3 ناطقين رسميين أميركيين ودبلوماسيون يهود يصفون أولمرت بالوقاحة

في وداع الرئيس بوش أزمة في العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية

TT

أكد عدد من الدبلوماسيين الأميركيين والخبراء الإسرائيليين ان أزمة دبلوماسية تسود العلاقات بين الحكومة الاسرائيلية والادارة الأميركية في الأيام الأخيرة، على خلفية تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، والتي وصفها الناطقون الرسميون في واشنطن بأنها «كاذبة ووقحة». ولكنهم أكدوا أن هذه الأزمة تدور في محيط العلاقات الشخصية ولن تلحق ضررا في هذه المرحلة بالعلاقات بين البلدين. وتعود هذه الأزمة الى الجهود التي بذلت لإجهاض قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860، الداعي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ففي حينه، حاولت اسرائيل إقناع الادارة الأميركية باستعمال حق النقض (الفيتو) لمنع صدور القرار. وعندما فشلت حاولت ثني الولايات المتحدة عن تأييده. وانتهت القضية بصدور القرار وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت عليه. وحسب البروفسور ايتمار رابينوفتش، السفير الاسرائيلي الأسبق لدى الولايات المتحدة، فإنه كان من الممكن أن تنتهي القضية عند هذا الحد، لولا أن القادة السياسيين في اسرائيل مصابون بمرض «الثرثرة التبجحية». فقد هرعت وزيرة الخارجية الاسرائيلية، تسيبي ليفني، الى الإذاعة العبرية الرسمية في القدس تتحدث عن بطولاتها والجهود الخارقة التي بذلتها لكي تثني الادارة الأميركية عن قرارها التصويت الى جانب القرار. وحرص رجالها على التسريب للصحف ان ليفني اتصلت بوزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، سبع مرات خلال يوم واحد، وان الحديث بينهما تصاعد نحو الصراخ عدة مرات. وان ليفني لم تهدأ إلا بعد أن أقنعت رايس بموقفها. وهنا ثارت ثائرة رئيس الوزراء، أولمرت، الذي اعتبر كلام ليفني تشويها للواقع وإجحافا بحقه. وفي أول مناسبة أتيح له فيها الكلام مع الجمهور، قال انه هو الذي نجح في تغيير القرار الأميركي. وزاد أولمرت في التبجح، حين روى لرؤساء البلديات في الجنوب، على خلفية دوي مدافع القصف الاسرائيلية على غزة، انه لما وصله النبأ بأن مجلس الأمن الدولي سيجتمع بعد عشر دقائق للتصويت على القرار، هب من فراشه (في الساعة الثانية فجراً) واتصل بالرئيس جورج بوش. وحاول أولمرت إضفاء الروح الدرامية على هذه الرواية، فقال إن بوش كان ساعتئذ يلقي محاضرة أمام الجمهور وأجابه مساعدوه بأنه من غير الممكن الحديث معه، فرد عليهم قائلا: «لا يهمني، أريد أن أكلمه الآن». فرضخوا لعناده وقطعوا محاضرة بوش، فقلت له (الكلام لاولمرت): «لا يعقل ان تصوت أميركا مع قرار ضد اسرائيل، وهي تحارب الارهاب الفلسطيني في غزة». فاستجاب بوش وأعطى أوامره لوزيرة الخارجية. وتلقت هي الأمر مخزية، كونها عملت على اعداده وحاولت اقناع أعضاء مجلس الأمن الآخرين بصحته واضطرت للتصويت بشكل مخالف له. وغيرت موقفها وامتنعت عن التصويت.

وحسب مصادر في المنظمات اليهودية بواشنطن، تركت أقوال أولمرت أثراً سيئاً ليس فقط لدى رايس، بل لدى بوش نفسه، الذي ظهر في هذه الرواية وكأنه موظف عند أولمرت. فأرسل ثلاثة ناطقين رسميين أميركيين (باسم البيت الأبيض وباسم مجلس الأمن القومي وباسم وزارة الخارجية)، يفندون الرواية، ويؤكدون ان رايس كانت منذ البداية قد خططت للامتناع عن التصويت، وانها كانت تفاوض من أجل تليين القرار. وان ما قاله أولمرت غير صحيح بتاتا.

وقال رابينوفتش ان استخدام هذه اللهجة التي تبين أولمرت كاذبا هو اجراء دبلوماسي خطير لم تشهد العلاقات الأميركية ـ الاسرائيلية مثيلا له، فيما قال الخبير بالشؤون الأميركية، البروفسور بئيري روبين، ان أولمرت قصد ليس فقط الرد على ليفني، بل الظهور بالضبط كما فهم الأميركيون انه ذو نفوذ كبير في واشنطن، وهذا ما ضايقهم حيث ان «الأميركيين لا يمانعون في وجود تأثير عليهم ممن هو حليفهم، ولكنهم لا يحبون أن يتبجح أحد بهذا التأثير خصوصاً بهذا الشكل الفظ». ولكن كلا الخبيرين أكدا ان الأزمة الدبلوماسية التي تسبب فيها أولمرت لن تؤثر على العلاقات في المدى البعيد، وكل ما في الأمر ان ادارة بوش أرادت تلقين اسرائيل درساً في العلاقات الرتيبة السليمة.