التونسيون يتقاسمون مع الغزيين رغيف الخبز

سفير بلادهم في فلسطين يتابع أخبارهم عن كثب

TT

لم تتمكن المواطنة التونسية ليلى العياري المقيمة في غزة تخفيف حالة الرعب التي تملكت طفلتها لانا ابنة العشرة أعوام إلا بعد أن أسمعتها عبر الهاتف صوت سفير بلادها أحمد الحباسي المقيم في رام الله الذي يتابع عن كثب مجريات الأحداث في غزة لتلبية احتياجات الجالية التونسية فيها من الغذاء والدعم النفسي بالإضافة لتأمين مساكن بديلة للعائلات التونسية التي قد يطالها القصف في مناطق الاشتباك. وتوجد المئات من المواطنات التونسيات اللواتي تزوجن من فلسطينيين خلال مرحلة وجود منظمة التحرير الفلسطينية في تونس وعدن بعد التوقيع على اتفاقية اوسلو مع ازواجهن وأولادهن التونسيين حسب القانون التونسي إلى الاراضى الفلسطينية، واصبحن جزءا من المجتمع الفلسطيني يعانين ما يعانيه الفلسطينيون من تنكيل وموت بات اخيرا يتهدد حياتهم بفعل القصف العشوائي الذي تتعرض له غزة منذ عشرين يوماً موقعا آلاف القتلى والجرحى في صفوف الفلسطينيين كان من بينهم مواطنة مغربية وأخرى كرواتية.

وتفتخر العياري كغيرها من المواطنات التونسيات بمشاركتها الفلسطينيين تلك المحنة رغم أنها تعترف بانها لم تر طيلة حياتها مثل مشاهد الموت والدمار الذي يحيط بها من كل حدب وصوب. وتقول ان اطفالها الاربعة يبيتون ليلتهم متلاصقين في زاوية صغيرة من زوايا البيت محتضنين بعضهم وهم يرتجفون خوفا من أصوات القصف الذي يهز أركان بيتها الكائن في تل الهوى على اطراف مدينة غزة الجنوبية الذي يتعرض منذ بضعة ايام لمحاولات الاقتحام الاسرائيلية.

ومع ذلك تقول «نخجل كتونسيين من أنفسنا في الخروج حاليا من غزة رغم ان بعضنا لا يخفي رغبته في الخروج منها بعد انتهاء هذه المحنة، حتى لا يعتقد أحد أننا تخلينا عن وطننا الثاني فلسطين في مثل هكذا محنة».

ولا يختلف موقف المواطنة العياري كثيراً عن موقف معظم الجالية التونسية بغزة والتي سارعت الدولة التونسية بتعزيز هذا الموقف من خلال سفيرها في فلسطين أحمد الحباسي الذي يتصل، حسب ما تؤكده العياري، عدة مرات يوميا بكل التونسيين الموجودين في غزة، بمن فيهم الاطفال، للاطمئنان على سلامتهم حاثا اياهم على الصمود والصبر ومؤازرة بعضهم واخوانهم الفلسطينيين. وأشارت المواطنة العياري الى أن سفير بلادهم أبلغهم بأن الرئيس زين العابدين بن على يتابع أخبارهم أولا بأول، وانه أصدر تعليمات مشددة له بتلبية كافة احتياجاتهم من غذاء ودواء ومسكن وأرسل طائرة من الادوية والمواد العذائية الى مطار العريش. واضافت أن الجالية تلقت امس مساعدات تموينية أرسلتها سفارة تونس في رام الله عبر منظمات دولية. وعن مدى تفاعلهم مع الفلسطينيين تقول العياري إن أبناء الجالية يحتفظون بصداقات قوية مع العائلات الفلسطينية وأنهم غالباً ما يتقاسمون معهم رغيف الخبز وما تيسر من مواد تموينية جنبا الى جنب مع الخوف من الصواريخ الاسرائيلية واضافت مبتسمة «لا تنس ان زوجي مناضل فلسطيني ونحن التونسيات نعتز بارتباطنا بمناضلين فلسطينيين وكنا نعرف مسبقا ضريبة مثل هذا الارتباط». ونفت العياري وقوع اي قتيل او جريح في صفوف الجالية التونسية بغزة وقالت «هناك أضرار مادية فقط أصابت عددا من بيوتنا تنحصر في تحطم زجاج بعض النوافذ وتصدع جدران عدد منها ولكن الحمد لله جميعنا بخير ونتواصل عبر الهاتف إلا اننا لا نتمكن في أحيان كثيرة من لقاء بعضنا البعض نظرا لخطورة التنقل من مكان لاخر نتيجة القصف وخطر التنقل».