أمين عام رابطة العالم الإسلامي: لا بد من أنظمة رادعة في الدول الإسلامية لمحوّري الفتاوى

قال إن الفتاوى المتطرفة في المواقع الإلكترونية ناجمة عن «الخلخلة الفكرية»

TT

أكد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها، يقع ضمن دائرة الاهتمامات الخاصة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «كونه يدرك أهمية الفتوى والمفتين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي». وأضاف الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي «خادم الحرمين الشريفين حريص كل الحرص على أن يتم اجتماع المفتين، لتدارس ما يتعلق بالفتوى، والنظر في السلبيات التي تواجه الفتوى على مستوى المؤسسات والأفراد، والآثار التي تنتج فيما يتعلق بالفتاوى، خاصة ما يعرض منها في وسائل الإعلام، حيث إن ما يعرض في وسائل الإعلام يؤثر على المجتمعات، فهو يحدث ثقافة ورأيا عاما».

وأوضح التركي أنه لا بد من وجود أنظمة لدى الدول الإسلامية تردع محوري الفتاوى، معتبرا أن الحل في الحد من ظاهرة التحوير ترتبط بالعلماء الذين يجب أن يرفضوا الإفتاء في القضايا العامة للمجتمعات الإسلامية بشكل منفرد، وترك تلك المواضيع للهيئات والمجمعات الفقهية الإسلامية لإصدار فتوى جماعية.

وعلى الرغم من وصف الدكتور التركي، خلال المؤتمر الصحافي أمس، للحديث عن التحضيرات الجارية للمؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها، الذي ينطلق السبت، قضية التحوير بأنها من «المشكلات الحقيقية»، لكنه استبعد إمكانية تطبيق عقوبات رادعة من حكومات الدول الإسلامية على من يروجونها، بسبب أن معظم أنظمة الحكم المتبعة في هذه البلدان لا تطبق الشريعة الإسلامية.

وكشف الدكتور التركي أن أحداث غزة الجارية ستكون حاضرة في جدول أعمال ومناقشات العلماء المشاركين في المؤتمر، معتبرا أن انحياز الدول الكبرى مع إسرائيل، وهي ترتكب الجرائم الفظيعة على أرض فلسطين، يعود إلى المستهدف من خوض تلك المعارك، حيث إن المستهدف في الأصل ليس أبناء غزة، بل الأمة العربية والإسلامية بأكملها، فالقضية مرتبطة بالنظرة العالمية لتلك الدول والشعوب ضد الإسلام.

وأرجع الدكتور التركي الفتاوى الصادرة من الجماعات المتطرفة في المواقع الإلكترونية، إلى ما وصفها بـ «الخلخلة الفكرية» داخل الأمة الإسلامية، مؤكدا أن ضمن هذه الخلخلة الرؤية غير الصحيحة المتوفرة لدى المتطرفين.

وضمن السياق أيضا قال الأمين العام «المتطرفون نشأوا من خلال رؤية غير صحيحة، الأمر الذي جعلهم يتجهون للقضايا التي فيها تطرف وتشدد وبعد عن الحقيقة، وبالتالي هم الآن يعبرون عن رأيهم ويرونه الطريق الصحيح، وهذا يعود إلى وجود نقص ثقافي في التوعية لدى الناس عامة، والعلماء والدعاة أنفسهم». وأضاف «فلو كان العلماء وصلوا إلى ما دون الكمال على أقل تقدير لما ظهرت تلك المشكلات».

وبين الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن مجال الفتوى يواجه تحويرا بالشكل الذي يخدم أهواء ومصالح السائل والمستفيد منها، مضيفا «وضع المسلمين في الحاضر خلاف ما كان عليه في الماضي، من ناحية المستوى الثقافي والديني والعلمي والاجتماعي، وأنني لا أريد أن أقول إن من يدخل في مجال الفتوى ليس مقصده الدين، فالتقوى والخشية من الله أصبحت ضعيفة في الوقت الراهن، والعالم في الماضي كان يتغير لون وجهه عندما يسأل خوفا من الله تعالي عند محاولته الإجابة، كما أنه كان يتمنى أن السائل لا يسأله».

وأوضح الدكتور التركي أن من أهداف المؤتمر، توفير مفتين مؤهلين في بعض البلدان الإسلامية وغير الإسلامية التي تشكو من قلة المفتين لديها.

وأضاف «أتمنى تضافر الجهود الرسمية مع رأي العلماء، فيما يتعلق بتحديد مجالات الفتوى، حيث إن الفتوى العامة يجب أن تصدر من جهة عامة، خلاف الفتوى الفردية التي يمكن لأي جهة إصدارها على حدة، مستدركا أن الفتوى الاجتهادية لا يمكن أن تحصر تحت مظلة واحدة، فهناك خلاف قد يرجع سببه لأعراف الناس وعاداتهم والأمر السائد فيهم».

وأشار التركي إلى أن هناك من الناس من يحاول افتعال الإثارة، عندما يطرح السؤال على من تصدى للفتوى «وهناك من تجرأ في التشكيك في بعض العلماء ونقد بعض الفتاوى التي صدرت، وهم في واقع الحال ليسوا مؤهلين للأمر بشكل كامل، حيث إن محاولة افتعال الإثارة في الأسئلة الشرعية أمر غير جائز».

وقال «إن من يبحث في مستوى تأهيل أساتذة كليات الشريعة والمعاهد المتخصصة الباحثين في القضايا الشرعية يجد أنهم يخضعون لشروط قاسية، ومنها معرفة القرآن الكريم والسنة النبوية والفقه الإسلامي بما فيه من اختلاف بين العلماء، وكذلك معرفتهم باللغة العربية وقواعدها، وهناك قلة من الذين يمارسون تقديم الفتاوى للناس يجيدون اللغة العربية».

وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي على خطورة مسألة الفتوى في الشريعة الإسلامية ولدى المسلمين، مستدلا في قوله على حرص العلماء في الماضي على تحري المصداقية في كافة جوانب الموضوع قبل إصدار الفتوى، مضيفا «في الفترة الأخيرة، وفي حالات ضعف المسلمين، كثر من يتصدى للفتوى ممن ليس بأهل لها عبر القنوات الفضائية والوسائل الأخرى».

واسترسل الدكتور التركي قائلا «وهناك من يقومون بالإجابة عن الأسئلة التي يوجهها الناس لهم وكأنه يجيب على مجرد سؤال، بينما واقع الحال يؤكد أنها فتوى وهي ذريعة تتخذ كفتوى مقدمة للحكم الشرعي في المسألة».

ورأى أن المسائل التي تتم الإجابة عنها بشكل مباشر في القنوات الفضائية أو الإذاعة، تكتنفها مشاكل كثيرة؛ لعدم وجود الفرصة أمام المسؤول لأن يستشير وينظر في المسألة بشكل متكامل.

وأشار، إلى أن الاستعدادات لإقامة المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها، بدأت منذ ثلاث سنوات، وكذلك إلى أن العلماء الحاضرين سيناقشون أكثر من 40 بحثا ضمن الجلسات التي ستتناول ثمانية محاور رئيسية.