الكاتيوشا المجهولة الهوية تعاود الانطلاق من الجنوب وتحرك إجماعا على رفض توريط لبنان بحرب جديدة

رسالة إسرائيلية تحذر حزب الله والقاعدة والقيادة العامة من إطلاق الصواريخ

TT

عادت أمس صواريخ الكاتيوشا المجهولة الهوية الى واجهة الاحداث اللبنانية، لتنطلق هذه المرة من منطقة العرقوب في الجنوب باتجاه شمال اسرائيل. الرد الاسرائيلي لم يتأخر، فقد سجل تحليق كثيف للطيران الحربي الاسرائيلي على طول المنطقة الحدودية الممتدة من رأس الناقورة، حتى منطقة بنت جبيل. كما سجل اطلاق قذائف اسرائيلية على المواقع التي انطلقت منها الصواريخ وعددها اربعة. الا ان حجم القصف الاسرائيلي بقي متناسبا مع قدرة الكاتيوشا ومفعولها، بحيث لم يسجل وقوع إصابات. لكنه اقترن بتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية حفظ الامن في المنطقة الحدودية. كذلك ورد على أحد المواقع الالكترونية ان جهات اسرائيلية اخترقت شبكة الاتصالات اللبنانية لتوجه إلى المواطنين رسائل قصيرة مسجلة على هواتفهم الخليوية موقعة باسم دولة إسرائيل جاء فيها: «انتم تعرفون قوة إسرائيل. إن إطلاق الصواريخ من لبنان من قبل حزب الله والقاعدة والقيادة العامة، سيأتي عليكم بالويلات كما في السابق . ندعوكم الى عدم السماح لهؤلاء بإطلاق الصواريخ بين منازلهم كما حدث اليوم». وكان اللبنانيون قد عاشوا في الثامن من الشهر الحالي اجواء رعب من اندلاع المعارك في الجنوب عقب اطلاق ثلاثة صواريخ كاتيوشا لم تتمكن القوى الامنية من تحديد مصدرها وهوية مطلقيها، فيما افاد مراسل «الشرق الاوسط» في تل ابيب ان اهالي بلدة قريات شمونة وبقية بلدات الشمال الاسرائيلي نزلوا امس الى الملاجئ في اعقاب سقوط ثلاثة صواريخ كاتيوشا على المنطقة.

وأوضح المراسل انه رغم ان الصواريخ لم تلحق أي أذى بين المواطنين فقد ردت عليها إسرائيل بقصف صاروخي «محدود» واعتبرت أن الحادثة فردية لا تستحق تغيير قواعد اللعبة لان «حزب الله» اعلن تنصله منها والحكومة اللبنانية اكدت ان اللبنانيين غير معنيين بفتح جبهة جديدة على اسرائيل. الا ان الجديد في صواريخ الامس، لبنانيا، هو انتقالها من الناقورة الى احراج قرى العرقوب حيث الكثافة السكانية «السنية» وحيث المقر السابق لـ«فتح لاند» (الجناح العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية) قبل العام 1982. والجديد ايضا كان العثور على صاروخين منفجرين اطلقا من وادي الهبارية، فسقطا قرب شلالات الماري باتجاه قرية عين عرب الحدودية ومن ثم العثور على ثلاثة صواريخ معدة للاطلاق بعد ساعة ومفخخة بمادة «تي. أن. تي» إضافة الى منصتي اطلاق خشبيتين.

الصواريخ المفخخة كانت في قعر واد يقع في خراج قرية الهبارية، أي في منطقة غير مأهولة وتحتاج إلى أكثر من ربع ساعة سيرا على الاقدام للوصول اليها، نظرا لوعورتها . كما انها مصنفة ارضا مزروعة بالقنابل العنقودية. وبالتالي لن يدخلها إلا من يعرفها جيدا، فلا طرق معبدة تقود اليها. وفور العثور على هذه الصواريخ حضر الخبير العسكري الى المكان وعمل على تعطيلها رغم خطورتها تمهيدا لتفجيرها لاحقا. فيما أعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني المباشرة بإجراء التحقيق اللازم لتحديد هوية الفاعلين وملاحقتهم وتعزيز تدابيرها الدفاعية، وقامت بالتعاون مع قوات الامم المتحدة المؤقتة في لبنان بتسيير الدوريات للتأكد من سلامة المواطنين وطمأنتهم. كما سارع قائد الجيش العماد جان قهوجي، الى تفقد الوحدات العسكرية المنتشرة جنوب الليطاني، وأعطى التوجيهات اللازمة، ودعا الى البقاء في جهوزية تامة للدفاع عن الارض وتعزيز صمود المواطنين فيها. واكد ان «الجيش لن يتوانى عن بذل أقصى التضحيات في حال حصول أي عدوان إسرائيلي على لبنان» وأن «لبنان ملتزم القرارات الدولية ويدعو الى التقيد ببنودها كافة والى تطبيقها من الجميع» وان «التعاون كامل مع القوات الدولية المؤقتة العاملة في جنوب لبنان». اما الناطقة باسم القوات الدولية (يونيفيل) ياسمينا بو زايان قد صرحت بأن قائد هذه القوات الجنرال كلاوديو غراتسيانو على اتصال بقائد الجيش اللبناني وبالجيش الاسرائيلي. وهو يحض على التزام أقصى درجات ضبط النفس ويعمل مع الطرفين من اجل الحفاظ على وقف الاعمال العدائية. وسارعت الحكومة اللبنانية إلى إدانة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان. وقد تابع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الوضع وبقي على تشاور مستمر مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وأجرى لهذه الغاية اتصالات شملت وزير الدفاع الياس المر والعماد قهوجي والجنرال غراتسيانو، واطلع منهم على التطورات. وأدان وزير الإعلام طارق متري، بعد اجتماعه بالسنيورة، اطلاق الكاتيوشا. وقال انه «يؤذي المصلحة الوطنية والإجماع اللبناني. وهناك من يحاول توريط لبنان ناقلا صواريخ من منطقة إلى منطقة في الجنوب، لكن تمسك اللبنانيين بإجماعهم الوطني ويقظة الجيش والقوات الدولية من شأنهما ان يحولا دون تكرار عملية كهذه». ونفى ان يكون التحقيق قد توصل الى أي نتيجة بشأن صواريخ الاسبوع الماضي. كما قال ان «حزب الله» «هو جزء من هذا الإجماع على رفض جر لبنان وإعطاء إسرائيل أي ذريعة. ولم يتغير شيء على الإطلاق على هذا الصعيد». من جهته أعلن عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» الوزير محمد فنيش لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في تعليق على إطلاق الصواريخ من الجنوب، أن «موقف حزب الله لم يتغير وهو الموقف الذي قلناه سابقا» مشيرا الى ان «الحكومة كان موقفها واضحا ولم يتغير. وموقفنا مثل موقف الحكومة». وردا على سؤال عن الجهة المسؤولة عن اطلاق الصواريخ، أفاد فنيش أنه غير مطلع على من قام بهذا الامر.

وأسف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لإطلاق الصواريخ. وأمل في أن يبقى هذا الحادث في الاطار الفردي. واعتبر النائب في كتلة «التنمية والتحرير» علي عسيران «ان تكرار اطلاق الصواريخ من الاراضي اللبنانية على مناطق في شمال فلسطين المحتلة يعود بالضرر على لبنان والقضية الفلسطينية». وأدانت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» في بيان «المحاولات المتكررة لإعطاء إسرائيل ذريعة لتجديد عدوانها على لبنان»، وأثنت «على موقف الدولة من مسألة السلاح خارج المخيمات لأن هذه المسألة تشكل ثغرة استراتيجية يستخدمها كل من يريد زج لبنان في مغامرة خطيرة وأنه أصبح من الضروري الإسراع في حسمها وفقا لما قررته طاولة الحوار بإجماع الأطراف اللبنانية كافة». 1