حرب تشتعل في ساحات الدفاع عن حقوق الإنسان بين إسرائيل والفلسطينيين

«بيتسليم» تتهم الجيش بقتل فلسطينيين رفعوا الرايات البيضاء

TT

مع تزايد الأنباء عن قرب انتهاء الحرب الدامية في قطاع غزة والتوصل لاتفاق وقف النار، تشتعل حرب من نوع آخر بين إسرائيل والفلسطينيين حول الدوس الفظ على حقوق الانسان. فبالاضافة الى مناقشة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الموضوع خلال أيام، وما عرضته مؤسسات حقوق الانسان الدولية من تقارير عن قيام اسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، ردت اسرائيل بعرض تقرير عما سمته «التفريط الفظ بحقوق الانسان الفلسطيني على أيدي رجالات حماس»، لكن منظمة إسرائيلية لحقوق الانسان اتهمت الجيش الاسرائيلي بقتل المدنيين وهم يرفعون الإعلام البيضاء، وعرضت تقريرا يدل على ان جنود الاحتلال قتلوا امرأة وهي ترفع العلم الأبيض.

وكانت إسرائيل قد بدأت الاستعداد لمواجهة حملة دولية ضد ممارساتها الوحشية ضد السكان المدنيين في قطاع غزة منذ الأيام الأولى لعدوانها. ولكنها فوجئت بقوة هذه الحملة وتنوع الجهات الواقفة وراءها، بل صدمت من قيام تسع منظمات لحقوق الانسان تعمل في اسرائيل، سبع منها يهودية أو يهودية عربية، وتساعد المنظمات الدولية في سعيها لإعداد لوائح اتهام لمحاكمة مسؤولين سياسيين وعسكريين لمسؤوليتهم عن ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان على قطاع غزة.

واعلن مبعوث الأمم المتحدة لمتابعة شؤون حقوق الانسان في الشرق الأوسط، ريتشارد فولك، امس ان هناك شكوكا قوية جدا حول ارتكاب اسرائيل جرائم حرب في قطاع غزة وانه يتوقع أن تصدر الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها القريبة قرارا بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، مثل لجنة التحقيق التي عملت في حرب البلقان وعلى اثر نشاطها جرت وتجري حتى اليوم محاكمات لقادة صربيا على جرائمهم.

ومن الواضح ان ضخامة الحملة الدولية ضد تلك الجرائم في غزة، بدأت تثير قلقا شديدا في اسرائيل، ليس فقط على صعيد الحكومة بل على صعيد القادة العسكريين والسياسيين أيضا. وأقامت وزارة العدل الاسرائيلية طواقم من كبار المحامين لمرافقة ضباط الجيش في الحرب وتقديم النصح والاستشارة. وفي الوقت نفسه تحاول اسرائيل الرد بحملة شبيهة ضد «حماس» بأنها تدوس حقوق الانسان الفلسطيني وتستخدم الفلسطينيين درعا بشريا واقيا لها خلال الحرب، وهذا هو سبب سقوط مدنيين فلسطينيين في الحرب.

وفي هذا الاطار سلمت مندوبة اسرائيل الدائمة في الأمم المتحدة، البروفسورة جبرئيلا شليف، أمس، تقريرا الى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والى المندوب الفرنسي الذي يرئس مجلس الأمن الدولي، حاليا، جان موريس فيبر، يحتوي على شهادات ووثائق تدل على ان «حماس»، في اطار خطتها لنصب الكمائن ضد الجيش الاسرائيلي، فخخت الكثير من البيوت الفلسطينية من دون أن تسمح لسكانها بمغادرتها وفخخت مدارس وأطلقت الصواريخ باتجاه المدنيين الاسرائيليين في بلدات الجنوب من داخل ساحات بيوت ومدارس وان رجال «حماس» يسرقون المساعدات التي ترسلها اسرائيل الى القطاع ويتاجرون بها ويبيعونها للسكان بأسعار عالية وقد أعدموا خلال الحرب عشرات الأشخاص من خصومهم السياسيين أو من السكان العاديين الذين رفضوا التسليم بأوامرهم خلال الحرب.

ووضعت اسرائيل خطة جديدة لزيادة المساعدات الانسانية لقطاع غزة بهدف امتصاص الحملة للاتهامات الموجهة ضدها. وعين وزير العمل والرفاه، يتسحاق هيرتسوغ، أمس، رئيسا للطاقم الوزاري الذي سينظم هذه الحملة فورا خلال الحرب ويستمر فيها بعد الحرب. وفي هذا الاطار تنوي اسرائيل اقامة مستشفى متنقل لمعالجة جرحى الحرب، الذين يستعصى على مستشفيات غزة علاجهم. وستنظم بالتنسيق مع مؤسسات الأمم المتحدة حملة اغاثة للاجئين الفلسطينيين الجدد، الذين أجبروا على ترك بيوتهم خلال الحرب على القطاع، ويقدر عددهم بحوالي 50 ألفا.

بيد ان استمرار العمليات الحربية العدوانية يتسبب في المزيد والمزيد من الضحايا البشرية في صفوف الفلسطينيين. وحسب احصائيات الأمم المتحدة هنالك 976 قتيلا فلسطينيا منهم 311 طفلا و76 امرأة، فيما وصل عدد الجرحى الى 4418 منهم 1549 طفلا و 652 امرأة. وبين القتلى 13 عنصرا من الطواقم الطبية الذين قتلوا وهم يحاولون انقاذ الجرحى. وهناك مئات الجرحى ممن أصيبوا بحروق من مادة الفسفور التي تنفلت من القنابل والقذائف الاسرائيلية. ونشرت منظمة حقوق الانسان الاسرائيلية «بتسيلم»، أمس، تقريرا اتهمت فيه الجيش الاسرائيلي بقتل مواطنين فلسطينيين مدنيين بعد أن رفعوا الأعلام البيضاء، وهو أمر يعتبر من أخطر ممارسات خرق حقوق الانسان والاتفاقيات الدولية الخاصة بالحروب. ومن بين الحالات التي يشير اليها التقرير، قتل السيدة روحية النجار، 50 عاما، التي خرجت من بيت أقارب احتمت به وأطفالها وهي تحمل حراما أبيض اللون وتلوح فيه بكل الاتجاهات فأطلق جندي اسرائيلي النار على رأسها وعندما وصل طاقم إسعاف بعد خمس دقائق لعلاجها، منعه الجنود من الاقتراب اليها طيلة 12 ساعة. وهناك عملية مشابهة وقعت مع 30 فلسطينيا في حي الخزاعة رفعوا العلم الأبيض وأطلقت عليهم نار كثيفة فقتل بينهم مسن في الثمانين من العمر ورجل في الرابعة والخمسين وشاب في الخامسة والعشرين.