرات لا علاقة لهم بما يحدث في غزة. وإلى جانب عمليات التصفية والاغتيال، فإن هذه الطائرة باتت تعتبر أحد مصادر المعلومات الاستخبارية للقوات المتوغلة في الأراضي الفلسطينية. ولذا فإنه حسب الخطة التي أقرتها هيئة أركان الجيش الاسرائيلي مؤخراً، فقد تقرر أن يتم تخصيص طائرة استطلاع لكل كتيبة في سلاح المشاة، أي أن لواء من المشاة مكونا من خمس كتائب يكون في خدمته خمس من طائرات الاستطلاع. واكدت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الشرق الاوسط» أن طائرات الاستطلاع باتت تشكل «رأس الحربة» التي يعتمد عليها الجيش الاسرائيلي في مواجهة الشعب الفلسطيني.